لماذا تجمع الشركات التي تقودها النساء تمويلات أقل؟
كيف تعاني النساء في المناصب التنفيذية لجمع التمويلات في المجالات التي يهيمن عليها الذكور؟ تكافح صاحبات الأعمال لحشد التمويل في عالم البرامج التجارية والتقنيات الأخرى التي يتولى زمام الأمور فيها الذكور عادة، طبقا لما نقلته صحيفة وول ستريت جورنال عن دانا كانزي، الأستاذة المساعدة في السلوك التنظيمي في كلية لندن للأعمال. تجمع مؤسسات الأعمال من النساء تمويلا أقل بتقييمات أقل، لانخفاض حقوق الملكية في الصناعات التي يهيمن عليها الذكور على عكس تلك التي يهيمن عليها النساء، وفق بحث أجرته كانزي.
هذا الاتجاه سائد في أنحاء العالم: أقل من 2% من الشركات التكنولوجية الناشئة في الولايات المتحدة لديها مؤسِّسة واحدة على الأقل، بحسب تقرير لشركة وورك بينش المتخصصة في رأس المال المغامر للشركات في مراحلها الأولى. في أوروبا، شكل التمويل الذي تتلقاه الشركات التكنولوجية التي أسسها نساء 1% فقط من إجمالي التمويلات التي خصصت للشركات الناشئة، بينما بلغ نصيب الشركات التي كان مؤسسوها من الجنسين 5%. نحو 13% من الشركات الناشئة في أوروبا أسستها نساء، طبقا لتقرير صادر عن مبادرة النساء الأوروبيات ورأس المال المغامر.
تظهر الأرقام أن هذا التمييز الجندري امتد إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أيضا: في النصف الأول من عام 2021، اقتنصت الشركات الناشئة التي أسسها رجال 96% من اتفاقيات التمويل، بينما جذبت الشركات الناشئة التي أسستها النساء 0.9% فقط، وحصلت الشركات التي أسسها رجال ونساء معا على النسبة المتبقية. في سبتمبر الماضي، حصلت الشركات الناشئة التي تقودها النساء في المنطقة على 100 مليون دولار فقط من 338 مليون دولار جمعتها الشركات الناشئة في المنطقة، بينما استحوذت الشركات التي يقودها الرجال على 313 مليون دولار، وفقا لتقرير ومضة الشهري.
نعم الوضع سيئ في مجال التكنولوجيا، لكن المشكلة قائمة في جميع القطاعات: جمع المؤسسون الذكر جولات تمويل أعلى في كل المجالات، بغض النظر عن الخصائص الديموغرافية للصناعة، وفق بحث كانزي. ويمتد الافتقار إلى التكافؤ بين الجنسين إلى القطاعات التي يهيمن عليها الذكور مثل الطاقة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والبنية التحتية، فقد أظهر مسح للمنتدى الاقتصادي العالمي في عام 2016 أن النسبة المئوية للمديرات التنفيذيات في تلك القطاعات تراوحت بين 0-5%.
من الجاني؟ يقابل رواد الأعمال من الذكور والإناث أسئلة مختلفة من قبل مستثمري رأس المال المخاطر خلال اجتماعاتهم، وفق بحث يحلل تدوينات فيديو لـ 189 جلسة من الأسئلة والأجوبة. يواجه الرجال أسئلة تركز على النمو المحتمل لأعمالهم التجارية، بينما تتلقى النساء أسئلة تتعلق بحماية شركاتهن. على سبيل المثال، ربما يوجه سؤال إلى رائد أعمال حول كيفية تخطيطه لتحقيق الدخل، في حين تتلقى النساء أسئلة من نوعية "كم ستستغرقين من الوقت للوصول إلى نقطة التعادل؟". في هذه الحالة، تحصل النساء على تمويل أقل سبع مرات من نظرائهن الرجال، وفقا لنفس أساسيات الشركات.
