العالم يواجه أكبر صدمة سلعية منذ عقود
يواجه العالم أكبر صدمة سلعية منذ عقود بعد أن أدى الصراع في أوكرانيا إلى قطع ربع إمدادات القمح العالمية، ومع مواصلة الدول الغربية عزل روسيا – ثاني أكبر منتج للسلع في العالم – عن الاقتصاد العالمي.
وفيما يلي ملخص لأداء أسواق السلع العالمية الأسبوع الماضي، من بلومبرج (من هنا، وهنا، وأيضا هنا):
- شهد مؤشر بلومبرج للمواد الخام أكبر مكاسب أسبوعية لها منذ عام 1960 على الأقل.
- ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بنسبة 20% تقريبا لتصل إلى ما يقرب من 120 دولار للبرميل – وهو أعلى مستوى لها منذ 2012 ونحو ضعف السعر المعتمد للبرميل في موازنة مصر للعام المالي 2022/2021.
- ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي الأوروبية لمستويات قياسية.
- سجلت المعادن أكبر مكاسب أسبوعية لها، إذ بلغ الألومنيوم أعلى مستوى له على الإطلاق، أما النيكل والزنك فسجلا أعلى مستوى لهما منذ أكثر من 10 سنوات.
- قفزت أسعار الفحم بنسبة 80%.
- ارتفعت العقود الآجلة للقمح الأمريكي بأكثر من 40% لتصل إلى أعلى مستوى لها في 14 عاما.
"لا يمكنك وقف التعامل مع ثاني أكبر منتج للسلع في العالم ثم لا تتوقع حدوث أمور سيئة"، وفقا لما قاله جيف كوري، رئيس أبحاث السلع لدى بنك الاستثمار الأمريكي جولدمان ساكس لبلومبرج.
ارتفعت أسعار المواد الغذائية العالمية إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق في فبراير – وكان ذلك قبل بدء الحرب الروسية على أوكرانيا: وأظهرت البيانات الصادرة عن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة أمس أن أسعار المواد الغذائية سجلت ارتفاعا قياسيا في فبراير، متجاوزة الرقم القياسي السابق المسجل في فبراير 2011.
من المعلوم أن القمح والنفط سلعتان حيويتان في مصر، إذ تستورد البلاد نحو 60-80% من وارداتها من أوكرانيا وروسيا، اللتين استبعد إنتاجهما من القمح – والذي يمثل نحو ربع الإمدادات العالمية – من الأسواق.
ستؤثر الحرب الروسية الأوكرانية حتما على الاقتصاد المصري، وفق ما قاله وزير المالية محمد معيط لجريدة المصري اليوم الأسبوع الماضي. وأشار إلى أن ارتفاع أسعار النفط – الذي وصل إلى 118.11 دولار خلال عطلة نهاية الأسبوع – ليس "خبرا جيدا" للاقتصاد، مشيرا إلى أن مصر تستورد حاليا أكثر من 120 مليون برميل من الخام سنويا. وسلط الوزير الضوء أيضا على تأثير الحرب على صناعة السياحة في البلاد، وقال إن السياح الروس والأوكرانيين يمثلون 35-40% من إجمالي عدد السياح في المنتجعات المصرية.
سارع معيط لتهدئة المخاوف بشأن الأحداث في أسواق القمح، مشيرا إلى أن مخزون مصر وزيادة المحصول المحلي والاتفاق مع موردين جدد سيخفف من الضغوط القادمة. وقال إن البلاد لديها حاليا احتياطي استراتيجي من القمح يكفي لمدة 4.5 أشهر وسيوفر المحصول المحلي ما يعادل 4 أشهر أخرى.
وأكد الأمر نفسه مساعد وزير التموين إبراهيم عشماوي الذي قال لرويترز يوم الخميس إن مخزون القمح لدى مصر يعني أنها ليست في عجلة من أمرها للبحث عن موردين جدد. وجاء ذلك في الوقت الذي قال فيه تجار لرويترز إن شحنتين تبلغان 120 ألف طن من القمح المتجه إلى مصر محجوزين في الموانئ الأوكرانية. الهيئة العامة للسلع التموينية، والتي ألغت بالفعل مناقصتين منذ بداية الحرب، وافقت على تمديد الموعد النهائي للشحن وقدمت المزيد من المرونة بشأن المستندات. وقال عشماوي: "لا نعرف ماذا سيحدث للسفن، لكن لدينا مفاوضاتنا".
ماذا سيحدث إذا لم يلتزم الموردون بالموعد النهائي "الممدد" بالفعل؟ قال متعاملون إن الموردين ملزمون بالبحث عن مصدر بديل للشراء إذا فشلوا في تنفيذ الشراء بأنفسهم، لأن عقود الهيئة العامة للسلع التموينية لا تتضمن بند "القوة القاهرة".
تتطلع مصر إلى الاتحاد الأوروبي للواردات المستقبلية، لكنها "لن تستبعد مصدرين آخرين مثل الولايات المتحدة وكازاخستان ورومانيا"، حسبما أضاف عشماوي.
تقلص المعروض وارتفاع الأسعار يزيد من الضغوط على الدولة لاتخاذ إجراءات بشأن الدعم: لا تزال وزارة التموين تدرس عدة سيناريوهات لتقليص دعم الخبز للمرة الأولى منذ عقود، ومن المتوقع أن تعلن قرارها النهائي في هذا الشأن بحلول نهاية مارس.