إنتربرايز تحاور: ماري بانجيستو المديرة المنتدبة لشؤون سياسات التنمية والشراكات بالبنك الدولي
إنتربرايز تحاور: ماري بانجيستو المديرة المنتدبة لشؤون سياسات التنمية والشراكات في البنك الدولي. لم يتبق سوى أقل من سبعة أشهر على انعقاد القمة السابعة والعشرين لمؤتمر المناخ (COP27) في شرم الشيخ، ويتزايد الضغط على زعماء العالم لاتخاذ إجراءات حاسمة. لم تحقق قمة العام الماضي في جلاسجو ما كان يأمله الكثيرون. ويحذر علماء المناخ في الأمم المتحدة الآن من أن جهود خفض الانبعاثات العالمية ستحتاج إلى الوصول إلى ذروتها في عام 2025 إذا أردنا تقييد الارتفاع في درجات الحرارة دون عتبة الـ 1.5 درجة مئوية المهمة للغاية. سيلعب اجتماع هذا العام دورا رئيسيا في تحديد ما إذا كان سيتم الوصول إلى هذا الهدف.
لمناقشة القمة السابعة والعشرين للمناخ، حاورت إنتربرايز، ماري بانجيستو (السيرة الذاتية)، المديرة المنتدبة لسياسات التنمية والشراكات في البنك الدولي، والتي زارت القاهرة الأسبوع الماضي لمناقشة الاستعدادات للقمة. لدى بانجيستو أكثر من ثلاثة عقود من الخبرة في العمل في السياسة والأوساط الأكاديمية قبل الانضمام إلى البنك في عام 2020، وشغلت منصب وزيرة التجارة الإندونيسية من 2004 إلى 2011، ثم عملت وزيرة للسياحة من 2011 إلى 2014.
خلال حديثنا، ناقشنا ما يفعله البنك لدعم مصر خلال استعدادها لقمة المناخ. حدثتنا بانجيستو عن رأيها في القمة السابقة COP26، وكيف يمكن للبلدان النامية أن توازن بين المناخ وأهداف التنمية، وأهمية تبني سياسات الناخ في دول مثل مصر، وكيف يمكن للصراع في أوكرانيا أن يؤثر على الدفع لخفض الانبعاثات.
إنتربرايز: ما الذي جاء بك إلى مصر يا ماري؟
ماري بانجيستو: أزور مصر لمناقشة البرامج التي لدينا هنا، سواء أكان مشروع كايرو كلين أير، أو حياة كريمة، أو مشروع تنمية صعيد مصر، وغيرها. التقينا بوزارات التخطيط والتعاون الدولي والخارجية والموارد المائية والري. كما التقينا بمجموعة من النساء من قطاع الأعمال والمنظمات غير الحكومية، لمعرفة المزيد عن قضايا النوع الاجتماعي. نحن نعلم أن الحكومة مهتمة جدا بتعميم مراعاة المنظور الجنساني، وبالنسبة لنا في البنك، فإننا نقوم بتعميم مراعاة المنظور الجنساني في جميع برامجنا. ولأن مصر تستضيف القمة السابعة والعشرين لمؤتمر المناخ في نوفمبر، فقد أتينا أيضا إلى هنا لنرى كيف يمكننا دعم الاستعدادات.
إنتربرايز: ما الذي يفعله البنك الدولي لدعم استعدادات مصر للقمة السابعة والعشرين للمناخ؟
ماري بانجيستو: لقد شاركنا في دعم اجتماعات مؤتمر المناخ لسنوات عديدة، ولدينا علاقات مختلفة مع البلدان بناء على ما يطلبون منا القيام به. في معظم الحالات، ندعم التحضير للمبادرات، لأن لدينا المعرفة والعمل التحليلي بشأن المناخ. سنساعد أيضا في التحضير لبعض الفعاليات النقاشية في القمة.
