ما هي أولويات الحكومة في الإنفاق على البنية التحتية خلال العام المالي المقبل؟
ما هي أولويات الحكومة في الإنفاق على البنية التحتية خلال العام المالي المقبل؟ في الأسبوع الماضي، كشفت الحكومة عن خطتها للتنمية المستدامة للعام المالي 2023/2022، عندما قدم وزير المالية محمد معيط مشروع موازنة العام المالي المقبل المعدل إلى مجلس النواب. وتخصص الحكومة أكثر من نصف الإنفاق العام هذا العام للاستثمارات العامة، إذ رصدت 1.1 تريليون جنيه من إجمالي الموازنة البالغة 2.07 تريليون جنيه لخططها الاستثمارية، بزيادة 17.9% مقارنة بموازنة العام المالي الحالي. تركز الموازنة على الانتعاش الاقتصادي والهدف الجديد لزيادة حجم "المشروعات الخضراء"، وتعمل على تعزيز إصلاحات البنية التحتية التي تخطط لها الحكومة، مع إعادة تقييم الأولويات في ضوء الخلفية الاقتصادية العالمية غير المستقرة التي جرى على أساسها إعداد الموازنة.
أولويات الإنفاق تعكس بشكل واضح أن الموازنة الجديدة "تقشفية": وجه رئيس الوزراء مصطفى مدبولي وزارة المالية في مارس الماضي بإعادة هيكلة موازنة العام المالي المقبل بهدف "إعادة ترتيب الأولويات"، حيث بدأ ارتفاع أسعار السلع الأساسية العالمية، بما في ذلك النفط والقمح، على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية، في تهديد إمداداتنا واقتصادنا. ربما لهذا السبب، تمثل قطاعات السلع الأساسية، التي تشمل الزراعة والصناعة والطاقة والإنشاءات، الجزء الأكبر من الاستثمارات، إذ جرى تخصيص 35.6% من إجمالي الاستثمارات (نحو 391.6 مليار جنيه) للمشروعات في هذه القطاعات. وعلى غرار العام الماضي، ستمنح الأولوية لتمويل المشروعات القومية الحالية التي اكتملت حاليا بنسبة 70%، ومن المتوقع الانتهاء منها بنهاية العام المالي المقبل.
قطاع النقل أكبر متلقي للاستثمار: استكمالا لتوجه العام المالي الحالي، يستحوذ قطاع النقل على الجزء الأكبر من إجمالي الاستثمارات، إذ جرى تخصيص 307 مليارات جنيه لمشروعات القطاع، بزيادة تصل إلى 25.3% مقارنة بالعام المالي الحالي. يذهب نحو 176 مليار جنيه من مخصصات قطاع النقل إلى الهيئة القومية للأنفاق، التي تشرف على تطوير مترو أنفاق القاهرة ومشاريع القطار الكهربائي السريع والذي ينفذه تحالف شركات أوراسكوم كونستراكشون والمقاولون العرب وسيمنس الألمانية، بالإضافة إلى مشروع المونوريل الذي يتكون من خطين أحدهما سيربط مدينة السادس من أكتوبر بالجيزة والآخر سيربط مدينة نصر بالعاصمة الإدارية الجديدة. ومن المقرر الانتهاء من المرحلة الأولى من مشروع القطار الكهربائي السريع بحلول عام 2023. وخصصت الدولة نحو 24 مليار جنيه لتطوير الطرق، بزيادة 4% عن موازنة العام المالي الحالي.
السكك الحديدية: خصصت الدولة 27 مليار جنيه من موازنة قطاع النقل للهيئة القومية لسكك حديد مصر، التي تعمل على تحديث مرفق السكة الحديد منذ فترة. قدرت تكلفة إصلاحات السكك الحديدية، التي من المفترض أن تنتهي بتطوير الشبكة بالكامل، العام الماضي بنحو 225 مليار جنيه، وتستمر حتى عام 2024. ويشمل ذلك استيراد عربات وقطارات جديدة، وإصلاح القديمة، وتحديث أنظمة الإشارات، وبناء طرق جديدة وتجديد المحطات والمعابر وبناء أبراج جديدة وتأمين أبراج الإشارة عبر أنظمة المراقبة بالكاميرات.
يأتي الإسكان والمياه والصرف الصحي في المرتبة الثانية على قائمة الأولويات بعد النقل، إذ تخصص الدولة نحو 294 مليار جنيه للقطاع، تذهب 77 مليار جنيه منها إلى 60 مشروعا جديدا للصرف الصحي لزيادة سعة الشبكة وتغطيتها في جميع أنحاء البلاد. وهناك 180 مشروع إضافي لتوسيع شبكات الصرف الصحي في المحافظات، بهدف الوصول بنسبة تغطية الصرف الصحي على مستوى الدولة إلى 68%. وفي الوقت نفسه، خصصت الموازنة الدولة نحو 26 مليار جنيه إلى 64 مشروعا جديدا للمياه تركز على زيادة الطاقة الإنتاجية لمشاريع المياه الحالية، بزيادة بلغت 23.8% عن العام الماضي، ما يعكس إعطاء المزيد من الأولوية للمياه وسط التهديد الذي يشكله سد النهضة الإثيوبي، الذي بدأ رسميا في توليد الكهرباء هذا العام. ستحصل مشروعات الإسكان على 33 مليار جنيه لتغطية بناء 306 ألف منزل جديد وتطوير 15 ألف فدان بالمناطق العشوائية.
