ديون الأسواق الناشئة تتعرض لضغوط، لكن بعد انحسار الرياح المعاكسة، أمريكا اللاتينية يمكن أن تحصد مكاسب غير متوقعة
تحول العوائد الحقيقية لسندات الخزانة الأمريكية إلى إيجابية يزيد الضغط على الأسواق الناشئة: تحول العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات إلى إيجابية لفترة وجيزة الأسبوع الماضي، ما تسبب في دق ناقوس الخطر بين مديري الأموال في الأسواق الناشئة، حسبما ذكرت بلومبرج. وقالت مؤسسة فرانكلين تمبلتون إنها ستوقف شراء الديون ذات العائد المرتفع، بينما تراهن شركة فيديليتي إنترناشونال ضد عملات الأسواق الناشئة، إذ يبدأ تهديد المعدلات الحقيقية الإيجابية في الولايات المتحدة في تعزيز قوة الدولار ويشجع نزوح الأموال خارج الأسواق الناشئة ذات المخاطر العالية. وتواجه العديد من الاقتصادات الناشئة بالفعل مع الضغوط التضخمية والضغوط بالموازنة الناجمة عن ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية.
لكن هل هذا مؤشر على وصول الرياح المعاكسة إلى ذروتها؟ يعتقد عدد صغير من الاستراتيجيين أن المعدلات الحقيقية الإيجابية قد تجعل بنك الاحتياطي الفيدرالي يتراجع عن تشديد سياسته المالية في خطوة قد تفيد الأسواق الناشئة. "أعتقد بالتأكيد أن عائدات الولايات المتحدة الحقيقية التي تتجاوز خط الصفر هي علامة فارقة مهمة على الطريق نحو تخطي الرياح المعاكسة النقدية التي يواجهها مستثمرو الأسواق الناشئة في عام 2022"، حسبما قال أحد المحللين الاستراتيجيين في نورديا إنفستمنت. "المعدلات الحقيقية الإيجابية ستقربنا أيضا من انتهاء مرحلة التشديد النقدي لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، وهو الأمر الضروري كي تعود جاذبية الاستثمار المائل للمخاطرة".
دفع التضخم المتصاعد أسعار الفائدة الحقيقية في العديد من الأسواق الناشئة إلى المنطقة السلبية: نحو 35 دولة من أصل 42 دولة تتبعها بلومبرج لديها حاليا معدلات فائدة حقيقية سلبية. ويشمل ذلك مصر، حيث دفع معدل التضخم بنسبة 10.5% في مارس معدل الفائدة الحقيقي في مصر إلى المنطقة السلبية على الرغم من رفع معدل الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس الشهر الماضي.
الأخبار الجيدة؟ مجلس الاحتياطي الفيدرالي (على الأرجح) لن يقوم بدورة تشديد أسرع الشهر المقبل. لم يقدم مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي دعما علنيا لاقتراح رئيس البنك الفيدرالي في سانت لويس جيمس بولارد بأن زيادة ضخمة بمقدار 75 نقطة أساس قد تكون ضرورية لكبح جماح التضخم عندما يجتمع المجلس في بداية مايو. عارضت رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في كليفلاند لوريتا ميستر الاقتراح، بينما لم يعلق رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول على الأمر.
عندما تهدأ العاصفة، يمكن أن تكون أمريكا اللاتينية الخيار الأفضل لمشتري السندات: حقيقة أن بعض البنوك المركزية في أمريكا اللاتينية بدأت في تشديد السياسة النقدية قبل وقت طويل من الغزو الروسي لأوكرانيا، إضافة إلى ارتفاع قيمة العملات في تلك المنطقة، تشير إلى أن هذه الدول قد تكون أول من يصل إلى ذروة أسعار الفائدة في هذه الدورة. هذا يخلق فرصا في السندات السيادية قصيرة الأجل مع انحدار منحنيات العوائد، وفقا لبلومبرج. ويراقب المتداولون الديون البرازيلية والتشيلية والكولومبية على وجه الخصوص.
لكن محاولة التنبؤ بالتضخم هي لعبة خاسرة: لن تبلغ زيادات أسعار الفائدة ذروتها عالميا حتى يجري السيطرة على التضخم، وكما أوضحت تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا، من الصعب للغاية التنبؤ بتأثير الأحداث العالمية على الأسعار. "هامش الخطأ مرتفع للغاية لدرجة لا يمكن معها توقع ذروة التضخم"، وفقا لقول أحد مراقبي الديون في الأسواق الناشئة لبلومبرج.
هنا في مصر، من المتوقع أن نشهد رفعا أخر لسعر الفائدة. ويقول محللون إن البنك المركزي سيراقب اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي في مايو وتطورات السوق عن كثب بحثا عن إشارات. وترى وكالة التصنيف فيتش أن مصر ستتجه لرفع الأسعار بمقدار 300 نقطة أساس بحلول العام المالي 2024/2023.