إنتربرايز: اعتبر البعض أن الدورة السادسة والعشرين لمؤتمر المناخ لم تكن طموحة بما يكفي ولم تحقق بعض أهدافها. برأيك ما الذي يجب أن نطمح إليه في قمة هذا العام وما هو النجاح؟
ماري بانجيستو: أعتقد أن الناس لديهم وجهات نظر متباينة حول الدورة السادسة والعشرين. في العام الماضي، كان هناك الكثير من التوقعات فقط لأنها كانت المحطة المنتظرة منذ خمس سنوات بعد باريس، ولا أعتقد أنها حققت ما أرادت تحقيقه فيما يتعلق بتحديث المساهمات المحددة وطنيا لكل البلدان. ولكن لكي نكون منصفين، كانت هناك بعض النتائج الجيدة في جلاسكو. أعلنت بعض الدول الكبرى التي لم يكن لديها مساهمات محددة على المستوى الوطني عن مساهمتها، وقام البعض الآخر بتحديث المساهمات المحددة وطنيا بما في ذلك عدد من الاقتصادات الكبرى مثل الصين والهند. وأعتقد أننا نشهد تحولا في الاستعداد من قبل البلدان النامية للرغبة في اتخاذ المزيد من الإجراءات بشأن المناخ، ولكننا نريد في نفس الوقت التأكد من أنها يمكن أن تواصل التنمية.
إنتربرايز: وهم في وضع فريد لأنهم غالبا ما يشعرون بتأثير تغير المناخ أكثر من غيرهم.
ماري بانجيستو: لكن هذا تغيير في الواقع. حتى قبل عامين، كانت البلدان النامية لا تزال تنظر إلى المناخ والتنمية على أنهما مقايضة. الآن نشهد تحولا في تكامل المناخ مع التنمية، وهم يدركون أنه يمكنك بالفعل تحقيق كليهما.
أعتقد أن ما كان يشعر معظم الناس أنه لم يتحقق في جلاسكو كان جانب التنفيذ. ولهذا اتخذت مصر شعار "معا ننفذ"، وننفذ بشكل خاص في البلدان النامية. كما يريدون التركيز على البعد الإقليمي، وهو أفريقيا. وبالطبع التحول إلى التكيف. هناك شعور بأنه كان هناك الكثير من التركيز على التخفيف في جلاسكو، لذلك هناك دفعة كبيرة لإعطاء المزيد من الاهتمام للتكيف.
لكنني أعتقد أننا بحاجة أيضا إلى أن نكون واقعيين، بالنظر إلى الوضع الحالي للحرب في أوكرانيا. نحتاج حقا إلى التأكد من أننا نركز على بعض الأولويات الرئيسية للغاية.
إنتربرايز: وما هي تلك الأولويات؟
ماري بانجيستو: أعتقد أن التكيف هو أولوية رئيسية. نحن نعلم أنه بالنسبة لأقل البلدان نموا، حتى بالنسبة لمصر والعديد من البلدان الأخرى في أفريقيا، أن القضية لا تتعلق بقدر كبير من التخفيف من حيث إزالة الكربون عن الطاقة أو النقل. يتعلق الأمر أكثر بالتكيف وبناء المرونة.
إنها مرتبطة إلى حد كبير بالقضايا التي نواجهها اليوم مثل أزمة الغذاء. تزايد البؤر الساخنة، وزيادة الجفاف في هذا الجزء من العالم، مما أثر على إنتاج الغذاء. ندرة المياه واستغلال الأراضي والزراعة كلها تأتي تحت قضايا التكيف. أعتقد أن هذه إحدى القضايا الكبيرة التي أعطتها مصر الأولوية وهذا ما نأمل أن نتمكن من دعم الحكومة به.
إنتربرايز: كيف يبدو مؤتمر الأطراف الناجح بالنسبة لكِ؟
ماري بانجيستو: نحن مراقبون في مؤتمر المناخ، وبالتالي فإننا لسنا منخرطين كثيرا في المفاوضات. ولكن إذا سألتني، ما الذي يعنيه أن يكون لديك مؤتمر مناخ ناجح، فأعتقد أن الأمر يتعلق بكيفية تحويل المناقشات إلى إجراءات ملموسة.