ويحتل التعليم المرتبة الثالثة على القائمة: جرى تخصيص 69.2 مليار جنيه للقطاع لبناء نحو 25 ألف فصل دراسي (باستثمارات 15.4 مليار جنيه) و20 مدرسة جديدة للتكنولوجيا التطبيقية (باستثمارات 2.5 مليار جنيه). وخصصت الدولة أيضا 334 مليون جنيه لبناء فصول دراسية ذكية وشراء السبورات الذكية. المزيد من التفاصيل حول الخطة الاستثمارية للدولة لقطاع التعليم، يمكنكم قراءة عدد بلاكبورد الذي يفند الإنفاق على التعليم في العام المالي المقبل.
خصصت الدولة استثمارات قدرها 45.9 مليار جنيه لقطاع الرعاية الصحية في العام المالي الجديد، بانخفاض طفيف من 47.5 مليار جنيه المخصصة في موازنة العام المالي الحالي 2022/2021. وستوجه هذه الاستثمارات لعدد من المشروعات، في مقدمتها منظومة التأمين الصحي الشامل، والتي تتضمن إنشاء 94 مستشفى و448 وحدة صحية. وسيخصص جزء من موازنة القطاع أيضا لإضافة 1500 سرير لوحدات العناية المركزة في مستشفيات المحافظات، وبناء 148 مستشفى لأمانة المراكز الطبية المتخصصة. سيجري تخصيص نحو 2.8 مليار جنيه لصالح مبادرة "حياة كريمة"، لبناء وتطوير 15 مستشفى و104 وحدات صحية. كما خصصت الحكومة 800 مليون جنيه لاستكمال أعمال التطوير والبناء في 29 مستشفى.
الكهرباء آخر القطاعات ذات الأولوية: تذهب نحو 29.3 مليار جنيه إلى قطاع الكهرباء العام المقبل، وخصصت الدولة جزءا لتوسيع تغطية الشبكة القومية للكهرباء، وجزء آخر نحو ضمان توفير الكهرباء للمشاريع القومية العملاقة مثل مشروع المونوريل ومحطة الرياح بخليج السويس، والمحطات الشمسية في كوم أمبو، والغردقة، والزعفرانة. يعتبر التركيز على الطاقة المتجددة أمرا منطقيا بالنظر إلى أن مصر تأمل الآن في توليد 20% من احتياجاتها الكهرباء من مصادر متجددة العام المقبل، كما تتوقع الوصول بهذا الرقم إلى 25% في العام المالي 2025/2024. تأتي التوقعات الحالية كجزء من الخطة طويل الأجل لتوليد 42% من الكهرباء من مصادر متجددة بحلول عام 2035. ويأتي ذلك أيضا في الوقت الذي تستعد فيه الحكومة لقمة المناخ COP27 التي تستضيفها شرم الشيخ في نوفمبر المقبل.
وهو ما يقودنا إلى مخصصات "خضراء" جديدة: جرى تخصيص نحو 336 مليار جنيه في الموازنة للمشروعات "الخضراء"، مع تخصيص الجزء الأكبر (300 مليار جنيه) لمشروعات في قطاع النقل، بينما لا تحدد مسودة مشروع الموازنة المشاريع التي تعتبر "خضراء". يأتي الري في المرتبة الثانية في الموازنة "الخضراء"، مع تخصيص 26.4 مليار جنيه للمشروعات الخضراء في القطاع، يليه الإسكان (4.5 مليار جنيه)، والتنمية المحلية (2.8 مليار جنيه)، والكهرباء (2.4 مليار جنيه). وتستهدف الدولة تخصيص 40% من موازنة الاستثمارات العامة للمشروعات الخضراء.
وتشمل خطط الحكومة للإنفاق على البنية التحتية أيضا:
- سيحصل قطاع الري على استثمارات بقيمة 17 مليار جنيه لتطوير الترع، حيث تخطط الحكومة لتطوير 5.8 كيلومتر من الترع بحلول نهاية العام المالي.
- قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات سيتلقى 22.8 مليار جنيه، بزيادة 22.6% عن العام الحالي، لتحسين كفاءة الإنترنت وتطوير البنية التحتية المعلوماتية في الدولة.
- استمرار أعمال الإنشاءات في الموانئ الجافة في العاشر من رمضان والسادس من أكتوبر وموانئ قسطل وأرقين الجافة، والتي من المقرر أن تكتمل بنهاية العام المالي المقبل.
أبرز أخبار البنية التحتية في أسبوع:
- تعكف الحكومة حاليا على إعداد مشروع قانون يتضمن ضوابط جديدة للبناء، للمساعدة في مواجهة ظاهرة البناء العشوائي.
- توقع مصر العقود الخاصة بتنفيذ وتوريد وصيانة الخطين الثاني والثالث من شبكة القطار الكهربائي السريع مع شركة سيمنز الألمانية قبل نهاية الشهر الحالي، وفق ما صرح به وزير النقل كامل الوزير في وقت سابق من هذا الأسبوع.
- تعمل شركة سيمبريا الدنماركية حاليا على إنشاء مجمع صوامع قمح في بورسعيد لصالح الشركة العامة للصوامع والتخزين، بطاقة استيعابية تصل إلى 100 ألف طن من القمح، وهو ما يكفي لتغطية أكثر من 15% من النقص الحالي المقدر في السعة التخزينية بالبلاد.