كيف تأثر المطورون العقاريون بالتضخم وانخفاض قيمة الجنيه؟
كيف يتأثر مطورو العقارات بالتضخم وانخفاض قيمة الجنيه؟ تتعرض شركات البنية التحتية المصرية لضغوط بسبب ارتفاع أسعار المواد الخام ومواد البناء، وانخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار الشهر الماضي. اليوم ، نتحدث إلى بعض مطوري العقارات الرائدين في البلاد لفهم كيف يتأثر هذا القطاع. يقولون إنهم تضرروا من الزيادات الكبيرة في الأسعار، لكن الشركات التي لديها مشاريع في مراحل متقدمة ولديها محفظة أراضي ضخمة تعتبر في وضع جيد نسبيا لامتصاص الزيادات وتعويض أي خسائر على مدى دورات المشروعات متعددة السنوات.
شهدت العديد من المواد الخام ارتفاعا كبيرا في أسعارها منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا: في غضون الشهرين الماضيين ، شهدت العديد من المواد الخام الرئيسية زيادة في التكلفة تراوحت بين 15 و40%، حسبما قال عبد الله سلام ، الرئيس التنفيذي لشركة مدينة نصر للإسكان والتعمير لإنتربرايز. قفز الحديد – الذي يمثل ما يقرب من 10% من ميزانية البناء للمطور – إلى ما يقدر بـ 20-22 ألف جنيه للطن، مقارنة بـ 14-15 ألف جنيه قبل شهور، حسبما قال الرئيس التنفيذي لشركة أورا للتطوير العقاري هيثم محمد لإنتربرايز. تضاعف سعر الأسمنت إلى 1.5-1.6 ألف جنيه للطن، من 800 جنيه، وتضاعف الألومنيوم ثلاث مرات تقريبا إلى أكثر من 120 ألف جنيه للطن، بدلا من 43 ألف جنيه، بحسب طارق كامل الرئيس التنفيذي لمشروع أو ويست التابع لشركة أوراسكوم للتنمية مصر.
التضخم الحالي ظاهرة محلية وعالمية: عندما ننظر إلى ارتفاع التكلفة، يمكن استخدام أسعار الحديد كمعيار لأنها تؤثر على كل شيء، كما قال نائب رئيس مجلس إدارة ريدكون للإنشاءات طارق الجمال لإنتربرايز. وأضاف أن الزيادات في أسعار الحديد في أوروبا تدور في نفس النطاق الذي نشهده في مصر.
ولكن مع انخفاض قيمة الجنيه مؤخرا، يواجه المطورون المصريون صدمة إضافية: انخفضت قيمة الجنيه بنسبة 17% تقريبا مقابل الدولار منذ تخفيض قيمة الجنيه الشهر الماضي، كما يقول كامل. وعلى الرغم من أن العديد من مواد البناء العقارية متوفرة محليا، فإن جميع المطورين يتعرضون بمستوى ما للعملات الأجنبية. على سبيل المثال، الأسمنت المتوفر محليا يتأثر بشكل كبير بأسعار الطاقة العالمية، إذ يعد ارتفاع أسعار الفحم العالمية وحده سببا في نحو 50% من زيادة أسعار الأسمنت محليا، حسبما أخبرنا العاملون يالصناعة في وقت سابق.
تغير أسعار العملات الأجنبية، ونقص الإمدادات، وحالة الفزع العام لعبت جميعها دورا في زيادة التضخم، حسبما يقول كامل. ويضيف الجمال أن الحرب في أوكرانيا سببت نقصا أساسيا في الإمدادات، إذ تعتبر روسيا وأوكرانيا الموردين الرئيسيين للمواد الخام المستخدمة في إنتاج الصلب. يوضح سلام أن الأزمة ليست بنفس القدر في كل المواد الخام، لكننا نشهد نقصا أو ارتفاعا في سعر كل منها. تسببت الحرب في سلسلة من التداعيات أثرت في عدة مجالات – السياحة والقمح وقدرة مصر على استيراد السلع – في فترة قصيرة جدا، قبل أن تأتي الصدمة الإضافية لخفض قيمة العملة. ويضيف سلام قائلا: "لو كان مجرد عامل واحد، بدلا من هذا المزيج الكامل، ربما كان من الأسهل قليلا التحوط أو استيعاب الصدمة دون التأثيرات الدراماتيكية في السوق".
مشاكل الإمدادات والذعر يخلقان أيضا حلقة مفرغة أخرى: يقول كامل إن جزءا كبيرا من زيادة أسعار المواد الخام مدفوعة بعدم اليقين. وإنه بعد انتهاء الحرب، سيكون هناك بالفعل تراكم للطلب، ولا أحد يعرف مدى سرعة تعافي المصانع والبدء في توريد السلع مرة أخرى. كل هذا طبيعي جدا نظرا لأن السوق تواجه انخفاضا في قيمة العملة وتضخما بعد فترة وجيزة من مواجهة جائحة "كوفيد-19"، حسبما يشير محمد. لا يزال لديك طلب فائض وعرض منخفض. لكنه يتوقع أن يستقر هذا في غضون عامين.
فهل هذه التكاليف المتزايدة تصل إلى هوامش الربح؟ بينما تتباين الإجابات ، فإن الإجماع العام هو نعم: "إذا لم نفعل أي شيء، فإن زيادة التكلفة ستؤثر بالتأكيد على هوامشنا"، كما يقول سلام. "لكننا نحاول اتخاذ بعض الإجراءات [لتقليل التأثير]". ويقول الجمال إن ريدكون تشعر بالفعل بالتأثير إلى هوامش أرباحها. ويضيف: "نحن نعيد النظر في دراساتنا لمعرفة كيفية مواجهة هذا النوع من الارتفاع في التكاليف واستيعابها بطرق مختلفة".
وفي الوقت ذاته، لا تتوافر لدى المطورين أي رؤية واضحة حول الاتجاه الذي ستسلكه أسعار المواد الخام، مما يجعل من الصعب عليهم الالتزام بالتسعير خلال ما يأمل غالبية لاعبي الصناعة أن يكون مجرد فترة انتقالية فوضوية.
لكن المطورين يشيرون أيضا إلى أن عوامل مثل مدى اكتمال المشاريع ستؤثر على حجم الصدمة، لذا فإن التأثير على كل شركة يختلف اختلافا كبيرا: يقول كامل "في حالتي المحددة، بالنسبة لمشروع أو ويست، التأثير ليس كبيرا – والسبب الرئيسي هذا هو أننا أرسينا بالفعل الجزء الأكبر من وحداتنا على مقاولين، لذا فإن التطوير والبناء يحدثان بالفعل. ويوضح كامل "لكن هذا قد يختلف من مطور إلى آخر ، بناء على حالة المشروع. إن المبيعات المرتفعة مع القليل من الترسية والتعاقد تنطوي على مخاطر عالية، في حين أن الترسية والتعاقد بالتوازي مع البيع يكاد لا يمثل أي مخاطرة ".
هذا يرتبط ارتباطا وثيقا بالقدرة المالية للمطور، كما يرى كامل. المطور الذي لا يتمتع بالقدرة المالية عليه الاستمرار في البيع وجمع الأموال ثم ترسية العقود على المقاولين، في حين أن المطورين الذين لديهم موارد مالية قوية يمكنهم البيع وترسية عقود المقاولات في وقت واحد، إلى حد ما، حسبما يشير.
الشركات التي تملك الكثير من المخزون والأراضي – وهو عادة الأسماء الكبرى في قطاع التطوير العقاري – غالبا ما تكون في وضع أفضل لامتصاص التكاليف الإضافية وتعويض الخسائر. يشير كامل إلى أن المشاريع التي لديها بالفعل بنيتها التحتية تتمتع بميزة مقارنة بالمشاريع التي لا تملك ذلك. ويضيف أن المشروع القائم منذ بضع سنوات ربما يكون قد دبر معظم مواد البناء، ولديه الكثير من المخزون.
هذا أمر بالغ الأهمية، لأن الأراضي على وجه الخصوص قد تصبح أكثر تكلفة بكثير: يشير محمد إلى أن أسعار الأراضي عادة ما ترتفع بنسبة 10% سنويا، لكن المطورين الذين يشترون أراض جديدة سيجدون بالتأكيد أن سعرها ارتفع أكثر من ذلك بسبب التضخم.
ولكن في النهاية ، يحتاج المطورون إلى النظر في متوسط التكاليف على مدى عدة سنوات لتقييم كيفية تأثر هوامش أرباحهم: باعتماد رؤية متوسطة إلى طويلة الأجل، يعتقد محمد أنه سيجري استيعاب الزيادات في التكلفة بحيث لا تتأثر الهوامش في المتوسط على مدى زمني يمتد لعدة سنوات. لكنه يشير إلى أن الحدود القصوى المحتملة لارتفاع الأسعار يمكن أن تحد من قدرة المطورين على زيادة أسعار الوحدات خلال عام واحد. ويضيف "أتوقع أن أتلقى صدمة في عام 2022، لكن يمكننا التغلب على ذلك في 2023 و2024 لأن الأسعار سترتفع أكثر من المعتاد. لذا ستعود الهوامش إلى وضعها الطبيعي".
هذا النوع من التحوط هو جزء أساسي من الصناعة، كما يقول الجمال. ويضيف "طبيعة صناعتنا هي أن بناء منتجاتنا يستغرق سنوات، لذلك نحن ننظر دائما إلى المتوسطات".
ترقبوا الجزء الثاني الأسبوع المقبل، حيث ننظر في الخطوات التي يتخذها المطورون العقاريون للتخفيف من التأثيرات قصيرة المدى الناتجة عن زيادة تكلفة المواد الخام وخفض قيمة الجنيه، وما إذا كانت تسليمات المشاريع قد تأثرت.
أبرز أخبار البنية التحتية في أسبوع:
- مصر توقع اتفاقيات ضخمة لإنتاج الطاقة الخضراء في "اقتصادية قناة السويس": وقعت الحكومة اتفاقيات مع شركة الطاقة الفرنسية العملاقة إي دي إف رينيوابلز وشركتي الطاقة الإماراتيتين "مصدر" و"إيميا باور" لإنشاء مصانع لإنتاج الوقود والهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
- تتطلع شركة هانيويل الأمريكية إلى استثمار نحو 200 مليون دولار في مجالات البتروكيماويات وإنتاج الوقود الأخضر لتموين الطائرات في مصر، وتقول إن "موقع مصر الجغرافى المتميز يؤهلها لأن تصبح مركزا محوريا يربط أوروبا بالشرق الأوسط وخاصة فى مشروعات الوقود الأخضر لتموين السفن وإنتاج الهيدروجين والأمونيا".
- تدرس مصر بناء أسطول من سفن الصب الكبيرة والوحدات البحرية المعاونة لنقل الصادرات والواردات المصرية، بحسب بيان صادر عن وزارة النقل.
- تطوير كورنيش المقطم: وقعت شركة النصر للإسكان والتعمير المملوكة للدولة اتفاقية مع شركة سكوب العالمية الهندسية لتطوير كورنيش المقطم بتكلفة 32 مليار جنيه، وفق بيان صادر عن مجلس الوزراء.