إنها أجندة معقدة وواسعة للغاية، ولكن بالطريقة التي نراها، هناك أمران. الأول هو كيف نتأكد من أننا نواصل تأطير المناخ والتنمية. في العام الماضي، قمنا بتطوير أداة تشخيص جديدة تسمى التقرير القطري المعني بتغير المناخ والتنمية، ونقوم بذلك في 30 دولة، بما في ذلك مصر. والهدف من ذلك هو مساعدة البلدان على تأطير استراتيجيتها الخاصة بالمناخ والتنمية، ومن ثم تحديد أولويات الإجراء أو الإجراءين اللذين سيكون لهما بالفعل أكبر تأثير على المناخ، وكذلك على التنمية.
ما زلنا بصدد وضع اللمسات الأخيرة على التقرير القطري المعني بتغير المناخ والتنمية الخاص بمصر، لكنها حددت أربع أولويات: الزراعة والمياه، إزالة الكربون في الطاقة والنقل، بناء المرونة في المدن، والاقتصاد الساحلي. هذه هي الأولويات التي نعتقد أن مصر ستركز عليها.
ثم يتعلق الأمر الثاني بنوع الاستثمارات اللازمة لتحقيق ذلك ومقدار ما سيأتي من القطاع العام وكذلك مقدار ما ستضخه بنوك التنمية متعددة الأطراف، وكذلك من القطاع الخاص. وما هي السياسات والتغييرات المؤسسية التي يجب أن تتماشى مع هذا التحول؟ لذلك بالنسبة لنا، هذا هو تجسيد المناخ وإطار التنمية على المستوى الوطني.
ثم يجب أن تقودها البلد نفسها. يتعلق الأمر بتحديد الدولة لأولوياتها والتغييرات التي تخطط للقيام بها. ثم ستكون هناك مناقشات حول كيفية تنفيذها فعليا.
إنتربرايز: كيف تتوقع أن تكون الآثار غير المباشرة للصراع في أوكرانيا على التقدم في مجال المناخ؟
ماري بانجيستو: جاء التأثير المباشر على أسعار الغذاء والطاقة. على المدى القصير، ستواجه جميع الدول ارتفاعا في معدلات التضخم وارتفاع أسعار الطاقة والغذاء ومشاكل مالية محتملة. السؤال الأكثر أهمية هو في الواقع كيف يؤثر ذلك على أهمية معالجة أزمة المناخ.
يعد أمن الطاقة الآن مشكلة كبيرة، وقد يعني ذلك أنه سيتعين علينا إبطاء التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري. لكن في الوقت نفسه، علينا تسريع التحول نحو الطاقة المتجددة. يتعلق أمن الطاقة بتنويع مصادر الطاقة التي لديك. إذا كنت تستورد الكثير من الوقود الأحفوري، فيمكنك تقليل هذا الاعتماد من خلال تطوير ما هو موجود في بلدك سواء كانت الشمس أو الرياح.
يسري المبدأ ذاته على ملف الغذاء. حتى قبل الارتفاع الحالي في أسعار القمح، كانت مشكلة انعدام الأمن الغذائي كبيرة للغاية بالفعل، لا سيما في هذه المنطقة التي تعد واحدة من أكثر المناطق عرضة للخطر. لكن علينا معالجة الارتفاع في الأسعار والإتاحة وكذلك استدامة النظم الغذائية. سواء كان الأمر يتعلق بتحسين استخدام المياه واستخدام أكثر كفاءة للأسمدة وتبطين الترع وتحلية المياه، هذه كلها إجراءات ستساعد التنمية لأنها لن تعمل على تحسين معيشة المزارعين وزيادة الإنتاجية وحسب، لكن سيكون لها نتائج مناخية جيدة أيضا.
