إنتربرايز تشرح: تفكيك الكتل التجارية
انقسام الشركات موضة، لكن لماذا؟ خلال أقل من أسبوعين خلال نوفمبر الماضي، أعلنت كل من جنرال إليكتريك وجونسون أند جونسون وتوشيبا انقسامها إلى شركات أصغر وأكثر تركيزا، ومن شأنها أن تجعل عملياتها أكثر انسيابية. ففي بداية الشهر قالت جنرال إليكتريك إنها ستنقسم إلى ثلاثة كيانات بحلول عام 2024، واحد للرعاية الصحية وآخر للطاقة وثالث للطيران. وبعد أسبوع أعلنت أكبر شركة رعاية صحية في العالم، جونسون أند جونسون، أنها تنوي الانقسام إلى شركتين تركز إحداهما على صحة المستهلك والمنتجات التي لا تحتاج إلى وصفة طبية مثل الضمادات والتايلينول والليسترين، والأخرى على الأدوية التي تشمل المنتجات الطبية واللقاحات. وفي الأسبوع ذاته، أعلنت توشيبا عن خطط للتقسيم إلى ثلاث شركات، واحدة تركز على الطاقة والبنية التحتية، وواحدة على الأقراص الصلبة وأشباه الموصلات، والثالثة على رقائق الفلاشات.
انقسام المؤسسات العملاقة ليس جديدا، ويمكن العودة إلى ما حدث مع شركة بل سيستم عام 1984، حين انقسمت إلى ثماني شركات (إحداها صارت أيه تي أند تي) بعد اتهامها بالاحتكار، وهي المبادرة التي قادت موجة من الانقسامات خلال ذلك العقد. وفي أعقاب الأزمة المالية العالمية عام 2008، تفككت تكتلات صناعية مثل سيتي جروب وموتورولا، في حين تعرض البعض الآخر لضغوط من المستثمرين من أجل الانقسام. وفي العام الماضي، فصلت شركة أيه أي جي نشاط تأمينات الحياة بعيدا عن ذراعها للتأمين على الممتلكات والحوادث. وهناك شركات أخرى مثل سيمنس وهانيويل ويو تي سي، والتي اتجهت إلى فصل بعض عملياتها أو تقليص حجمها لتحسين جودتها على مدار السنوات القليلة الماضية.
أسباب الانقسام: تتعدد الأسباب وتتنوع بحسب كل شركة بالطبع، فالبعض مثل جونسون أند جونسون يتطلع إلى التخلص من ثقل المسؤولية، بينما يحاول البعض الآخر مثل جنرال إليكتريك إصلاح أخطاء الماضي، لكن تظل الحقيقة أن الشركات العملاقة تضطر في كثير من الأحيان إلى التخلص من بعض الثقل لمواصلة إرضاء المساهمين. الأساس المنطقي لبقاء الشركات دون انقسام هو زيادة كفاءة العمليات، لكن بمجرد أن تصل المؤسسة إلى الكتلة الحرجة ويتوقف النظام عن العمل، وحين يدرك المساهمون أن الأعمال التجارية تشبه المد والجزر، يصير الانقسام أكثر جاذبية، وهو ما يوضحه جيسون زويج في فيديو وول ستريت جورنال (شاهد: 5:52 دقيقة). هناك إيجابيات مثل أنه على المدى الطويل، توفر عمليات التقسيم مزيدا من القيمة للمستثمرين. بالإضافة إلى أن الشركات العملاقة تتحرك بشكل أبطأ وتتعثر بسبب البيروقراطية التي تنشأ مع نموها، مما يجعل من الصعب عليها أن تظل لاعبا ذكيا في السوق.
يُنظر إلى تفكك التكتلات الكبرى في أمريكا بشكل مختلف عن أوروبا وآسيا، ففي الولايات المتحدة يعتبر من المقبول على نطاق واسع تقسيم الكيانات كبيرة الحجم التي يضعف أداؤها لتوفير المزيد من القيمة. بينما على الجانب الآخر قوبل انقسام توشيبا في اليابان وسيمنس في ألمانيا بمقاومة كبيرة، بسبب التصور أن الانفصال كان نتيجة فشل إدارة الشركتين.
هذا لا يحدث في الخارج فقط: في العام الماضي، أعلنت شركة أوراسكوم للاستثمار القابضة عن خططها لتنفيذ "انقسام أفقي"، للسماح للشركة بالفصل بين استثماراتها في الخدمات المالية والمجالات الأخرى. وشهد الانقسام فصل أوراسكوم للاستثمار عن الشركات التي تزاول أنشطة مالية، وعلى رأسها بلتون المالية القابضة وثروة كابيتال القابضة للاستثمارات المالية، والتي تحولت تبعيتها إلى شركة أوراسكوم المالية القابضة. واحتفظت أوراسكوم للاستثمار القابضة بالاستثمارات المملوكة لها في الشركات التابعة والشقيقة التسع التي تزاول أنشطة استثمارية متنوعة، بما في ذلك أوراسكوم بيراميدز للخدمات السياحية، بالإضافة إلى الأصول القديمة ومنها شبكة المحمول في كوريا الشمالية.
التكتل يُفقد المؤسسات الصناعية بريقها، لكنه جذاب للغاية في مجال التكنولوجيا: ربما تتجه التكتلات الصناعية الكبيرة إلى الانقسام كما ذكرنا، لكن الوضع مختلف في التكنولوجيا، إذ نجد شركات مثل ألفابت وأمازون ومايكروسوفت وتسلا تلجأ إلى دمج خطوط أعمالها (وتنويعها كذلك)، وهو ما يشير إليه مقال على موقع فوربس باعتباره الموجة الثالثة من التكتلات. النقطة التي تتفرد بها تلك الشركات ليست توحيد رأس المال، وهو ما كان إحدى سمات تكتلات العصر الصناعي المبكر، ولا الإدارة، والتي سهلت صعود الشركات العملاقة مثل جنرال إليكتريك، وإنما الأنظمة التي تستخدمها لتجميع البيانات واستخدامها وإدارتها.