"وكالة الطاقة": العقوبات النفطية ضد روسيا تضعنا قاب قوسين من "أكبر أزمة إمداد منذ عقود"
هل نحن على أعتاب صدمة في إمدادات النفط العالمية؟ ربما تؤدي العقوبات "غير المسبوقة" التي فرضت على روسيا خلال الأسابيع العديدة الماضية إلى "أكبر أزمة إمداد منذ عقود" لأسواق الطاقة العالمية، وفقا لتقرير سوق النفط الصادر عن الوكالة الدولية للطاقة. وتضمنت مجموعة العقوبات التي فرضتها الدول الغربية على موسكو حظرا لتجارة الطاقة مع روسيا، إذ أعلنت المملكة المتحدة والولايات المتحدة في أوائل الشهر الماضي إيقاف استيراد النفط والغاز الروسيين. وإلى جانب هذا، "تراجعت شركات النفط الكبرى والشركات التجارية وشركات الشحن والبنوك عن أعمالها التجارية مع الدولة"، وفق ما ذكرته الوكالة. وقطعت أو علقت كبريات شركات النفط مثل شل وبريتش بتروليوم علاقاتها التجارية مع موسكو.
وتعد روسيا نقطة ارتكاز رئيسية لأسواق النفط. وتستحوذ على نصيب الأسد من صادرات النفط العالمية، إذ "تشحن 8 ملايين برميل يوميا من المنتجات النفطية الخام والمكررة لعملائها في أنحاء العالم". وتوقعت الوكالة أن ينخفض إنتاج النفط الروسي بنحو 3 ملايين برميل يوميا اعتبارا من أبريل، مع تعمق العقوبات المفروضة على البلاد وابتعاد المشترين عن النفط الروسي.
المخزونات العالمية عند مستويات متدنية قياسية بالفعل: تزداد المشكلة تعقيدا عند الوضع في الاعتبار حقيقة أن مخزونات النفط في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية كانت في يناير دون متوسطها لخمس سنوات بمقدار 335 مليون برميل، وعند أدنى مستوى لها منذ عام 2014، حسبما ذكر التقرير. ومن المرجح أن يضطر منتجو النفط إلى السحب أكثر من الاحتياطيات الضعيفة خلال العام المقبل لتغطية أزمة العرض.
هذا التراجع في العرض يعني ارتفاع الأسعار – مما يؤدي إلى حدوث ركود في الطلب: عدلت الوكالة الدولية للطاقة توقعاتها لنمو الطلب على النفط إلى 2.1 مليون برميل يوميا خلال عام 2022، مما يمثل انخفاضا بمقدار مليون برميل يوميا عن تقديراتها السابقة، الأمر الذي يضع مستويات الاستهلاك عند 99.7 مليون برميل يوميا على مدار العام.
نقص العرض + ارتفاع الأسعار = ضغط هبوطي على نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي: ارتفاع أسعار النفط، التي زادت بنسبة 30% منذ بداية العام حتى تاريخه، سيستمر في "زيادة التضخم وتقليص القدرة الشرائية للأسر، الأمر الذي من المرجح أن يثير ردود فعل سياسية من البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم، مع تأثير سلبي قوي على النمو"، حسبما ورد في التقرير. وقالت الوكالة إنه "من المتوقع أن يؤدي ارتفاع أسعار الطاقة والسلع الأساسية الأخرى، إلى جانب العقوبات المالية والنفطية المفروضة على روسيا، إلى انخفاض كبير في النمو الاقتصادي العالمي".
حتى الآن، لا توجد مؤشرات على تغير طلب المستهلكين في مصر، وهو ما يرجح أنه يعود بشكل جزئي إلى ثبات أسعار النفط، التي تتحدد على أساس ربع سنوي، طوال الأزمة وحتى الآن، في انتظار اجتماع لجنة التسعير التلقائي للمواد البترولية قريبا لتحديد أسعار الوقود خلال الأشهر الثلاثة المقبلة. لكن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي دعا المواطنين إلى ترشيد استهلاك الوقود، في ظل معاناة الحكومة مع ارتفاع أسعار النفط.
هل هناك بدائل لسد العجز؟ نعم ولا في الوقت ذاته، إذ يشير التقرير إلى أنه يمكن للسعودية والإمارات، ثاني وثالث أكبر منتجي الطاقة في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك)، أن تغطي الفجوة المتبقية في إنتاج النفط. وشهد الاجتماع الأخير للمنظمة موافقة الدول الأعضاء على زيادة الإنتاج الشهري هذا العام بمقدار ضئيل قدره 430 ألف برميل يوميا، مع تراجعها بشكل تدريجي عن تخفيضات الإنتاج التي شهدتها حقبة "كوفيد-19". وقالت أوبك إن أسواق النفط لا تزال "متوازنة بشكل جيد"، إلا أن التقلبات الحالية "ليست بسبب عوامل جوهرية، بل تعود إلى التطورات الجيوسياسية الجارية".