إنتربرايز: نشرت مدونة العام الماضي حول الاتجاه نحو الحمائية. في ضوء ما يحدث مع أوكرانيا، هل هناك منطقة دافئة تمكن الدول من حماية أمنها الغذائي وأمن الطاقة مع الحفاظ على علاقات تجارية مفتوحة؟
ماري بانجيستو: أعتقد أن الهدف ليس الاعتماد على الذات فقط، لأن الاعتماد على الذات لن ينجح في معظم الدول وهذه ليست استراتيجية جيدة. يجب أن تتمثل الاستراتيجية في تنويع مصادر الإمداد، سواء كان طعاما أو طاقة، وهذا جزئيا يتعلق بالبحث المحلي، حول ما يمكننا القيام به لتحسين الإنتاج داخل دولتنا، ولكن بطريقة فعالة وليس بطريقة حمائية. إذا قمت بذلك بطريقة حمائية، فسوف ينتهي بك الأمر إلى جعل المستهلكين في بلدك يدفعون سعرا أعلى، حتى لمنتج أقل جودة.
تنويع مصادر الطاقة أو الغذاء يعني أنه يتعين علينا إبقاء سبل التجارة مفتوحة، ويجب ألا تصاب الدول بالذعر إما بتقييد الصادرات أو استيراد كميات كبيرة دون داع لأنهم خائفون ويقومون بالاكتناز. إذا قمت بذلك، فسوف تزيد التكاليف وتؤدي إلى ارتفاع الأسعار. القضية اليوم لا تتعلق بنقص الغذاء. هناك إنتاج أكثر من كافي بالفعل. إنها بالأحرى مسألة التأكد من عدم إعاقة التدفقات التجارية بحيث يذهب الغذاء إلى حيث ينبغي أن يتجه.
كنت مسؤولة في إحدى الحكومات من قبل، وفي الأزمات، فإن أهم شيء يمكن للحكومة أن تفعله هو أن يكون لديها سياسات واضحة للغاية تغرس الثقة وليس لديها تغييرات في السياسة تؤدي إلى الارتباك والذعر. عليك أن تعطي إشارة بأن هناك طعاما كافيا متاحا. لا داعي للقلق. لدينا خطط طوارئ ونركز أيضا على الإنتاج للموسم المقبل، مع التأكد من أن المزارعين لديهم ما يكفي من الأسمدة للإنتاج للموسم القادم. أعتقد أن هذه هي نوعية رسائل السياسات التي يجب على الحكومات التركيز عليها.
إنتربرايز: وهل الحكومات تركز على هذا؟
ماري بانيجستو: أستطيع أن أقول إنه بالنسبة لمعظم الحكومات، حتى في الدول المتقدمة، فإن مسألة الغذاء هي شيء يمس الناس. تستحدث بعض الدول ضوابط وقيود، لكنها لم تكن مفرطة كما في عام 2008، حينما كانت هناك تقلبات كبيرة. أعتقد أنه علينا فقط الاستمرار في طرح رسالة أهمية عدم إعاقة تدفق السلع التجارية، فضلا عن مدخلات الإنتاج الزراعي.
وهذه هي رسالتنا. كما هي رسالة مجموعة السبع. ومن المحتمل أن تكون رسالة مجموعة العشرين وهي رسالة منظمة التجارة العالمية، لنتذكر ما حدث في عام 2008، ولا نكرر هذه النتيجة.
فيما يلي أهم الأخبار المرتبطة بالحفاظ على المناخ لهذا الأسبوع:
- شيفت إي في تجمع تمويلا بـ 9 ملايين دولار: تلقت شركة شيفت إي في الناشئة في مجال التنقل الكهربائي إجمالي تمويلات يصل إلى 9 ملايين دولار، ما يضعها على الطريق لتغيير مشهد السيارات الكهربائية ليس فقط في مصر، ولكن عبر الأسواق الناشئة باستخدام تكنولوجيا مصرية للبطاريات. وحاورت إنتربرايز على الطيب الرئيس التنفيذي لشركة شيفت إي في الأسبوع الماضي.
- مصر والاتحاد الأوروبي يبحثان تعزيز التعاون في مجالي الطاقة والبيئة قبل قمة COP27: ناقش نائب رئيس مفوضية الاتحاد الأوروبي للصفقة الأوروبية الخضراء والمفوض الأوروبي للعمل المناخي فرانس تيمرمانز تعزيز التعاون في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر والاستعدادات الجارية لقمة المناخ COP27 مع عدد من الوزراء خلال زيارته إلى مصر التي استغرقت يومين.