الأسباب الحقيقية وراء فشل قرارات العام الجديد

لماذا نفشل في تنفيذ قرارات العام الجديد؟ قبل أن نجيب على هذا السؤال، نحتاج أولا إلى إلقاء نظرة طويلة ومتفحصة على أسباب استمرارنا في اتخاذ قرارات جديدة عاما تلو الآخر، دون أن نتوقف للتفكير في القرارات الفاشلة التي اتخذناها خلال السنوات الماضية. لا يمكن تجاهل أن الضغط الذي يتزايد خلال هذا الوقت من العام من الأصدقاء والزملاء وعلى منصات التواصل الاجتماعي والتلفزيون، يدفعنا في النهاية إلى أن نحذو حذو الآخرين ونقدم تعهداتنا للعام الجديد، دون أن يكون لدينا استعداد أو إرادة حيقية لإجراء تغيير.
أهمية الدوافع المؤدية للقرارات: يشير علماء النفس إلى أن الضغط الاجتماعي، والرغبة في إعادة اكتشاف الذات، والشعور بالذنب أو الخزي بشأن بعض العادات تعد من اهم الدوافع وراء قرارات العام الجديد. لكن العنصر الأكثر أهمية غالبا ما يكون غائبا، وهو الرغبة الحقيقية في إحداث تغيير بناء على احتياجاتك ورغباتك، وليس احتياجات الأصدقاء والعائلة والمجتمع ورغباتهم.
بادئ ذي بدء، دعونا نتخلى عن كلمة "يجب": في كتابها How to Get Sh*t Done، تقول مدربة الحياة إيرين فالكونر إن استخدام كلمة "يجب" ضمن الأساس المنطقي خلف القرار، سواء كانت في سياق "يجب أن أبدأ في اتباع نظام غذائي" أو "يجب أن أتوقف عن التدخين" أو "يجب أن أبدأ ممارسة الرياضة"، يمكن أن يؤدي إلى الفشل. وتشير إلى أن كلمة "يجب" غالبا ما تكون مرتبطة بمشاعر الذنب والخجل، وتعكس توقعات الناس أو المجتمع تجاهك، وتعكس كذلك غياب رغبتك في اتخاذ القرار. كلمة "يجب" معناها أن لديك شعورا بأنك مضطر لفعل شيء ما.
العقلية.. العقلية: تغيير المفردات التي تستخدمها وأنت تكتب قراراتك للعام الجديد ليس الخلطة السرية للنجاح، فكلمة "يجب" نفسها مرتبطة بعقلية وطريقة تفكير معينة مع كل شخص، وطريقة التفكير هذه بُنيت على سنوات من الاقتناع بأنك تتهرب من الأشياء التي يجب عليك أن تفعلها فعلا. يقول أحد أساتذة علم النفس: "منذ البداية، يكون (القرار الذي تتخذه) متضمنا للحظات الفشل والتسويف"، موضحا أن تأطير قرارك من البداية باعتباره شيئا يجب فعله لن يساعدك على التنفيذ، فعلماء النفس يؤكدون أن هذا سيجعل عقلك يموج بالأفكار المتعلقة بالشيء الذي تحاول تجنبه.
عدم الالتزام يجعل أساس قرارك متذبذبا: معظم القرارات التي نتخذها بناء على أسباب خاطئة أو نتعجل اتخاذها دون تمحيص وتفكير، غالبا ما تكون غير واضحة ولا واقعية، وتتحول مع الوقت إما إلى قرارات مجردة يصعب قياس نتائجها، أو قرارات غير مكتملة لا تأخذ في الاعتبار الآثار المترتبة على أي تغيير.
لا بد من الاستعداد: يوضح أن علماء النفس أن الاستعداد خطوة أساسية ولازمة لأي عملية تغيير دائم، وبدونها لا يمكن أن يحدث أي تغيير. الطريقة الوحيدة التي تساعدك على المضي قدما في تنفيذ قرارك هي قضاء الوقت في التحضير، والتأكد من أن حالتك العقلية والجسدية والمادية جاهزة لهذا التغيير الجديد، وأنك مستعد لتداعياته. قرارات العام الجديد غالبا ما تكون محكومة بجدول زمني مدته عام للحكم على "نجاحها"، وهو وقت محدود للغاية ولا يسمح بالتأكد من استعدادك لمواجهة هذا التحدي.
لذا.. دعونا لا نربط قراراتنا بالعام الجديد: إجراء التغيير عبارة عن عملية طويلة، ولا ينبغي أن تكون أبدا مرتبطة بالوقت. بدلا من اتخاذ قرار في اليوم الأول من العام الجديد، قرر أنك ستغير عاداتك عندما تكون جاهزا للالتزام. قد يستغرق ذلك أياما أو أسابيع أو حتى شهورا، لكن سواء كان الاستعداد عقليا أو جسديا أو لمجرد أن حالتك الآن تسمح، فإنه أمر ضروري إذا كنت تخطط للالتزام بقرارك الجديد.