إنتربرايز تشرح: أسواق الويب المظلمة. أغلقت السلطات الألمانية الأسبوع الماضي سوق هيدرا العاملة باللغة الروسية، وهي أكبر منصة عالمية للبيع على الشبكة المظلمة (دارك ويب) وصادرت خوادمها إلى جانب 25 مليون دولار في صورة بيتكوين. جاءت الحملة بالتنسيق مع السلطات الأمريكية، ويبدو أنها مدفوعة بالحرب الروسية في أوكرانيا. ولكن ما هي أسواق الويب المظلمة، وما مدى انتشارها، وما المخاطر التي تشكلها؟

باختصار: تقوم أسواق الويب المظلمة إما بربط المشترين والبائعين للسلع والمواد شبه القانونية أو غير القانونية، أو بيعها بأنفسهم مباشرة. تتواجد الأسواق على شبكة الإنترنت المظلمة، والتي تشبه إلى حد كبير ما تبدو عليه: شبكة من المواقع المخفية التي تعمل تماما مثل الإنترنت الذي نستخدمه جميعا، ولكنها لا تظهر في محركات البحث التقليدية. يحتاج الأمر إلى متصفح خاص للوصول إلى الويب المظلم، وأكثرها شيوعا هو تور، وهو متصفح مفتوح المصدر يسمح بالتصفح المظلم المجهول دون مقابل، بحسب المنصة البحثية إنترنت ريتيلنج.

ما الذي تتاجر به أسواق الويب المظلمة؟ أي شيء وكل شيء قد يرغب فيه عالم الجريمة. يتضمن ذلك مجموعات البرامج الضارة وبرامج الفدية، المواد غير المشروعة والمواد الكيميائية، أدوات الاحتيال مثل كاشطات بطاقات الائتمان وأجهزة الاستنساخ، بيانات مسروقة، أدوات القرصنة والبريد العشوائي والتصيد، الإلكترونيات المزيفة والبرامج المقرصنة، دروس حول كيفية ارتكاب الاحتيال أو اختراق الأنظمة، والخدمات غير المشروعة من إنشاء برامج ضارة مخصصة إلى نشر الهجمات الإلكترونية، وصولا إلى الأسلحة. عادة ما يتم الدفع مقابل السلع والخدمات في أسواق الويب المظلمة باستخدام عملات مشفرة مجهلة مثل بيتكوين.

لم يكن من المفترض أن يصبح كذلك: جرى إنشاء التكنولوجيا وراء متصفح تور بواسطة باحثين دفاعيين أمريكيين كانوا يحاولون بناء قنوات اتصال آمنة في التسعينيات. لم يتحقق هذا المشروع أبدا، لكن بعض الباحثين رأوا فائدة التواصل المجهول والخاص والفوري للنشاط الحقوقي، وأطلقوا تور كأداة مفتوحة المصدر وغير ربحية. تشير دراسة أكاديمية لعام 2018 نُشرت في سيكيوريتي جورنال إلى أن "الشبكة المظلمة لا تولد في جوهرها أنشطة إجرامية".

من المحتمل ألا تشعر شبكة الويب المظلم بغياب هيدرا لفترة طويلة: إذا أغلق أحد الأسواق، عادة ما يظهر آخرون ليحلوا محله، وفقا لما كتبته وايرد. أغلقت بالفعل العديد من الأسواق الأكثر شهرة، بما في ذلك سيلك روود وألفاباي وسوق إمباير، لكن تجارة الويب المظلم لا تظهر أي علامة على التباطؤ.

ما هو حجم سوق الدارك ويب العالمية؟ من الصعب القول، نظرا لأن الأسواق السرية ليست معتادة على الكشف عن مواردها المالية. رصدت دراسة واحدة لعام 2020، 38 سوقا مظلمة، على الرغم من وجود العديد من الأسواق على الأرجح. سيلك روود، السوق التي حصلت على أكبر قدر من الاعتراف بالعلامة التجارية قبل إغلاقها في عام 2013، خدمت أكثر من 100 ألف عميل في العامين اللذين كانت فيهما قيد التشغيل، وكانت تدير 1.2 مليار دولار في ذروتها، حسبما ذكرت وايرد. جمعت هيدرا حوالي 17 مليون عميل و19 ألف حساب بائع، وتشير تقديرات السلطات إلى أن المبيعات وصلت إلى حوالي 1.2 مليار يورو في عام 2020 وحده، وفق مقال لمجلة فايس.

التجارة الإلكترونية المظلمة هي صناعة متنامية وتغذي طفرة الجرائم الإلكترونية: نمت معاملات العملات الرقمية على الدارك ويب إلى 872 مليون دولار في 2018 من 250 مليون دولار في 2012، وفقا لتقرير صادر عن شركة تحليل المدفوعات المشفرة تشين أناليسيس في 2018، وورد في مدونة لصندوق النقد الدولي. يرجع الازدهار في التجارة الإلكترونية المظلمة جزئيا إلى الارتفاع الأخير في هجمات برامج الفدية العالمية، والتي كان من المتوقع أن تلحق أضرارا تتجاوز 20 مليار دولار في عام 2021، وفقا لتقرير صدر عام 2017 (بي دي إف) عن سايبر سيكوريتي فينتشرز، أي 57 ضعفا من التكاليف التي تسببت بها في عام 2015. وكان من المتوقع أن تكلف هذه الأضرار العالمية لبرامج الفدية العالم ما يزيد عن 265 مليار دولار بحلول عام 2031.

مصر، مثل الكثير من دول المنطقة، تشهد نموا في الهجمات السيبرانية الخبيثة: شهدت مصر حوالي 42 مليون هجمة بالبرمجيات الخبيثة في النصف الأول من عام 2021، بزيادة قدرها 32% على أساس سنوي، وفقا لشركة الأمن السيبراني كاسبرسكاي. شهدت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ككل حوالي 161 مليون هجمة بزيادة قدرها 17% على أساس سنوي.

إذا كانوا بهذا السوء، فلماذا لا نغلق كل الشبكات المظلمة؟ الأسواق تستخدم "تقنيات أمنية متطورة لإخفاء هوياتها وإخفاء مواقع خوادمها، ما يجعل من المستحيل تقريبا على وكالات إنفاذ القانون تعطيل أنشطتها"، حسبما قالت شركة الأمن السيبراني زيرو فوكس. يحتاج المنظمون الدوليون والمؤسسات المالية ووكالات إنفاذ القانون إلى العمل معا عبر الحدود لتوفير حماية البيانات وتنظيم العملات المشفرة، وحل أسواق الويب المظلمة حيثما أمكن ذلك، طبقا لصندوق النقد الدولي.