سعيا لكبح التضخم.. "المركزي" يرفع أسعار الفائدة بـ 200 نقطة أساس
قررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري الخميس الماضي رفع أسعار الفائدة للمرة الثانية منذ مارس، في محاولة لكبح التضخم وجذب المستثمرين الأجانب إلى سوق الدين المحلية. ورفع البنك المركزي أسعار الفائدة بواقع 200 نقطة أساس، ليصل سعر الفائدة على الإيداع لليلة واحدة الآن إلى 11.25%، وسعر الإقراض لليلة واحدة 12.25%، في حين يبلغ سعر العملية الرئيسية وسعر الخصم 11.75%، بحسب البيان الصادر (بي دي إف) بعد اجتماعه الدوري يوم الخميس. وتعد هذه أكبر زيادة لأسعار الفائدة منذ عام 2017، عندما تحرك البنك المركزي للحد من التضخم بعد تعويم الجنيه.
كانت الزيادة متوقعة: توقع ستة من أصل سبعة محللين اقتصاديين شملهم استطلاع إنتربرايز الدوري أن يرفع المركزي أسعار الفائدة في اجتماع الخميس، فيما رجح خمسة منهم زيادة مقدارها 200 نقطة أساس. وتوقع 18 محللا استطلعت رويترز آراءهم ارتفاعات مماثلة.
أسعار الفائدة أصبحت الآن أعلى بمقدار 300 نقطة أساس عما كانت عليه قبل شهرين: رفع البنك المركزي أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس، وسمح للجنيه بالانخفاض أمام الدولار بنسبة 16% في 21 مارس، لمواجهة الضغوط المتنامية على ميزان المدفوعات بسبب الحرب في أوكرانيا والاتجاه العالمي لتشديد السياسة النقدية.
الأمر كله يتعلق بخفض التضخم: ارتفع معدل التضخم إلى أعلى مستوى له في ثلاث سنوات خلال أبريل بعد أن تسببت الزيادة الكبيرة في أسعار السلع الأساسية العالمية وتخفيض الجنيه في تسارع نمو الأسعار بوتيرة أكبر من المتوقع. وقال البنك المركزي في بيانه إن قرار لجنة السياسة النقدية رفع أسعار الفائدة "يعد إجراء ضروريا للسيطرة على الضغوط التضخمية، كما يتسق مع تحقيق استقرار الأسعار على المدى المتوسط". ويبلغ النطاق المستهدف للبنك المركزي للتضخم 7% (± 2%) بحلول الربع الأخير من 2022، بانخفاض كبير عن الـ 13.1% المسجلة في أبريل.
المركزي لا يتوقع تراجع التضخم إلى النطاق المستهدف قبل عام 2023: قال المركزي في البيان، "بالنظر إلى الآثار الأولية لصدمات العرض حاليا، فمن المتوقع وبشكل مؤقت ارتفاع معدلات التضخم نسبيا عن معدل التضخم المستهدف … وذلك على أن تعاود معدلات التضخم الانخفاض تدريجيا". وتوقع نعمان خالد من أرقام كابيتال أن يقوم البنك المركزي بتعديل معدل التضخم المستهدف الخاص به إلى 10%، لكن بدلا من ذلك، أوضح أن مستهدف التضخم لنهاية العام لن يتحقق، وهو ما يتماشى مع توقعات أرقام كابيتال من تسجيل رقم ثنائي الخانة من التضخم حتى نهاية العام.
قد لا يكون لارتفاع أسعار الفائدة تأثير فوري: قالت عالية ممدوح كبير الاقتصاديين لدى بنك الاستثمار بلتون المالية: "اقتصاد مصر قائم على النقد، حيث أثبتت الحركة في أسعار الفائدة ضعفها في احتواء الضغوط التضخمية". وأضافت: "نؤكد وجهة نظرنا القائلة بأن التضخم مدفوع بالعرض، لذا فإن استقرار الجنيه هو الحل لدعم معدلات التضخم المتدنية".
النمو سيكون أضعف من المتوقع: يتوقع البنك المركزي أن يسجل الاقتصاد نموا خلال هذا العام "بوتيرة أبطأ مما كان متوقعا في السابق، ويرجع ذلك جزئيا إلى التداعيات غير المواتية للتطورات العالمية الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية". وخفضت الحكومة الأسبوع الماضي توقعاتها للنمو في 2023/2022 إلى 4.5% من 5.5%.
تجارة الفائدة ليست كما كانت عليه في السابق: شهدت السوق المحلية تدفقات خارجة بنحو 20 مليار دولار منذ بداية العام حيث أدى ارتفاع أسعار الفائدة في جميع أنحاء العالم، وارتفاع التضخم وصدمة أسعار السلع الأساسية، إلى تزايد الاتجاه عالميا لتجنب المخاطرة في الأسواق الناشئة. وشهدت مصر – التي كانت تعد في السابق أحد أكثر الأسواق جاذبية لتجارة الفائدة في العالم – تحول سعر الفائدة الحقيقي في البلاد إلى سلبي بسبب ارتفاع التضخم. وقالت ممدوح: "نعتقد أن السبب الرئيسي للزيادة الكبيرة لأسعار الفائدة هو الحفاظ على منحنى عائد تصاعدي لجذب تدفقات أعلى للمحافظ". وأضافت أن عمليات البيع هذه "تقلل بشكل كبير من حيازات الأجانب من أذون الخزانة وتضغط على الاحتياطيات الدولية وكذلك على صافي الأصول الأجنبية للبنك المركزي".
هل سيعزز ارتفاع أسعار الفائدة من التدفقات الوافدة؟ "نتوقع أن يساهم الارتفاع جزئيا في توفير عائد حقيقي أكثر جاذبية على أدوات الدين مقارنة بالأسواق الناشئة الأخرى"، حسبما كتبت سارة سعادة من سي آي كابيتال في مذكرة بحثية. ومع ذلك، قال محمد عبد المجيد من بنك بي إن بي باريبا قبل اجتماع لجنة السياسة النقدية إن صانعي السياسات سيحتاجون إلى رفع أسعار الفائدة بمقدار 300-400 نقطة أساس أخرى كي يعود المستثمرون الأجانب إلى الديون المقومة بالجنيه. وكان محمد أبو باشا من المجموعة المالية هيرميس أخبر بلومبرج مؤخرا أن البيئة العالمية الحالية لن تكون كافية لإعادة جذب المشترين الأجانب لأذون الخزانة المصرية.
هل يكون هذا آخر رفع لسعر الفائدة من جانب المركزي؟ "يتوقع أن يظل التضخم ضمن نطاق 13% خلال مايو، وما لم نشهد تقلبات حادة في العملة، فستظل قراءات [التضخم] عند هذه المستويات، وهو ما لا يتطلب المزيد من رفع أسعار الفائدة"، حسبما قال ألان سانديب من شركة نعيم للوساطة لإنتربرايز. وأضاف سانديب أن الوضع قد يتغير بحلول بداية العام المالي 2023/2022، مع البدء في تنفيذ تدابير تقشفية جديدة في العام المالي الجديد.
يتوقع البعض مزيدا من الارتفاعات قبل نهاية العام: قال خالد لإنتربرايز إنه يمكن أن نشهد زيادة أخرى بمقدار 100-200 نقطة أساس في الربع الثالث من عام 2022 أو الربع الأخير من العام. وفي الوقت نفسه، يتوقع جيمس سوانتون من كابيتال إيكونوميكس رفع أسعار الفائدة بواقع 250 نقطة أساس قبل نهاية العام، حسبما كتبت زاوية.