هناك أيضا عقبة فنية تتمثل في الاستبدال السلس لنقص الإنتاج بهذا الحجم: عجزت أوبك منذ فترة طويلة عن "الوفاء بحصصها المتفق عليها، ويرجع ذلك في الغالب إلى مشكلات فنية وقيود أخرى على الطاقة، مما أدى بالفعل إلى سحب حاد من المخزونات العالمية"، حسبما ذكرت الوكالة الدولية للطاقة في تقريرها. وهو القلق ذاته الذي أشار إليه الأمين العام لمنظمة أوبك، الذي قال في وقت سابق من هذا الشهر إنه "لا توجد قدرة في العالم حاليا يمكنها تعويض سبعة ملايين برميل [يوميا] من الصادرات" من روسيا.
يتركنا هذا أمام خيار وحيد هو اللجوء إلى الاحتياطيات: تشير التقديرات إلى أن المملكة العربية السعودية لديها احتياطيات نفطية بنحو مليوني برميل في اليوم، فيما تمتلك الإمارات نحو 1.1 مليون برميل يوميا، لكن التقرير يستبعد أن يلجأ البلدان إلى هذا الحل. وتحركت الولايات المتحدة بشكل منفصل لإتاحة 30 مليون برميل من احتياطياتها، كجزء من خطة أكبر بالتنسيق مع دول أخرى لدعم الإمدادات العالمية من خلال إطلاق 60 مليون برميل، بعد تحرك واشنطن لفرض عقوبات ضد موسكو.
ماذا عن إيران؟ ربما تكون احتياطيات إيران البالغة 1.2 مليون برميل في اليوم مفيدة لتهدئة اضطراب الإمدادات العالمية، لكن هذا سيتطلب تخفيف العقوبات والعودة للاتفاق النووي قبل أي شيء. وذكر التقرير أنه "في حالة التوصل إلى اتفاق [مع إيران]، يمكن أن تزيد الصادرات بنحو مليون برميل في اليوم على مدى ستة أشهر". ومن المرجح أن تأتي زيادة الإنتاج في الوقت الحالي من قبل الولايات المتحدة وكندا والبرازيل وغويانا، ولكن "أي احتمال صعودي على المدى القريب سيكون محدودا"، حسبما حذرت الوكالة في تقريرها.
هل يبشر ذلك بمزيد من التقدم نحو التحول العالمي بعيدا عن الوقود الأحفوري؟ يشير التقرير إلى أن أزمة الإمدادات يمكن أن يكون لها "نتائج دائمة" على سوق الطاقة العالمية، بما في ذلك فرض إعادة التفكير في الاعتماد على الوقود الأحفوري وتسريع التحول الأخضر. وذكر التقرير أن "التوافق بين أمن الطاقة والعوامل الاقتصادية اليوم قد يؤدي إلى تسريع التحول بعيدا عن النفط".
أبرز أخبار البنية التحتية في أسبوع:
- سيتعاون البنك الأفريقي للتصدير والاستيراد (أفريكسيم بنك) مع السويدي إليكتريك وثلاث شركات مصرية أخرى لتوجيه استثمارات بقيمة 1.5 مليار دولار إلى مشروعات البنية التحتية في أنجولا.
- بدأت المصرية للاتصالات وشركة AMX-IX الهولندية تشغيل مركز EG-IX لتبادل حركة الإنترنت الجمعة الماضي. و"IX"، هي نقطة تبادل الإنترنت (IX/IXP – Internet Exchange Point)، وتعد نقطة محورية حقيقية يتبادل من خلالها مزودو الإنترنت وشبكات توصيل المحتوى حركة الإنترنت مباشرة، دون الحاجة إلى الاعتماد على شبكات الطرف الثالث.
- التقى وزير الكهرباء محمد شاكر بالرئيس التنفيذي لشركة سيمنز للبنية التحتية الذكية ماتيس ريبيليوس لمناقشة تعزيز التعاون في مجال الطاقة المتجددة والتحول الرقمي والشبكات الذكية ومتابعة التقدم المحرز في مركز التحكم القومي في العاصمة الإدارية الجديدة. (بيان)