مشهد البحث الأكاديمي في مصر .. كيف نبدو مقارنة بالآخرين؟
مشهد البحث الأكاديمي في مصر .. كيف نبدو مقارنة بالآخرين؟ على مدى السنوات العديدة الماضية، أصبحت مخرجات البحث الأكاديمي والعلمي في مصر محط تركيز متزايد، إذ استمرت جامعاتنا في التخلف عن نظرائنا الدوليين في أنظمة التصنيف العالمية. سنت الدولة بعض السياسات لدعم مخرجات البحث والابتكار، بما في ذلك إنشاء صندوق رعاية المبتكرين. حاليا، لدينا نحو 138 ألف باحث مدرب في جميع التخصصات الأكاديمية، ولدينا تصنيفا لنحو 26 مختبرا ومنشأة بحثية تابعة للحكومة في جميع أنحاء البلاد. وفي موازنة الدولة للعام المالي الجاري، جرى تخصيص نحو 4.5 مليار جنيه للمنح البحثية والتي تزيد عن مخصص العام المالي السابق والبالغ 3.8 مليار جنيه.
مصادر التمويل الرئيسية: يعتمد الباحثون، الذين يشملون كلا من مرشحي الدكتوراه والأساتذة الممارسين، عادة على التمويل القادم من الميزانية السنوية للحكومة أو من خلال التمويل الخاص والأجنبي الذي توفره هيئة تمويل العلوم والتكنولوجيا والابتكار الحكومية.
كيف نبدو مقارنة بالآخرين؟ في الواقع، تحتل مصر مرتبة أعلى بقليل من المتوسط في مخصصات البحوث عند مقارنتها ببعض نظرائها الدوليين الذين لديهم تركيبة مماثلة من الناتج المحلي الإجمالي، وبعض نظرائها الإقليميين أيضا، حسبما أظهرت بيانات البنك الدولي. في تشيلي، على سبيل المثال، شكل الإنفاق العام على البحث والتطوير نحو 0.36% من الناتج المحلي الإجمالي للبلد، بحسب أقرب أرقام متاحة من البنك الدولي واليونسكو من عام 2017، بينما في فيتنام، شكل الإنفاق نحو 0.53% من الناتج المحلي الإجمالي. أما الدول العربية فشهدت متوسط إنفاق قدره 0.63% من الناتج المحلي الإجمالي على الأبحاث في عام 2017. وفي نفس العام، تشير التقديرات إلى أن مصر أنفقت 0.68% من ناتجها المحلي الإجمالي على البحث والتطوير، متجاوزة المتوسط الإقليمي.
بالنظر إلى البيانات الأولية، تبدو الأمور جيدة إلى حد ما: تحتل مصر المرتبة 36 في إجمالي عدد الوثائق التي يمكن استخدامها كمرجع والتي أنتجها الباحثون في البلاد، حيث جرى نشر نحو 253 ألفا من الأوراق البحثية في 25 عاما خلال الفترة بين عامي 1996 و 2021، وفقا لسكوبوس داتا. وعندما يتعلق الأمر بالاقتباسات الفعلية، والتي تقدم مؤشرا أفضل بكثير على جودة وأهمية هذه الأوراق، تحتل مصر مرتبة أقل قليلا إذ تأتي في المرتبة 42 بشكل عام مع نحو 3 ملايين استشهاد بمراجع خلال نفس الفترة. تهيمن الأوراق البحثية الطبية على الفئة الأكبر من الأوراق المنشورة في عام 2020 (نحو 9.2 ألف) ولكن كان هناك استشهاد بـ 3100 فقط لهذه الأبحاث حتى الآن.
وبالمقارنة مع نظرائها الإقليميين، تحتل مصر المرتبة الخامسة من حيث الاستشهادات العلمية بأبحاثها على مدار 25 عاما، متجاوزة كل من قطر والأردن والكويت والإمارات ولكنها دون تصنيف إسرائيل وتركيا وإيران والسعودية فقط. في عام 2020 وحده، رأينا نحو 38 ألف استشهاد بنحو 30.7 ألف ورقة بحثية أنتجها باحثون مصريون، مما وضع مصر في المرتبة الرابعة على مستوى الشرق الأوسط والـ 30 بشكل عام من حيث الاستشهادات.
شهدت تصنيفات الجامعات المصرية ارتفاعا على مدار السنوات الأربع الماضية، ويرجع ذلك في الغالب إلى زيادة الاستشهادات المرجعية والدخل الموجه للأبحاث أيضا. تعد جامعات مصر من بين مؤسسات التعليم العالي الأسرع صعودا في العالم من بين كل تلك التي تتبعها وتصنفها صحيفة تايمز للتعليم العالي، كما ذكرنا سابقا، مما يضع مزيدا من التركيز على القدرات البحثية. ومع ذلك، ما تزال المؤسسات الحكومية الراسخة تؤدي أداء أفضل بكثير من نظيراتها في القطاع الخاص عندما يتعلق الأمر بالبحث الأكاديمي.
بالنسبة للابتكار، هناك بعض الأدلة على جودة إنتاجنا البحثي نسبيا: تحتل مصر المرتبة 94 من بين 132 دولة في مؤشر الابتكار العالمي لعام 2021 (بي دي إف) الصادر عن المنظمة العالمية للملكية الفكرية التابع للأمم المتحدة، والذي يقيس قدرات الابتكار في البلدان. وفي حقيقة الأمر، يبدو ذلك تصنيفا منخفضا إلى حد ما، ولكن تحليل المكونات التي يتألف منها هذا الترتيب يوضح أنه عندما يتعلق الأمر بالإنفاق كحصة من الناتج المحلي الإجمالي ومخرجات المعرفة والتكنولوجيا للباحثين، تحتل مصر في الواقع مرتبة جيدة بين أقرانها من الدول متوسطة الدخل. يشير التقرير إلى أداء أفضل من المتوقع في جودة الابتكارات مقارنة بالاستثمارات في المدخلات تمكن تلك الابتكارات من الظهور على أرض الواقع.
مع وضع هذه المؤشرات الرئيسية في الاعتبار، يبدو أداء البحث الأكاديمي، لا سيما في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، جيدا نسبيا عند مقارنة دخلنا بأقراننا الإقليميين، على الأقل من الناحية النظرية. ولكن هناك إجماع عام أيضا على امتلاكنا قدرا كبيرا من الإمكانات غير المحققة وأن أداء مصر يمكن أن يكون أفضل بكثير مما هو عليه حاليا في مجال البحث الأكاديمي.
في عدد بلاكبورد الأسبوع المقبل، سنستكشف بعض التحديات التي يواجهها الباحثون أثناء إجراء دراساتهم وكيف يمكن لعدد من المعوقات أن تكبل خطوات أكبر من الممكن تحقيقها في الأوساط الأكاديمية.
أبرز أخبار قطاع التعليم في أسبوع:
- تخطط وزارة التربية والتعليم لإنشاء 35 مدرسة جديدة للتكنولوجيا التطبيقية خلال العام الدراسي 2022-2023، وفق ما ذكره موقع مصراوي.
- زيادة الإنفاق على التعليم في 2023/2022: ستشمل ميزانية الدولة للعام المالي المقبل زيادة في الإنفاق على التعليم، من خلال مبادرة "حياة كريمة" بشكل أساسي.
- الباب مفتوح لطلبات الالتحاق بالمنح المقدمة من 18 جامعة صينية الآن، وفق بيان لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي.