مع توقف الاستيراد.. هل مصر قادرة على تخزين المزيد من القمح المحلي؟
رفعت الحكومة مستهدفها لشراء القمح المحلي هذا الموسم.. ولكن ما هو حجم قدرتنا على تخزينه؟ اكتسب محصول القمح المحلي أهمية جديدة في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا الذي هدد نحو 80% من وارداتنا. طرفا الصراع هما أكبر موردي القمح لمصر، وقد أثرت الحرب بالفعل على مشترياتنا، إذ ألغت الهيئة العامة للسلع التموينية مناقصتين منذ اندلاع الحرب. وتفاعلت الحكومة مع الأزمة من خلال زيادة مستهدفها لمشتريات محصول القمح المحلي خلال الموسم الحالي إلى 6 ملايين طن، ارتفاعا من 3.5 مليون طن اشترتها من المزارعين في الموسم الماضي.
ومع التوقعات بأن تلبي مستهدفات التوريد الاحتياجات الاستهلاكية، فإن المشكلة التالية التي يتعين التفكير فيها هي القدرة التخزينية: لدى الحكومة حاليا 44 صومعة، بعد أن عززت من القدرة التخزينية خلال الثمانية أعوام الماضية لإضافة 35 صومعة إلى الـ 9 التي كانت لدى الحكومة في 2014، بحسب الشركة المصرية القابضة للصوامع والتخزين. وفي عام 2020، زادت سعة تخزين القمح في مصر لتتجاوز 4 ملايين طن من 3.6 مليون طن في العام السابق. وتأتي زيادة السعة التخزينية كجزء من المشروع القومي للصوامع وتهدف للحد من نسبة الهدر التي كانت تصل إلى 15% في السابق.
هناك بدائل تخزين للصوامع الحكومية: بالإضافة إلى الصوامع المملوكة للدولة البالغ عددها 44 صومعة، تستخدم الحكومة أيضا الصوامع المستأجرة والهناجر والمخازن ومراكز التجميع وحاويات الحبوب وشون القمح المطورة، مما يرفع إجمالي طاقتنا إلى 5.4 مليون طن، وفقا لبيانات حديثة من الشركة المصرية القابضة للصوامع والتخزين وخدمة إي إي إس إس.
لدى الدولة منظومة لتخزين القمح المحلي والمستورد: قال حسين أبو الدهب، عضو شعبة صناعة الحبوب ورئيس مجلس إدارة دهب للصناعات الغذائية، لإنتربرايز، إن الحكومة عادة ما تخفض وارداتها من القمح في موسم الحصاد لتوفير مساحة للإمدادات المحلية، ثم تستأنف دورة الاستيراد مجددا بمجرد انخفاض احتياطيات القمح المحلية.
حققت السعة التخزينية للبلاد الغرض منها حتى الآن: أمنت كمية الصوامع الجديدة التي أنشئت في الثمانية أعوام الماضية احتياجات القمح الأساسية للبلاد حتى الآن، وسمحت للحكومة بمواصلة دعم الخبز، وفق ما قاله رئيس شعبة المخابز بغرفة القاهرة التجارية عطية حماد لإنتربرايز.
ولكن لا يزال هناك عجز في القدرة التخزينية: لا تزال القدرة التخزينية الإجمالية الحالية لمصر تترك فجوة بنحو 600 ألف طن تعتزم الحكومة شراءها محليا خلال هذا الموسم دون وجود خطة واضحة للتخزين – هذا دون احتساب الاحتياطي الاستراتيجي من القمح لدينا، وهو ما يكفي لتغطية استهلاك أربعة أشهر مقبلة، كما تشغل جزءا كبيرا من قدراتنا التخزينية.
المحصول المحلي في طريقه لتحقيق أرقام قياسية جديدة هذا العام: يقدر حجم المحصول المتوقع للموسم الحالي ما بين 9.8 إلى 10.5 مليون طن، مقابل 9 ملايين طن في الموسم السابق. وتتوقع وزارة الزراعة الأمريكية (بي دي إف) الحد الأدنى من النطاق، فيما يتوقع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام الحد الأعلى له. وأشار أبو صدام إلى أن الحكومة رفعت أسعار توريد القمح المحلي في نوفمبر الماضي إلى ما يتراوح بين 800-820 جنيها للأردب، في خطوة مشجعة على زيادة المساحة المزروعة بالقمح هذا العام. وأدت أيضا الإجراءات الأخرى المتخذة في هذا الصدد إلى زيادة إنتاجية الفدان، إذ يبلغ متوسط إنتاجية الفدان 18-20 أردبا، وفق ما قاله المتحدث باسم وزارة الزراعة محمد القرش مؤخرا.
قد تعزز الحوافز الأخيرة العرض بشكل أكبر: رفعت الحكومة أسعار توريد القمح المحلي مجددا في وقت سابق من مارس الحالي إلى 865-885 جنيها للأردب، ممسكة بالعصا من المنتصف تقريبا بعد أن طالب المزارعون بزيادة الأسعار إلى ألف جنيه للأردب لمساعدة الصناعة على مواجهة التضخم وتحقيق أهداف الإنتاج. وأيضا أقرت الحكومة حدا أدنى من حصص التوريد بواقع 12 أردب قمح عالي الجودة من إنتاجية الفدان، وحظرت على المزارعين بيع باقي محصولهم لمشترين آخرين، أو نقل الحبوب، دون ترخيص من وزارة التموين. وسيحصل الذين يبيعون 90% أو أكثر من محصولهم إلى الحكومة أيضا على الأسمدة المدعمة للزراعة الصيفية، في حين سيتعرض المخالفين لتلك الضوابط لعقوبة تصل إلى السجن لمدة خمس سنوات وغرامة تصل إلى ألف جنيه.
الخبر الجيد هو دخول القطاع الخاص الوشيك للمساعدة في زيادة التخزين. طرحت وزارة المالية مؤخرا مناقصة أمام الشركات لتوفير مساحات لتخزين الحبوب بالشراكة بين القطاعين العام والخاص، إذ شهدت المرحلة الأولى منح شركة أوراسكوم كونستراكشون وسامكريت وحسن علام عقود إنشاء أربعة مستودعات في الشرقية والسويس والفيوم والأقصر، باستثمارات إجمالية تصل إلى 3.2 مليار جنيه، وفق ما قاله رئيس وحدة الشراكة بين القطاعين العام والخاص في الوزارة عاطر حنورة. وستوقع العقود في غضون أسابيع، وستبدأ بعدها وزارة المالية في الاستعداد لطرح مناقصة ثانية من المتوقع إطلاقها في وقت لاحق هذا العام، حسبما أوضح حنورة لإنتربرايز.
وتخطط الوزارة لإنشاء المزيد من الصوامع خلال العامين المقبلين: أعلنت الشركة المصرية القابضة للصوامع والتخزين أواخر العام الماضي عن خطط لإنشاء خمس صوامع باستثمارات 600 مليون جنيه خلال العامين المقبلين. وقد تتحرك الحكومة أيضا لاستئجار صوامع من القطاع الخاص، مما قد يسمح لها بالحصول على مخازن كافية لستة ملايين طن من القمح، وفق ما قاله أبو صدام لإنتربرايز.
يساعد إدخال التكنولوجيا الزراعية في هذا القطاع أيضا على كفاءة التخزين: تعاونت الحكومة مؤخرا مع شركة آي بي إم لأتمتة 22 صومعة قمح لزيادة كفاءة سلسلة التوريد في أول خطوة نشهدها نحو إدخال التكنولوجيا الزراعية إلى القطاع. ويهدف المشروع إلى تزويد الصوامع ببرمجيات مدعومة بالذكاء الاصطناعي، والتي ستقوم بأتمتة وتقديم البيانات اللحظية الخاصة بعمليات الشحن والنقل والتخزين والإمداد لصوامع القمح، مما يساعد في النهاية على التخلص من المخلفات وتحسين احتياطياتنا.
أبرز أخبار البنية التحتية في أسبوع:
- فرنسا توفر تمويلا بـ 777 مليون يورو لتطوير الخط الأول للمترو: وقعت مصر اتفاقية قرض بقيمة 776.9 مليون يورو مع فرنسا لتمويل تصنيع وتوريد 55 قطارا جديدا للخط الأول لمترو أنفاق القاهرة، من قبل شركة ألستوم الفرنسية.
- وابتيك الأمريكية لمعدات السكك الحديدية تعتزم تقديم عرض لتزويد مصر بأول جرارات كهربائية تعمل بالبطاريات في العالم.
- البنك المركزي المصري يطلق تطبيقا وطنيا للمدفوعات الرقمية، تحت اسم InstaPay، والذي يقدم خدمات المدفوعات الفورية والآمنة بين البنوك المصرية، وبطاقات ميزة، ومحافظ الهاتف المحمول عبر شبكة المدفوعات اللحظية (IPN) الجديدة.