الحرب الروسية الأوكرانية تحد من خيارات الشحن لمصر
كيف تؤثر الحرب الروسية الأوكرانية على الشحن في مصر: أدت الحرب المستمرة في أوكرانيا إلى مزيد من الضغوط على سلاسل التوريد العالمية المضطربة بالفعل، حيث تسبب ارتفاع أسعار النفط في تصاعد تكاليف الشحن، كما دفع ناقلات الحاويات إلى استخدام طرق بديلة حيث ما تزال الموانئ الرئيسية مغلقة. وعلقت شركات الشحن العالمية العملاقة، بما في ذلك إم إس سي السويسرية وميرسك الدنماركية وسي إم أيه سي جي إم الفرنسية، وجميعهم يعملون في مصر، جميع الرحلات من وإلى روسيا حتى إشعار آخر. التحدي الأكبر الذي يواجه الشركات في مصر التي تتطلع إلى شحن بضائعها داخل وخارج البلاد، هو إيجاد مساحة متاحة للشحن على متن ناقلات الحاويات سواء للواردات أو الصادرات، وفق ما قالته عدة مصادر تحدثت إليهم إنتربرايز.
بشكل عام، تزداد صعوبة حجز مساحة شاغرة لشحن حاوية للبضائع الواردة والصادرة على متن السفن: تواجه الشركات صعوبة متزايدة عندما يتعلق الأمر بحجز المساحات الشاغرة على متن ناقلات الحاويات لشحناتها الصادرة والواردة من وإلى العديد من الأسواق، وليس روسيا وأوكرانيا فقط، وفق ما قاله رئيس شعبة النقل الدولي واللوجستيات بغرفة القاهرة التجارية أيمن الشيخ لإنتربرايز. إلى جانب الاضطرابات في سلاسل التوريد التي بدأت مع جائحة "كوفيد-19"، "لا يمكن توقع انفراجة قريبا"، على حد قوله.
ولكن ما سبب الأزمة؟ دفع الارتفاع في الطلب على السلع من الولايات المتحدة الأمريكية الخطوط الملاحية لسحب الحاويات الفارغة من أسواق محددة لصالح أسواق أخرى، مما أحدث ارتفاعا فى أسعار الشحن وندرة المساحات المتاحة للشحن على متن ناقلات الحاويات، وفق ما قاله المدير التنفيذي لخط سي إم أيه سي جي إم الفرنسي في مصر والسودان طارق زغلول لجريدة المال في وقت سابق. "المستوردون والمصدرون المصريون غير قادرين حاليا على تحمل تكلفة المنافسة مع الولايات المتحدة للحصول على الأولوية في حجز ناقلات الحاويات"، وفق ما قاله وكيل أحد خطوط الشحن العالمية في مصر لإنتربرايز، والذي طلب عدم الكشف عن هويته.
زيادة التكاليف تفاقم الأزمة: فقد فاقم ارتفاع أسعار المدخلات، مثل الوقود، أيضا التحديات اللوجستية العالمية من خلال زيادة تكاليف الشحن، وفق تصريحات استشاري تطوير الأداء المؤسسي لسلاسل الإمداد في شركة إمباكت إنسايتس مصطفى إبراهيم خلال المؤتمر الدولي للنقل البحري واللوجيستيات (مارلوج 11) الشهر الماضي. ومع تداول النفط حاليا فوق الـ 100 دولار للبرميل، يواجه قطاع الخدمات اللوجستية زيادات كبيرة في التكلفة، إذ يمثل الوقود نحو 60% من تكلفة الرحلة البحرية للسفن التجارية، وفقا لما قاله نائب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي للشركة المصرية الدولية للتوكيلات والخدمات الملاحية محمد أبو حشيش لإنتربرايز، مضيفا أن تصاعد أسعار النفط على خلفية الحرب أدى إلى زيادة أسعار الشحن بنسبة 5-10% إضافية حتى الآن.
"لا تملك سوق الشحن البحري في مصر أي حل مجد للأزمة حتى الآن، لعدم وجود خطوط شحن وطنية أو أسطول شحن كاف لنقل تجارتنا، أو حتى مستودعات ومناطق تخزين كافية"، بحسب الشيخ، الذي أشار إلى سيطرة الخطوط الملاحية والتكتلات العالمية على السوق محليا وعالميا، إذ اتجهت مؤخرا للاستحواذ على شركات الشحن والخدمات اللوجستية الصغيرة بحجة تقديم خدمات متكاملة لعملائها، لكن هذا أدى إلى احتكار هذه التكتلات للسوق والسيطرة على الأسعار.
تكاليف التأمين تتصاعد أيضا: ارتفعت تكلفة تأمين الشحنات العابرة لمنطقة البحر الأسود بشكل كبير جدا، إذ تفرض شركات التأمين حاليا ما يصل إلى "10% من قيمة بدن السفينة، أي قيمة السفينة كأصل، مقابل ما يسمى علاوة مخاطر الحرب الإضافية"، حسبما أفادت بلومبرج، نقلا عن لاعبين في السوق. وفي الوقت نفسه، فإن شركات التأمين المحلية تترقب حاليا لتحديد معدل التأمين على البضائع الواردة من روسيا في ضوء المخاطر المتزايدة، وفق ما قاله العضو المنتدب لشركة مصر للتأمين عمر جودة لإنتربرايز.
تجارتنا الزراعية مع روسيا وأوكرانيا موضع تساؤل حاليا وسط تعليق بعض خطوط الشحن رحلاتها إلى منطقة البحر الأسود: المصدرون المصريون يعتمدون على خط الزيم الإسرائيلي – الذي ينطلق من ميناء الدخيلة في مصر إلى موانئ نوفوروسيسك في روسيا وأوديسا في أوكرانيا – للتصدير إلى أوكرانيا وروسيا، بحسب ما قاله وليد بدر، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة الشحن إيجي مار في وقت سابق. ومع ذلك، جرى تعليق هذا الخط منذ ذلك الحين بسبب الحرب. كما أشارت شركة أوشن نتوورك إكسبريس، وهي واحدة من أكبر خطوط الحاويات المبردة في العالم، إلى استمرار تعطل عملياتها في ميناء أوديسا في أوكرانيا وموانئ سانت بطرسبرغ ونوفوروسيسك في روسيا "بسبب استمرار الأعمال العدائية بين البلدين".
..الأمر الذي دفع الحكومة للبحث عن أسواق بديلة لاحتياجاتنا من السلع: اعتمدت مصر الهند كدولة منشأ لاستيراد القمح في وقت سابق من هذا الشهر، كما تجري محادثات مع باكستان والمكسيك لاستيراد القمح، حيث نتطلع إلى ما هو أبعد من روسيا وأوكرانيا (اللتين تزودان البلاد عادة بنحو 80% من احتياجاتها من القمح).
لكن الأسواق الجديدة تأتي مع مجموعة المشاكل الخاصة بها: التحول إلى مصدري قمح آخرين سيكبد مصر تكاليف شحن إضافية. تعد رومانيا وفرنسا أقرب الموردين المحتملين من حيث المسافة، لكن لا يمكنهما توفير الكميات المطلوبة بالكامل. وبدلا من ذلك، يمكن لمصر أن تتطلع إلى الأسواق الأسترالية والأمريكية – التي تقدر بضعف المسافة بينها وبين الموانئ المصرية في أوكرانيا على سبيل المثال – مما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الشحن بالإضافة إلى ارتفاع سعر طن القمح، حسبما أوضح أبو حشيش ورئيس غرفة ملاحة دمياط عبد العظيم الريدي.
الجانب المشرق: قد تشهد قناة السويس زيادة في عدد السفن العابرة للمجرى الملاحي من دول الخليج إلى أوروبا لا سيما ناقلات الغاز المسال وسفن الصب الجاف الناقلة للحبوب من أوروبا، كأسواق بديلة لروسيا وأوكرانيا، وفق ما قاله رئيس الهيئة أسامة ربيع. ويتوقع ربيع أن تحقق قناة السويس إيرادات إضافية تتراوح قيمتها بين 20-22 مليون دولار شهريا، خاصة بعد إلغاء الخصم الممنوح لناقلات الغاز المسال اعتبارا من مارس.
الوقت قد يكون مناسبا لتعزيز الصادرات إلى أفريقيا: تشهد القارة السمراء طفرة لوجستية مع تدفق الاستثمارات المتزايدة، وفق ما قاله إبراهيم. وأضاف أنه يتعين على مصر الاستفادة من هذا الوضع بتوفير المواد الخام أو زيادة الصادرات إلى الدول الأفريقية.
أبرز أخبار البنية التحتية في أسبوع:
- بموجب اتفاق مع إيني.. مصر تعزز صادرات الغاز المسال إلى أوروبا: وقعت شركة إيني الإيطالية اتفاقية إطارية مع الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس) بهدف تعظيم صادرات الغاز المسال المصرية إلى أوروبا وتعزيز إنتاج إيني للغاز في البلاد.
- الحكومة تخطط لطرح 19 محطة لتحلية المياه أمام شركات القطاع الخاص: تطرح الحكومة قريبا 19 مشروعا لتحلية المياه أمام شركات القطاع الخاص بطاقة إجمالية تصل إلى نحو 3.3 مليون متر مكعب يوميا.
- إنفنيتي تدشن سبع محطات شحن جديدة في الدلتا: أطلقت شركة إنفنيتي، الرائدة في تقديم حلول الطاقة المتجددة في مصر، سبع محطات جديدة لشحن السيارات الكهربائية في منطقة الدلتا. وتمثل هذه المحطات أول تواجد للشركة في الدلتا.
- مشروع إنشاء محطة الضبعة يمضي قدما: زار وفد روسي محطة الضبعة النووية للاطمئنان على انتظام سير الأعمال الإنشائية للمشروع الذي تنفذه شركة روساتوم الروسية. وفي السياق ذاته، تتطلع شركة إيجيس الفرنسية للاستشارات والهندسة إلى المشاركة في بناء المحطة.
- كابل تو أفريكا البحري يصل إلى جنوة الإيطالية: أعلن تحالف تو أفريكا – الذي يضم شركة المصرية للاتصالات – عن وصول كابل تو أفريكا إلى جنوة بإيطاليا.