كيف تساهم الأعشاب البحرية في الحد من تداعيات تغير المناخ؟
كيف تساهم الأعشاب البحرية في مواجهة تغير المناخ؟ أثبتت تلك النباتات البسيطة ومتعددة الاستخدام فعالية مدهشة في تخفيف تغير المناخ. خلصت دراسة أجرتها الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي إلى أن الطحالب الدقيقة التي تنمو عادة في المياه المالحة مثل البحار والمحيطات، فعالة بشكل لا يصدق في امتصاص ثاني أكسيد الكربون واستخدامه في النمو. تعتبر الأعشاب البحرية مستدامة بشكل خاص كونها منخفضة أو معدومة المدخلات لأنها لا تتطلب علفا أو سمادا أو مياها عذبة كي تنمو.
يمكن ملاحظة الأثر البيئي لتلك النباتات فوق وتحت الماء: بالإضافة إلى امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي والمساهمة في إنتاج الأكسجين على كوكب الأرض (يقدر العلماء أن 80% من إنتاج الأكسجين في العالم يأتي من المحيط)، فإن الأعشاب البحرية تتغذى على عناصر مثل الفوسفور والنيتروجين. تلعب تلك النباتات الدقيقة أيضا دورا مهما في الحفاظ على صحة النظم الإيكولوجية المائية، لأنها تحسن جودة المياه وتخلق موطنا لأنواع أخرى، طبقا للدراسة. تساعد الأعشاب البحرية أيضا في مقاومة فرط المغذيات أو التخثث، والتي تنجم عن زيادة المغذيات في المياه بشكل مفرط مما يؤدي إلى ظهور أنواع غير مرغوب فيها، وذلك عن طريق استهلاك النيتروجين والفوسفور من الماء واستخدامها كمغذيات للنمو.
لا يتعلق الأمر فقط بما هو موجود في الهواء أو الماء، فالأعشاب البحرية متعددة الاستخدامات بدرجة كافية بحيث يمكن استخدامها كمواد تعبئة، على سبيل المثال، مما يجعلها بديلا قابلا للتطبيق للتعبئة البلاستيكية التي تستخدمها بعض الشركات. شهد الدفع في سبيل الابتعاد عن البلاستيك أحادي الاستخدام وإيجاد طرق لمعالجة التلوث الناجم عن البلاستيك، اكتشافات علمية مثل الاعتماد على الكائنات الحية الدقيقة للمساعدة في عملية إعادة تدوير البلاستيك.
يمكن استخدام الطحالب أيضا في إنتاج عدد من المنتجات التجارية في العديد من الصناعات. في الصناعات الدوائية على سبيل المثال، تستخدم الكاراجينان والألجين في المستحضرات الصيدلانية كمواد رابطة ومثبتات ومستحلبات ولإنشاء القوالب، كما أنها من بين المكونات المستخدمة في صناعة الأدوية الصلبة والسائلة، بالإضافة إلى منتجات العناية بالجروح. بدأت الأعشاب البحرية أيضا تشق طريقها إلى العيدد من مستحضرات التجميل مثل ماسكات الوجه والكريمات والشامبوهات، كما تستخدم أحيانا كسماد عضوي للنباتات.
وفوق كل ما سبق، تعد زراعة الأعشاب البحرية بسيطة نسبيا، وهو سبب آخر لازدهار زراعة الطحالب الكبيرة، فهي لا تتطلب مياها عذبة، ومن المزايا الأخرى حقيقة أن حصاد النباتات المائية لا يتطلب شيئا. وتحدثت الباحثة في الأعشاب البحرية ريهانا ريز مؤخرا إلى سي إن بي سي حول سهولة استزراع الطحالب الكبيرة. وتابعت: "إنها صناعة أصغر بكثير مما يمكن أن تصادفه… عندما تفكر في الزراعة، يتبادر إلى ذهنك الآلات الكبيرة، وتفكر في الحصاد الميكانيكي، وهو ما لا يتعلق نهائيا بزراعة الأعشاب البحرية".
بالنظر إلى كل هذه الفوائد، فليس من المفاجئ أن تنمو صناعة الأعشاب البحرية: حققت صناعة الأعشاب البحرية 14.7 مليار دولار مقدرة في قيمة البيع الأول في عام 2018، طبقا لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو). عالميا، كان هذا القطاع يتوسع بشكل كبير منذ عقود. وأوضح تقرير للفاو أن إنتاج الأعشاب البحرية قد قفز من 10.6 مليون طن في عام 2000 إلى 32.4 مليون طن في 2018.
بريطانيا والولايات المتحدة تلحقان بالركب: ذكرت تقارير أن المملكة المتحدة تكثف جهودها لحصاد الكنز المائي، بما في ذلك إطلاق أكاديمية الأعشاب البحرية مؤخرا، وهي أول منشأة متخصصة لصناعة الأعشاب البحرية في المملكة. تهدف الأكاديمية إلى تحفيز التسويق التجاري لقطاع الطحالب الكبيرة في بريطانيا وتعزيز القدرة التنافسية لمنتجاتها في السوق العالمية التي تهيمن عليها دول شرق وجنوب شرق آسيا. خصصت الحكومة البريطانية نحو 407 آلاف جنيه إسترليني للمشروع. وتتطلع الولايات المتحدة أيضا إلى اقتحام مجال زراعة الأعشاب البحرية، وقالت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي إن عشرات المزارع تعمل حاليا في المياه قبالة نيو إنجلاند وألاسكا وشمال غرب المحيط الهادئ. في عام 2019، أنتج مزارعو ألاسكا أكثر من 112 ألف رطل من الأعشاب المائية، بزيادة 200% عن أول حصاد تجاري للولاية في عام 2017، طبقا للتقرير. أطلقت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي على صناعة الأعشاب البحرية اسم "قطاع الاستزراع المائي الأسرع نموا" في الولايات المتحدة.