إنتربرايز تشرح: توريق الحقوق المالية المستقبلية
إنتربرايز تشرح: توريق الحقوق المالية المستقبلية. في وقت سابق من هذا العام، اقترحت الهيئة العامة للرقابة المالية تعديلات على قانون سوق رأس المال تتيح للشركات العامة والخاصة التي تقدم خدمات للمواطنين جمع رأس المال من خلال توريق الحقوق والمستحقات المالية المستقبلية المتوقعة للمستثمرين وذلك لتمويل عملياتها، ما يعني أن هذه الشركات سيتاح لها تمويل فوري بضمان الأموال التي تتوقع جمعها في المستقبل. بالنسبة لمقدمي الخدمات، قد تكون هذه التدفقات المالية منتظمة أو مبالغ ثابتة يحصلون عليها من المشتركين أو العملاء لديهم مثل مدفوعات المرافق أو المصاريف الدراسية أو إيجارات العقارات وغيرها.
أليس هذا ما تفعله الشركات بالفعل؟ ليس تماما. يسمح الإطار التشريعي الحالي (بي دي إف) بتداول سندات التوريق التقليدية المضمونة في الذمم المدينة في الميزانية العمومية. من الناحية المحاسبية، يعني هذا أن تلك المستحقات يجب أن يتم تسجيلها على أنها "أصول متداولة" في الميزانية العمومية للمدين. تشمل الأصول المتداولة السيولة أو أي أصول يمكن بيعها أو استهلاكها، وتحويلها إلى أموال، في غضون عام واحد.
انتشرت سندات التوريق التقليدية بين شركات التطوير العقاري، التي لديها مستحقات مستقبلية كبيرة في الميزانية العمومية من بيع المنازل على أقساط (بالإضافة إلى الأصول المادية للحجز كضمان)، وشركات التمويل الاستهلاكي التي تكون ميزانياتها محملة أيضا بأصول متداولة في شكل أصل القرض ومدفوعات الفائدة المستحقة. بشكل عام، فإن سندات التوريق تكون مدعومة بأصول مالية.
كيف تختلف عملية توريق الحقوق المالية المستقبلية؟ تتضمن أداة التمويل التي جرى إدخالها حديثا إصدار سندات مع التعهد بإصدار أصول في المستقبل. أشياء مثل مدفوعات فواتير التليفون أو مدفوعات المرافق أو المصاريف الدراسية أو إيجارات العقارات أو ورسوم عضوية النادي الرياضي، يمكن توقعها جميعا كونها تدفقات منتظمة إلى حد ما، ستكون مؤهلة لتصبح ضمن مصادر "التدفقات المستقبلية" في ظل هذه الأداة الجديدة.
قد يوفر توريق الحقوق المالية المستقبلية بديلا أرخص للقروض البنكية مرتفعة الفائدة، إذ أن معدلات الفائدة لسندات التوريق أقل من نظيرتها بالسندات غير المورقة. كما سيضمن للشركات، التي عانت في السابق للوصول إلى مصادر لزيادة رأس المال، الحصول على تمويلات فورية، ويتيح للعديد من الشركات زيادة الإنفاق الرأسمالي حتى لو لم يكن لديها محفظة استثمارية كبيرة من الأصول الحالية أو المستحقات.
يتطلب توريق الحقوق المالية المستقبلية، مثل أدوات الدين الأخرى، تصنيفا ائتمانيا يحدد إمكانية الاستثمار. ما زلنا غير متأكدين من كيفية عملها، لكن عملية التوريق نفسها، من خلال تجميع الأصول المختلفة معا، تؤدي عموما إلى تصنيف أعلى من ديون الشركات والديون السيادية غير المورقة، والتي لا أي تقدم أي ضمانات مادية في حالة الإفلاس. في توريق الحقوق المالية المستقبلية، فإن الأصول المستخدمة لضمان السندات لم تنشأ بعد، ما قد يجعل تصنيف المخاطر أكثر تعقيدا بشكل عام، وبحسب كل صناعة.
ما هي الشركات التي يمكنها الاستفادة من توريق الحقوق المالية المستقبلية؟ يحدد المقترح شركات المرافق العامة والأساسية باعتبارها مستفيد رئيسي. وقال رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية محمد عمران إن ذلك يشمل شركات المياه والكهرباء والغاز والطاقة وشركات إدارة المخلفات أو أي شركة "تدير منشأة عامة". لكن هذا لا يعني أن توريق الحقوق المالية المستقبلية سيقتصر على شركات المرافق فقط، إذ تقدم التعديلات المقترحة تعريفا واسعا للشركات التي ستكون مؤهلة من البداية، لتشمل كل الشركات التي تقدم خدمات مستمرة للجمهور.
سيرا قد تنفذ أول إصدار توريق للحقوق المالية المستقبلية قريبا: تجري شركة القاهرة للاستثمار والتنمية العقارية (سيرا) المدرجة في البورصة المصرية محادثات مع هيئة الرقابة المالية، لتنفيذ أول إصدار لسندات توريق الحقوق المالية المستقبلية بقيمة 1.5 مليار جنيه، وفق ما قاله مصدر مطلع لإنتربرايز في وقت سابق من هذا الشهر. وستكون السندات مدعومة بالمبالغ المستحقة للخدمات التعليمية التابعة للشركة، ويمكن أن تنفذ سيرا الإصدار بالسوق في غضون أربعة أشهر. كما تجري شركة كونتاكت المالية القابضة محادثات حاليا مع هيئة الرقابة المالية بشأن عملية إطلاق توريق الحقوق المالية المستقبلية لواحدة من كبرى الشركات في مصر في النصف الثاني من عام 2022، حسبما أخبرنا أيمن الصاوي، رئيس القطاع المالي بالشركة، في مارس الماضي.
نظرة تاريخية: نفذت شركة الاتصالات المكسيكية تيليمكس أول إصدار توريق للحقوق المالية المستقبلية (بي دي إف) في عام 1987 عندما قامت بتجميع وتوريق المدفوعات المستحقة من شركة الاتصالات الأمريكية "إيه تي أند تي" للمكالمات التي أجريت من الولايات المتحدة إلى المكسيك. لم تعتبر المعاملة محفوفة بالمخاطر في ذلك الوقت، إذ لم يكن من المتوقع أن ينخفض الطلب على هذه المكالمات في أي وقت في المستقبل. منذ ذلك الحين، جرى الترويج للأداة كحل تمويل مبتكر في الدول النامية، لا سيما أنها قد تساعد شركات القطاعين العام والخاص التي لديها تصنيفا ائتمانيا جيدا في تلك الدول، على الحصول على تصنيفات أعلى من حكوماتها، لأن المقترض في توريق الحقوق المالية المستقبلية يمكنه الحصول عادة من العملاء على اتفاق ملزم قانونا بالدفع.