رغم تشديد الفيدرالي للسياسة النقدية.. استطلاع إنتربرايز يتوقع اتجاه المركزي لتثبيت الفائدة
استطلاع إنتربرايز – من المرجح أن يبقي البنك المركزي المصري على أسعار الفائدة دون تغيير حينما تجتمع لجنة السياسة النقدية لمراجعتها الخميس المقبل، على الرغم من التوقعات بارتفاع التضخم محليا وتشديد السياسات النقدية عالميا. ورجح جميع المحللين والخبراء الاقتصاديين والمصرفيين الذين شملهم استطلاع إنتربرايز الدوري أن تثبت اللجنة أسعار الفائدة عند معدلاتها الحالية، مستبعدين أن تواجه تجارة الفائدة في مصر ضغوطا وشيكة من رفع الفائدة الأمريكية، كما توقعوا ألا يتخطى التضخم مستهدف البنك المركزي.
أبقى البنك المركزي على أسعار الفائدة دون تغيير لأكثر من عام، مثبتا سعر العائد على كل من الإيداع والإقراض لليلة واحدة حاليا 8.25% و9.25% على الترتيب، منذ خفض الفائدة بواقع 50 نقطة أساس في نوفمبر 2020. ويبلغ سعر العملية الرئيسية وسعر الخصم والائتمان 8.75% لكل منها.
قال مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي عقب اجتماعه الأسبوع إنه سيبدأ على الأرجح في رفع أسعار الفائدة اعتبارا من مارس المقبل، إذ يحاول صناع السياسات كبح التضخم الذي قفز إلى مستويات لم يبلغها منذ ثمانينيات القرن الماضي. ووضعت الأسواق في حساباتها بالفعل أربع زيادات في أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس لكل منها هذا العام، في ما قد يكون أكبر دورة تشديد ينفذها البنك المركزي الأمريكي منذ منتصف العقد الأول من القرن الحالي، مما يضع ضغوطا على الأصول الخطرة في جميع أنحاء العالم.
لن تتعرض مصر للضغط على الفور: سعر الفائدة الحقيقي في مصر والذي يعد من بين الأعلى على مستوى العالم سيدعم تدفقات استثمارات المحافظ الأجنبية حتى إذا ارتفعت الفائدة الأمريكية، وفق ما ذكره عدة محللين لإنتربرايز. يبلغ سعر الفائدة الحقيقي في مصر حاليا 4%، وهو ما يقارن بشكل إيجابي بالعائد في الولايات المتحدة وكذلك الأسواق الناشئة التي تقدم أسعار فائدة مرتفعة مثل تركيا، وفق ما ذكرته مونيت دوس، محللة أولى الاقتصاد الكلي وقطاع الخدمات المالية بشركة إتش سي للأوراق المالية والاستثمار. وتابعت: "نعتقد أن تجارة الفائدة في مصر ما تزال جذابة عند المستويات الحالية، حتى إذا شرع الفيدرالي الأمريكي في رفع الفائدة في مارس المقبل، نجد أن العائد على السندات الأمريكية لأجل عامين سيصل إلى سالب 2.2%… وحاليا تقدم تركيا عائدا حقيقيا قدره 3.8%، وفقا لحساباتنا". وقال الخبير المصرفي هاني أبو الفتوح إنه على الرغم من التحديات التي تواجهها لجنة السياسة النقدية محليا وعالميا، فإنها "لن تواجه ضغوطا باتخاذ قرار متعجل برفع الفائدة، إذ أن مصر لديها سعر فائدة حقيقي ما زال هو الأعلى على مستوى الأسواق الناشئة، إلا إذا تعرضت تلك الأسواق إلى نزوح استثمارات الأجانب في أدوات الدين نحو الملاذات الآمنة".
لكن تلك الأسعار ربما ليست مرتفعة بما يكفي: رجح عدد كبير من المحللين أن يضطر المركزي المصري لرفع أسعار الفائدة في وقت لاحق من العام الحالي مع مواصلة ارتفاع الفائدة عالميا. "مع استعداد الاحتياطي الفيدرالي للبدء في تشديد السياسات، تتنامى احتمالات أن يحتاج المركزي المصري إلى رفع أسعار الفائدة في وقت لاحق من العام"، وفقا لما ذكره جيمس سوانستون، محلل الاقتصاد الكلي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى مؤسسة كابيتال إيكونوميكس البريطانية في مذكرة بحثية تلقت إنتربرايز نسخة منها.
وربما تدفع الضغوط التضخمية صناع السياسات لرفع الفائدة أيضا: قالت منى بدير، محللة أولى الاقتصاد الكلي في برايم القابضة لإنتربرايز "نري احتمالا كبيرا برفع الفائدة بما لا يتعدى 100 نقطة أساس في 2022، وهو ما سيكون مرهونا على الأغلب بتأثير مسار السياسة النقدية في الدول المتقدمة وارتفاع أسعار السلع العالمية خصوصا المواد الغذائية وقدرتها على التأثير على التضخم المحلي".
التضخم سيواصل مساره الصعودي خلال الشهور المقبلة: اتفق المحللون على أن التضخم سيستمر في الارتفاع الفترة المقبلة، ورجح معظمهم أن يتراوح متوسط معدل التضخم السنوي العام في الحضر بين 7-7.5% خلال النصف الأول من عام 2022، مع انعكاس تأثيرات ارتفاع أسعار النفط والمواد الغذائية على الاقتصاد المحلي. يتوقع محمد أبو باشا، رئيس وحدة بحوث الاقتصاد الكلي لدى المجموعة المالية هيرميس، أن يصل التضخم إلي 7% في المتوسط خلال العام الجاري، "نتيجة استمرار الانعكاس التدريجي للأسعار العالمية على السوق المحلية وضعف سنة الأساس خاصة في النصف الأول من العام". واتفقت مع الرأي السابق عالية ممدوح، كبيرة الاقتصاديين لدى بنك الاستثمار بلتون، مرجحة أن "يشهد الربع الأول من 2022 قراءات تضخم أعلى من 6%". سجل معدل التضخم السنوي العام بالمدن المصرية ارتفاعا طفيفا إلى 5.9% في ديسمبر، من 5.6% في نوفمبر.
لكن من المستبعد أن يتجاوز مستهدف المركزي: لم يتوقع أي من المحللين والخبراء الذين شملهم الاستطلاع أن يسجل التضخم ارتفاعا كبيرا فوق نطاق مستهدف المركزي البالغ 7% (±2%). وقال الخبير المصرفى محمد عبد العال عضو مجلس إدارة بنك قناة السويس، إنه بالرغم من الاتجاه التصاعدي لمعدلي التضخم العام والأساسي، إلا أنهما سيظلا تحت النطاق المستهدف من البنك المركزي. ومن جانبها، قالت المحللة الأولى للاقتصاد الكلي في بنك الاستثمار سي آي كابيتال سارة سعادة إن من المتوقع أن يصل متوسط التضخم خلال العام الحالي إلى 7.5% رغم تفشي أوميكرون وارتفاع أسعار النفط العالمية، ونظرا لأن المركزي يستهدف التضخم بالأساس، فمن المستبعد أن يقدم على تغيير السياسة النقدية في الوقت الراهن.