المنتدى الاقتصادي العالمي يدق ناقوس الخطر لعدة تهديدات مستقبلية
معنويات ضعيفة تجاه التعافي الاقتصادي العالمي المتسارع: نشر المنتدى الاقتصادي العالمي تقرير المخاطر العالمية لعام 2022 (بي دي إف)، وحدد أكبر 10 تهديدات يواجهها العالم في السنوات المقبلة. أظهر التقرير الذي يحظى بتقدير كبير أن المسؤولين وكبار رجال الأعمال ليس لديهم ثقة كبيرة في التعافي العالمي المتسارع، وأيضا في مستقبل العالم. وجد المسح الذي أجراه المنتدى الاقتصادي العالمي أن 84% من المشاركين قلقون أو مهمومون بشأن التوقعات للعالم، بينما كان 12% فقط إيجابيين و4% متفائلين. أوضحت سعدية زهيدي، المديرة الإدارية للمنتدى الاقتصادي العالمي، في مقابلة مع تلفزيون بلومبرج (شاهد 5:42 دقيقة) أن العالم الآن في "عاصفة كاملة" من الأزمات الاقتصادية والصحية إلى جانب التهديد الوشيك للتغير المناخي على المدى الطويل.
تشكل المخاطر المتعلقة بالمناخ نصف أكبر 10 تهديدات: يتصدر فشل العمل المناخي قائمة المخاطر، يليه الطقس المتطرف، نقص التنوع البيولوجي، وتآكل التماسك الاجتماعي، وأزمات سبل العيش، والأمراض المعدية، والأضرار البيئية البشرية، وأزمات الموارد الطبيعية، وأزمات الديون، والصعوبات الجيواقتصادية.
قبل أن نفكر في كوارث المستقبل، هناك أزمة الجائحة في الوقت الراهن: أدى انتشار المتحورات الجديدة وارتفاع عدد الحالات العالمية إلى تأخير نهاية الوباء وفاقم عدم اليقين المصاحب له. وفي الوقت نفسه، ما تزال قضية تباين توزيع اللقاحات تؤكد على عدم المساواة على الصعيد العالمي، حيث يبلغ معدل التطعيم في أفقر 52 دولة 6% فقط. سيؤدي هذا التعافي غير المتكافئ من الجائحة إلى تفاقم التصدعات الاجتماعية والتوترات الجيوسياسية في وقت يحتاج فيه العالم إلى تعاون أفضل للتعامل مع القضايا ذات الاهتمام المشترك.
عجل وباء "كوفيد-19" من الجدول الزمني للانهيار المتوقع للتماسك الاجتماعي: تآكل التماسك الاجتماعي هو الخطر الذي ازداد سوءا على مستوى العالم منذ بداية الجائحة. إنه تهديد خطير يمتد على المدى القصير والمتوسط والطويل من خلال عدم المساواة الاقتصادية والسياسية والتكنولوجية وعدم المساواة بين الأجيال. انتشرت الاحتجاجات والاضطرابات خلال العامين الماضيين بعد أن وضحت هذه التفاوتات، إذ قدر البنك الدولي أن أغنى 20% من سكان العالم سوف يتعافون من نصف خسائرهم في عام 2021، بينما سيخسر الـ 20% الأكثر فقرا 5% من دخلهم. سيستغرق الاقتصاد العالمي على الأقل حتى عام 2023 لخلق الوظائف التي فقدت بسبب الجائحة، ولكن حتى ذلك الحين، من المتوقع أن تكون العديد من هذه الوظائف منخفضة الإنتاجية وذات نوعية رديئة، وفقا لمنظمة العمل الدولية. وذكر التقرير أن هذه الفوارق في الدخل قد تؤدي إلى زيادة الاستقطاب والاستياء داخل المجتمعات.
النتيجة؟ قلة الموارد المالية والسياسية المتاحة لاتخاذ إجراءات مناخية أقوى: يفترض التقرير أن مناخ الأرض هو التهديد الوجودي الأكثر إلحاحا على المدى الطويل، خاصة في السنوات الخمس إلى العشر القادمة. ومع ذلك، مع توجيه الكثير من المخصصات نحو إنهاء الجائحة وتسوية الاضطرابات المحلية والإقليمية، قد يتأخر العمل المناخي على قائمة المخاطر الملحة. وكتب التقرير أن التعافي في مرحلة ما بعد كوفيد يفضل الاستقرار قصير المدى على التحول الأخضر بينما تؤدي السياسات النقدية المتساهلة إلى مزيد من تشويه الحلول أو الاستثمارات الخضراء القائمة على السوق.
