التضخم يسجل أعلى مستوى له في ثلاث سنوات خلال مارس
ارتفع معدل التضخم السنوي في المدن المصرية إلى أعلى مستوى في ثلاث سنوات خلال مارس الماضي، إذ استمرت تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية في التأثير على الاقتصاد المصري. وأظهرت البيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أمس أن معدل التضخم ارتفع إلى 10.5% الشهر الماضي من 8.8% في فبراير، ليتخطى بذلك النطاق المستهدف للبنك المركزي المصري والبالغ 7% (± 2%)، ويسجل أعلى مستوى له منذ مايو 2019. وبلغ معدل التضخم الشهري أعلى مستوى له في 41 شهرا عند 2.2%.
تجاوز الرقم توقعات غالبية المحللين: توقع المحللون في وقت سابق أن يصعد معدل التضخم إلى 10% خلال الشهر.
استمرت أسعار المواد الغذائية في الارتفاع: ارتفع تضخم أسعار المواد الغذائية بأسرع وتيرة له منذ أكتوبر 2018، إذ ارتفع بنسبة 20% تقريبا على أساس سنوي من 17.6% في فبراير، مدفوعا بالزيادات الكبيرة التي شهدها الوقود والخضراوات والسكر واللحوم والدواجن والخبز والحبوب. وتشكل المواد الغذائية والمشروبات الوزن الأكبر في سلة السلع المستخدمة لقياس تضخم الأسعار.
وارتفع معدل التضخم الأساسي السنوي أيضا إلى 10.1% من 7.2% في فبراير، وهو أعلى مستوى له منذ يونيو 2019، بحسب بيانات البنك المركزي (بي دي إف). ويستبعد معدل التضخم الأساسي في حسابه أسعار السلع المتقلبة مثل الغذاء والوقود.
يأتي ارتفاع الأسعار بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا الذي أحدث اضطرابات كبيرة لأسواق السلع العالمية، مما تسبب في تسارع التضخم الذي كان مرتفعا بالفعل حتى قبل بدء نشوب الحرب. وارتفعت أسعار المواد الغذائية العالمية إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق في مارس بعد أن عطلت الحرب شحنات القمح من روسيا وأوكرانيا، اللتان توفران معا نحو ربع إمدادات القمح في العالم، وأكثر من 80% من واردات مصر من الحبوب.
قادت الحرب الروسية الأوكرانية أيضا المخاطر العالمية وتسببت في تدفقات خارجة من الأسواق الناشئة. وقد ضاعف من ذلك قيام مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي برفع أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ عام 2018.
لعب انخفاض الجنيه والطلب الناجم عن رمضان دورا أيضا: "نعزو ارتفاع الأسعار إلى تضخم الطلب على الغذاء قبل شهر رمضان المبارك وانخفاض قيمة الجنيه بأكثر من 15% في 21 مارس"، وفق ما قالته سارة سعادة محللة أولى الاقتصاد الكلي لدى سي آي كابيتال في مذكرة بحثية أمس. وسمح البنك المركزي للجنيه بالهبوط أمام الدولار ورفع أسعار الفائدة بواقع 100 نقطة أساس الشهر الماضي، في محاولة لدعم التدفقات الوافدة.
الحقائق المحلية والعالمية تعني أن التضخم في طريقه للارتفاع في أبريل.
- عالميا: تشير التوقعات إلى أن أسعار النفط ستظل عند مستوى 100 دولار للبرميل. إلى جانب ذلك، من المتوقع أن حدوث المزيد من الاضطرابات الأكثر تأثيرا على إمدادات الغذاء العالمية في وقت لاحق من هذا العام، بسبب ارتفاع تكاليف الأعلاف والوقود والأسمدة.
- ومحليا: هناك تأثير شهر رمضان، إلى جانب ما قالته شركة النعيم حول التأثير الكامل لانخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار مؤخرا والذي لم يشعر به المواطن بشكل كامل بعد. كما أنه من المتوقع الإعلان عن زيادة أسعار الوقود في أبريل، والذي تقول سي آى كابيتال إنه "سينعكس في مراجعة تصاعدية في جميع المنتجات البترولية تقترب من الحد الأقصى للزيادات في الأسعار بنسبة 10%".
متى تبلغ ذروتها؟ يتوقع سي آي كابيتال وصول معدل التضخم إلى الذروة بالقرب من 12.5% في أبريل، فيما يتوقع الأهلي فاروس أن يستمر التضخم في الارتفاع حتى الصيف. ورجحت رضوى السويفي رئيس قسم البحوث لدى الأهلي فاروس، في تصريحات لإنتربرايز، أن يقترب المعدل الرئيسي من 12% في أغسطس، قبل أن يتناقص تدريجيا ليعود ضمن النطاق المستهدف للبنك المركزي بحلول فبراير 2023.
ماذا عن أسعار الفائدة؟ من المرجح أن يراقب البنك المركزي عن كثب تطورات السوق قبل أن يتخذ قرارا برفع أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس أخرى، بحسب السويفي، مضيفة أن رفع الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة سيكون عاملا مؤثرا أيضا في قرار البنك المركزي. ومن المقرر أن تعقد لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري اجتماعا لمراجعة أسعار الفائدة في 19 مايو.
في غضون ذلك – نجد أن معدل العائد الحقيقي على الإيداع جذاب على نحو استثنائي حتى وإن ظل سعر الفائدة الحقيقي في مصر في المنطقة السلبية على الرغم من رفع أسعار الفائدة الشهر الماضي: ومع ذلك، فإن طرح البنك الأهلي المصري وبنك مصر شهادات الادخار ذات عائد الـ 18% يعني أن معدل العائد على الإيداع في البنكين يبلغ 7.5%، وهو من أعلى المعدلات في العالم، حسبما قالت النعيم للسمسرة في مذكرة بحثية. وجذبت شهادات الإدخار تلك حتى الآن 499 مليار جنيه منذ إطلاقها الشهر الماضي، بحسب موقع مصراوي نقلا عن مصادر بالبنكين.