طاقة شمسية بلا شمس
هل يمكن أن نولد طاقة شمسية في الليل؟ قد يمهد إنجاز بحثي جديد (بي دي إف) لفريق من جامعة نيو ساوث ويلز بأستراليا الطريق لشكل جديد من أشكال توليد الطاقة التي تستخدم الحرارة المنبعثة من سطح الأرض. باستخدام عملية مماثلة لتحويل حرارة الشمس إلى كهرباء عن طريق الخلايا الشمسية، يرى الباحثون أن بإمكاننا إنتاج طاقة خلال الليل.
الخلايا الشمسية تستخدم الضوء المرئي القادم من الشمس: تعتمد الخلايا الكهروضوئية على أشباه الموصلات المصنوعة من السيليكون والتي تمتص الفوتونات التي تبثها الشمس وتحول الطاقة الحرارية إلى كهرباء.
ولكن هذه التكنولوجيا الجديدة تستخدم الفوتونات من مصدر مختلف: استخدم الباحثون جهازا يسمى الصمام ثنائي الإشعاع الحراري كي يلتقط الطاقة الناتجة عن ضوء الأشعة تحت الحمراء التي تنبعث من سطح الأرض خلال الليل.
من الناحية الفنية هي شكل من أشكال الطاقة الشمسية. ضوء الأشعة تحت الحمراء هي الطاقة التي ينتجها الإشعاع الشمسي الذي يرفع درجة حرارة الكوكب خلال النهار. وفي الليل تنطلق فوتونات الأشعة تحت الحمراء تلك، ويمكن التقاطها باستخدام جهاز صممه علماء جامعة نيو ساوث ويلز.
لكن تلك التكنولوجيا لا تزال وليدة: الجهاز الجديد يستطيع فقط توليد 2.26 ميجاوات من الكهرباء لكل متر مربع من الألواح الشمسية، بكفاءة 1.8%، والتي يعترف أحد مؤلفي الدراسة البحثية إنها "قدرة ضعيفة جدا نسبيا". بالمقارنة تتراوح كفاءة معظم الألواح الشمسية التجارية بين 15% و20%. وقال أحد المؤلفين المشاركين في الدراسة إن فريقه يتوقع أن ترتفع كفاءة الإنتاج إلى 19.4 ميجاوات لكل متر مربع أو ما يعادل "عشر القدرة المولدة من الخلية الشمسية"، في ظروف مختلفة.
هذا ليس الحل الوحيد لإنتاج الطاقة الشمسية خلال الليل: على الجانب الآخر من المحيط الهادئ، قام باحثون في جامعة ستانفورد بالولايات المتحدة بتجهيز الألواح الشمسية العادية بمولدات كهروحرارية لامتصاص فوتونات الأشعة تحت الحمراء، حسبما تقول مجلة نيو ساينتست. ورغم أن كمية الطاقة التي استطاع الباحثون توليدها كانت ضئيلة – 50 ميللي وات لكل متر مربع أو ما يعادي 0.04% من ناتج اللوحة الشمسية العادية خلال النهار، فإن تلك التكنولوجيا قد يكون لها لاحقا استخدامات مفيدة لتزويد الأجهزة الصغيرة بالطاقة في المناطق النائية.
وقد تصبح تلك التكنولوجيا الجديدة مكملا مفيدا لمحطات الطاقة الشمسية الحالية وليست بديلة لها: لا يزال الطريق طويلا أمام تكنولوجيا توليد الطاقة الشمسية خلال الليل كي تطبق على نطاق واسع وتصل إلى مستوى كفاءة أعلى، ولكن هناك بعض التطبيقات المحتملة التي أشار إليها الباحثون. يمكن تطبيق نفس المبادئ الكهروحرارية على الأجهزة الطبية الحيوية للاستغناء عن البطاريات في القلوب الصناعية من خلال تسخير طاقة حرارة الجسم. ويمكن أيضا استخدامها لإعادة شحن البطاريات الموجودة في الأجهزة الشخصية أو التخلص من البطاريات بالكامل.
ويمكن للقطاع الخاص أن يساعد حقا في دفع هذه التكنولوجيا إلى الأمام: بنفس الطريقة التي تطورت من خلالها صناعة الطاقة الشمسية عبر زيادة استثمارات القطاع الخاص، يمكن أن تنمو تكنولوجيا توليد الكهرباء الإشعاعية الحرارية عبر زيادة الاستثمار الخاص بها. ويقول نيد إكينز دوكس، المؤلف المشارك بدراسة جامعة نيو ساوث ويلز "لا يزال هناك ما يقرب من 10 سنوات من العمل البحثي الجامعي الذي يتعين القيام به هنا. وبعد ذلك ينبغي أن تتولاها الصناعة، إذا استطاعت الصناعة أن ترى أن هذه تكنولوجيا قيمة بالنسبة لها، يمكن أن نرى حينها تقدما سريعا للغاية".