الوعود المقطوعة ليست بالضرورة وعودا يوفى بها: يلمح التقرير إلى التعهدات التي جرى التعهد بها خلال قمة الأمم المتحدة للمناخ COP26، حيث تعهدت الحكومات باتخاذ خطوات مهمة لتجنب ارتفاع الاحتباس الحراري فوق السيناريو الكارثي عند 1.5 درجة مئوية. ومع ذلك، وكما يوضح تقرير فجوة الانبعاثات لعام 2021 (بي دي إف) الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة، فإن الوصول إلى هدف 1.5 درجة مئوية يظل غير محتمل. بدلا من ذلك، من المتوقع أن يوجه المسار الحالي العالم نحو ارتفاع الحرارة بواقع 2.4 درجة مئوية، مع أكثر السيناريوهات تفاؤلا تصل به إلى 1.8 درجة مئوية.
تكلفة التقاعس الكامل بشأن المناخ باهظة: قد يؤدي عدم اتباع نهج أكثر جرأة وأسرع تجاه تغير المناخ في السنوات القادمة إلى وضع "ضئيل للغاية ومتأخر للغاية" وفي نهاية المطاف "سيناريو عالم البيت الساخن" مع تغير مناخي جامح يجعل العالم غير صالح للسكن، كما ذكر التقرير. إذا فشل العالم في تحقيق هدف صافي صفر انبعاثات بحلول عام 2050، فمن المتوقع أن تتراوح الخسائر المالية بين 4% و18% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي مع تأثيرات مختلفة عبر المناطق – ناهيك عن الخسائر في الأرواح وسبل العيش.
وفي الوقت نفسه، زادت الجائحة أيضا من الاعتماد على الرقمنة ما أدى إلى تكثيف تهديدات الأمن السيبراني: كانت نقاط الضعف السيبرانية من المخاطر الرئيسية التي طرحها التقرير، حيث خصص فصلا كاملا للمشاكل التي تنشأ من العالم الرقمي. في عام 2020، كانت هناك زيادة بنسبة 358% في البرامج الضارة وزيادة بنسبة 435% في برامج الفدية مع انضمام المزيد من الأشخاص إلى صناعة "برامج الفدية كخدمة"، وفقا لما جاء في التقرير. في غضون ذلك، كان هناك أيضا نمو في خدمات التزييف العميق و"المعلومات المضللة مقابل التوظيف" التي يمكنها فعل كل شيء من التأثير في الانتخابات إلى تعميق انعدام الثقة بين المجتمعات والشركات والحكومة. على مستوى الشركات، أدت تهديدات الأمن السيبراني إلى زيادة التكاليف للشركات، إذ أجبرت الجرائم الإلكترونية الشركات على دفع ما يصل إلى مليار دولار لإلغاء تأمين البيانات أو الأنظمة أو وقف هجماتها. حتى بالنسبة لأولئك الذين احتاطوا بهدف الحذر، ارتفعت معدلات التأمين على الإنترنت، حيث ارتفعت بنسبة 204% على أساس سنوي في الولايات المتحدة في الربع الثالث من عام 2021.
طرحت موضوعات الهجرة واستكشاف الفضاء على قائمة المخاطر باعتبارها تهديدات كبيرة يواجهها العالم: المصاعب الاقتصادية والآثار المتفاقمة لتغير المناخ والاضطهاد السياسي ستجبر المواطنين على مغادرة منازلهم بحثا عن مستقبل أفضل في السنوات المقبلة، طبقا للتقرير. ومع ذلك، تؤدي الآثار المستمرة للجائحة وزيادة الحمائية الاقتصادية وديناميكيات سوق العمل الجديدة في العديد من الدول، إلى زيادة الحواجز أمام دخول المهاجرين الذين قد يبحثون عن ملجأ. وفي الوقت نفسه، يمكن أن يكون الفضاء الخارجي ساحة معركة جيوسياسية أخرى، إذ تؤدي زيادة النشاط الخاص والعام إلى إزاحة العالم النامي وتعطي ميزة أكبر للدول الغنية.