المستقبل قريبا: تفاءلوا.. واحذروا
تكنولوجيا المستقبل.. عالم جديد مخيف: عام 2030 ليس بعيدا لهذه الدرجة، لكن هناك بعض التقنيات الجديدة والرائعة التي من المتوقع أن نراها في ذلك العام، والتي يستعرضها تقرير حديث (بي دي إف) لشركتي ذا فيوتشر لابوراتوري وفودافون سمارت تك. يقدم التقرير رؤية للعالم في 2030، حيث تسيطر التكنولوجيا الذكية التي تطورها الشركات في الوقت الحالي، وتنقل حياة الفرد والمجتمع إلى مستويات غير مسبوقة من التواصل.
هذه التقنيات ستشملنا جميعا، وسيكون لديها المزيد من التحكم في حياتنا اليومية: التكنولوجيا الذكية المتوقع وصولها في 2030 ستكون أكثر شمولا، وتدعمها بنية تحتية أقوى (بعض الدول سيكون لديها الجيل السادس 6G)، وستكون كذلك أكثر سهولة في التعامل وأكثر قابلية للتكيف مع التفضيلات الشخصية لكل فرد. ورغم أن هذه التطورات التقنية ستسمح لنا بالاستفادة بشكل أفضل من مواردنا ومساحاتنا وأوقاتنا، فإنها في الوقت ذاته ستجمع المزيد من المعلومات عنا، وتراقب المزيد من أنشطتنا، وبالتالي تتحكم فينا بشكل أكبر.
لنبدأ بالأشياء الغريبة – أجهزة نتحكم فيها بعقولنا: بحلول عام 2030، ستتطور بعض التقنيات بالشكل الذي يجعلها لا تحتاج إلى "التفاعل" البشري الحسي، وفق التقرير. مثال على ذلك: جهاز ألتر إيجو، الذي يلتقط الإشارات المرسلة من الدماغ إلى الفم عندما "يقول" المستخدم الأفكار في رأسه، ويترجمها إلى كلمات، بحيث يمكن للمستخدم التفاعل مع الكمبيوتر أو الأجهزة الأخرى أو الذكاء الاصطناعي دون أن يلفظ شيئا. أما مشروع ميديتيد أتموسفير فيستخدم أجهزة استشعار لقياس معدلات ضربات قلب المستخدم وتعبيرات وجهه، وذلك من أجل ضبط الأضواء والأصوات داخل المساحة التي يشغلها تلقائيا.
والمزيد – نسخ عالية الحسية من الواقع: من المتوقع أن يكون الواقع الممتد (XR) جزءا مهما من حياتنا اليومية، وهو باختصار كل التفاعلات الواقعية والافتراضية بين الإنسان والكمبيوتر، ويشمل الواقع الافتراضي والواقع المعزز والواقع الهجين، وهو ما سيترتب عليه اختفاء الخطوط الفاصلة بين الملموس وغير الملموس. ومن المنتظر أن تضيف هذه التكنولوجيا 1.5 تريليون دولار إلى الاقتصاد العالمي بحلول عام 2030، وأن تغير الطريقة التي نتعامل بها مع الحياة بشكل جذري. تخيل نفسك تتابع مباراة ثلاثية الأبعاد على أي سطح قريب، أو تتفقد محتويات المتاحف من منزلك وكأنها بين يديك، أو تدخل الميتافيرس لتتجول قليلا، أو تتعلم كيفية أداء بعض الأعمال عن طريق نظارات ذكية.
تقنيات تنسى وجودها أصلا: لن تكون التكنولوجيا الذكية في 2030 مزعجة على الإطلاق، مثل لوحة التحكم الخشبية البسيطة التي تقدمها شركة موي لاب، والتي تتحكم في درجة الحرارة وتفتح الأبواب وتشغل الموسيقى وتؤدي بعض المهام الأخرى، ولكنها مصممة خصيصا كي لا تجذب انتباه المستخدم.
هذه التكنولوجيا الذكية يمكن أن تعالج بعض المشكلات الاجتماعية الملحة اليوم، مثل القمامة وسوء تخطيط المدن والقضايا الصحية، كما يوضح التقرير. وهذا هو الاتجاه الذي تدفع إليه المدن الذكية في العالم الآن، بما في ذلك مصر.
ستقدم التكنولوجيا طرقا مبتكرة لتعزيز الاستدامة البيئية: سيظهر للمستهلكين، من خلال البيانات، كيف تتغير بصماتهم البيئية من خلال اختياراتهم اليومية. يساعد دي إمباكت، على سبيل المثال، المستخدمين على تقييم الأثر البيئي لاستهلاك محتوى الوسائط الرقمية، بينما يسمح ديكونومي للأفراد والشركات والعلامات التجارية بقياس آثارهم البيئية وحساب التأثير البيئي للمعاملات المالية. ستوجه الأجهزة الشخصية بشكل متزايد نحو الاستدامة، ومصممة للعمل عبر أجيال مختلفة من التكنولوجيا لتقليل النفايات. قد تتشارك في المستقبل موارد مثل الطعام أو الطاقة الشمسية تلقائيا بين المنازل، بالتنسيق بين الأجهزة التقنية الذكية التي تتواصل مباشرة مع بعضها البعض.