ما هي التداعيات؟ حين تعاني مؤسسات الأعمال من النساء لجمع التمويل وتأمين تخارج ناجح، فإنهن يحققن ثروة شخصية وظهورا أقل من نظرائهن الرجال، مما يؤدي إلى عدد أقل من المستثمرات الملائكيات ورائدات الأعمال المداومات، والمديرات التنفيذيات في مجال رأس المال المغامر. يقع العبء على المستثمرين في تغيير هذا الاتجاه من خلال معالجة تحيزهم في اتخاذ القرار، كما تقول كانزي لجريدة وول ستريت جورنال. ويعني ذلك أن أنه يتعين على المستثمرين إيلاء المزيد من الاهتمام لنقاط البيانات، وبدرجة أقل لانطباعاتهم الشخصية عن أهلية المؤسس.
حل يدفع العالم من أجله؟ المزيد من النساء في رأس المال المغامر: من المرجح أن تستثمر النساء في الشركات التي تضم عناصر نسائية في فرق الإدارة بمقدار الضعف، ومن المرجح أن يستثمرن ثلاث مرات أكثر في المديرات التنفيذيات، وفقا لتقرير صادر عن دايفرسيتي فينتشر كابيتال. وضع المرأة على قمة السلسلة الغذائية سيبدأ دورة حميدة، إذ يمنح رأس المال الاستثماري مؤسسات الأعمال النساء فرصا أكثر إنصافا، وتمضي النساء المؤسسات قدما في تعيين المزيد من الموظفات، وفقا لصحيفة فايننشال تايمز.
لكن حتى الآن، نادرا ما نجد المؤسسات النساء على الطاولة: في الولايات المتحدة، تمثل النساء 13% فقط من صناع القرار في رأس المال المغامر، وفق دايفرسيتي فينتشر كابيتال. في غضون ذلك، تشكل النساء ما يقرب من 13% من الشركاء في شركات رأس المال المغامر الأمريكية، و15% من الشركات الكندية.
الوباء زاد الأمور سوءا: كان للجائحة تأثير أسوأ على الشركات الناشئة التي أسستها النساء من حيث التمويل، إذ تلقت 800 من تلك الشركات على مستوى العالم ما مجموعه 4.9 مليار دولار في عام 2020، بانخفاض 27% على أساس سنوي مقارنة بعام 2019، وفق تقرير لموقع كرنشبيز. وشهدت الولايات المتحدة بعض التحسن في عام 2021، إذ زاد متوسط التقييم للشركات التي أسستها نساء في مراحلها الأولى من 30 مليون دولار إلى 45.5 مليون دولار العام الماضي، بينما ارتفع متوسط تقييمات الشركات الناشئة في مراحلها المتقدمة بنسبة 69.4% على أساس سنوي، وفق تقرير بتش بوك.
هل الصناديق التي تركز على المرأة تقدم حلا؟ برزت حول العالم الصناديق التي تركز على توجيه الاستثمارات نحو الشركات التي تقودها النساء، ومن بينها صندوق How Women Invest، الذي وجد أن هذا النهج يمنح المرأة فرصا أكبر في العديد من المجالات مع تغيير نوع المنتجات المعروضة أيضا. تقول الشريكة المؤسسة للصندوق إريكا كرامر: "وجدنا أن المؤسِسات من النساء تركزن على نفس القضايا التي تأثرت أو تفاقمت أثناء الجائحة: الأنظمة غير المنصفة في توزيع العمل والرعاية الصحية/علوم الحياة".
حتى الآن، لا يوجد في مصر أي تمويل خاص بالمرأة، لكن هناك عددا من البرامج والمسرعات التي تستهدف النساء بشكل حصري. أطلقت هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات ومركز الإبداع التكنولوجي وريادة الأعمال برنامج "هي رائدة" لدعم رائدات الأعمال المبتدئات اللائي يعملن في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. وفي عام 2021، استضافت الهيئة أول هاكاثون لرائدات الأعمال في مصر بالتعاون مع شركة إنتل. وتطلق شركة وومينا الأمريكية مسرعة وومينتم Womentum في مصر والمنطقة، وتدعو رائدات أعمال محليات للانضمام إلى شبكة BossLadies# التابعة لها. وتعمل أكاديمية رائدة الأعمال في مصر الآن، وتزود النساء بالمهارات والموارد والعلاقات المطلوبة لتأسيس وتوسيع نطاق أعمال تجارية ناجحة.