في المدن الذكية، ستعمل المركبات والبنية التحتية على استغلال المساحة وتوقع الاحتياجات البشرية: ستعمل أنظمة التنقل الذكية المستقلة على تقليص أوقات التنقل وتجعل بيئات المدينة أكثر خضرة وأكثر ملاءمة للعيش. ستكون المركبات الكهربائية ذاتية القيادة هي المعيار لخدمات النقل التشاركي، إذ تقدم تطبيقات مثل كوارتر كار أقساما للمركبة حتى يتمكن المستخدمون من اختيار الخصوصية. تختبر أرجوديزاين مشروع حيث تقوم طائرات بدون طيار ذاتية التشغيل بتسليم البقالة إلى الثلاجات الخارجية، والتي تخزن تلقائيا بناء على مشتريات المستهلكين السابقة. سيؤدي الاتصال الحضري إلى ظهور أشياء مثل الزراعة العمودية واستخدام المباني كمرافق مجتمعية منتجة للطاقة.
يمكن أن تساعد الحلول الرقمية في تسهيل العيش المستقل وتشخيص الأمراض وحتى تخفيف الألم: تعمل التكنولوجيا المساعدة مثل تطبيق فودافون كونكتد ليفينج على أتمتة بعض المهام، بينما تساعد المستخدمين على أداء مهام أخرى. صمم التطبيق للأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية ولكن يمكن للتكنولوجيا أيضا أن تساعد كبار السن على العيش بشكل مستقل. في 2030 سيكون الذكاء الاصطناعي قادرا على مراقبة القياسات الحيوية، بما في ذلك معدل ضربات القلب والجهاز التنفسي ومستوى المياه في الجسم وضغط الدم ومستويات السكر في الدم، لمنع الحالات الصحية المزمنة قبل ظهورها. تستكشف جوجل حاليا مستشعرا بصريا يراقب صحة القلب والأوعية الدموية، والذي يمكن وضعه في مرآة الحمام لتتبع ديناميكيات تدفق الدم، مثل التغيرات في لون البشرة. وفي الوقت نفسه، ستستخدم تقنية الواقع الافتراضي بشكل متزايد كوسيلة لتقديم العلاجات الطبية، بما في ذلك العلاج الذي يقلل من النشاط في مناطق الدماغ الخمس المرتبطة بالألم.
لكن ماذا عن القضايا الأخلاقية؟ كل هذا الرصد وجمع البيانات سيضع العبء بقوة على الشركات لإظهار أنها تتخذ إجراءات هادفة لحماية خصوصية البيانات. يعمل الباحثون في معهد سي لاب للأمان والخصوصية حاليا على نموذج أولي لملصق يمكن وضعه على الأجهزة الذكية، بدءا من الكاميرات الأمنية وحتى فرش الأسنان، يقدم معلومات الخصوصية التي فحصها الخبراء. وجرى تصميم شركة بتلر للتكنولوجيا التي أطلقها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا لتوفير بيانات في الوقت الفعلي عن حركات الفرد ودرجة حرارة الجسم وسلوكه، ولكن دون انتهاك الخصوصية. تستخدم التقنية مستشعرات الأشعة تحت الحمراء السلبية، والتي تكتشف حرارة الجسم فقط، لذلك لا يمكنها تحديد هويتك فقط أين أنت وأين تذهب.
كم من هذه التكنولوجيا سيصل مصر بحلول عام 2030؟ الأمر غير واضح: المستقبل الموضح في تقرير فودافون هو مستقبل عالمي ولا يقدم بيانات خاصة بكل بلد. لذلك من المنطقي أن نتخيل أن طرح هذه التطورات التقنية سيختلف، وأن معدل التبني سيعتمد على حالة البنية التحتية الرقمية لكل بلد.
لكن شهيتنا للتكنولوجيا الذكية آخذة في الارتفاع بشكل واضح: اعتماد الأجهزة المنزلية الذكية ينمو بسرعة في مصر، كما ذكرنا العام الماضي. اعتبارا من يناير 2021، وصلت الأجهزة المنزلية الذكية إلى 1.6 مليون منزل، ارتفاعا من 280 ألفا في يناير 2020. وارتفعت القيمة السوقية إلى 133 مليون دولار في يناير 2021 من 94 مليون دولار في يناير 2020، وشهدت مشتريات الأجهزة زيادة بنسبة 94% على أساس سنوي في عام 2019، وفقا لبيانات من دجيتال 2021: مصر للعام الماضي بواسطة داتا بورتال.