توقيتات مختلفة لعيد الميلاد

لا تتشابه كل احتفالات الكريسماس: خلف الاحتفالات الغربية المليئة بالزخارف والهدايا هناك شكل احتفالي أكثر جمالا وتجردا من العيد بين أقدم الطوائف المسيحية. يحتفل المسيحيون الأرثوذكس الذين يبلغ عددهم نحو 260 مليون شخص بالكريسماس في يناير 7 بدلا من يوم ديسمبر 25 الذي يحيي فيه الغرب احتفالات عيد الميلاد. تتبع الجالية المسيحية الأرثوذكسية الكبيرة الموجودة في مصر وروسيا والكثير من دول أوروبا الشرقية كنائسهم ذاتية الحكم، على عكس المسيحيين الكاثوليك الذي يتبعون الكنيسة الرومانية الكاثوليكية.
ما أسباب الاختلاف؟ قرار اتخذ منذ منذ 400 عام: يرجع السبب في اختلاف مواعيد الاحتفال بالكريسماس إلى تقويم عمره 2000 عام والذي يختلف عن التقويم المستخدم في معظم أنحاء العالم اليوم. اعتمد يوليوس قيصر التقويم اليولياني في روما في 46 قبل الميلاد، وكان أطول بمقدار 11 دقيقة كل عام وبات بمرور الوقت غير متزامن مع الشمس. صدر التقويم الميلادي الأكثر دقة في عام 1582 لحل هذه المشكلة وكان غالبية المسيحيين حول العالم مستعدين لقبول اعتماده باعتباره الوسيلة الأولى لحساب وحفظ الوقت. رفضت الكنيسة الأرثوذكسية التحول إلى التقويم الجديد قائلة إن التداخل العرضي بين عيد الفصح اليهودي وعيد القيامة في التقويم الميلادي غير مقبول. إصرارهم على اعتماد تقويم يولياني كان يعني أنه مع حلول عام 1823 سيصبح هناك 13 يوما فارق بين كريسماس الأرثوذكس في يناير 7، والكريسماس الغربي في ديسمبر 25.
ما مدى الاختلاف بينهما؟ لا يدور الخلاف بصورة أساسية حول تاريخ ميلاد المسيح، لكن يتعلق بحساب وحفظ الوقت. كان هناك جهدا لتقديم تقويم يولياني معدل في عام 1923 من شأنه أن يزامن بين عيدي الميلاد الغربي والأرثوذكسي لكن معظم الكنائس من بينها تلك الموجودة في اليونان وقبرص ورومانيا تمسكت بالتقويم في صورته القديمة.
اختلافات جوهرية في طريقة الاحتفال بالكريسماس: في مصر، يعتبر طقس صوم الميلاد المجيد مسألة أساسية في التقاليد القبطية الأرثوذكسية، واحدة من أقدم الطوائف المسيحية الموجودة في العالم الآن. يتبع الأقباط نظام صيام لمدة 43 يوما قبل 7 يناير، وعادة ما يحضرون قداس منتصف الليل في الكنيسة عشية الكريسماس للإفطار على أطباق دسمة غنية باللحوم مثل الفتة. في الصباح التالي، يتناولون الكحك ويقدمون "العيدية" للأطفال احتفالا بالعيد.
ماذا عن الشمال؟ في روسيا، حيث يعيش نحو 39% من المسيحيين الأرثوذكس في العالم، يبدأ الناس عطلتهم من رأس السنة الميلادية الجديدة وحتى 8 يناير يبدأ المسيحيون الأرثوذكس الروس احتفالات عشية الكريسماس بعشاء مكون من 12 طبقا في 6 يناير، إذ يمثل كل طبق واحدا من الحواريين الـ 12. يعتبر حساء البنجر وسمك القد والكرنب المحشي وسلطة أوليفيه وفطيرة الخضروات من العناصر الأساسية للعيد. يتوجه نحو 350 ألف مسيحي أرثوذكسي في روسيا إلى موسكو لحضور قداس عيد الميلاد كل عام. يتبع المسيحيون الأرثوذكس في أوروبا الشرقية الكثير من هذه التقاليد باستثناء بعض الاختلافات الطفيفة في الطعام. في بيلاروسيا ، يأكل الناس الفطائر والأسماك وفي مونتنيجرو يخبز آخرون أرغفة الخبز ويخبئون داخلها عملة معدنية معتقدين أنها ستجلب الحظ السعيد لمن يجدها.
لعبت مصر دورا محوريا في قصة فرار السيدة مريم والمسيح عيسى من الاضطهاد: في مواجهة تهديد بالموت في بيت لحم على يد الملك هيرودس الأول، فرت مريم ورضيعها عيسى إلى مصر طلبا للجوء. الرحلة السرية التي امتدت لمسافة 3.5 كيلو شملت 26 موقعا في أنحاء البلاد من رفح إلى شمال سيناء، وصولا إلى أسيوط أثناء فرارهم من جواسيس يهودا. مثل الطريق أهمية كبرى لأتباع الديانة المسيحية ومنذ ذلك الوقت جرى تشييد العديد من المواقع الدينية المهمة في مسار رحلتهما. دير المحرق في أسيوط وكنيسة القديسين سرجيوس وباخوس في القاهرة القديمة وكنيسة السيدة العذراء بالمعادي من بين أبرز هذه المواقع في رحلة مريم والمسيح والتي أعلنها الفاتيكان في عام 2017 وجهات الحج الرومانية الكاثوليكية الرسمية. افتتحت الحكومة في وقت سابق من هذا العام أولى 26 وجهة في 11 محافظة على مسار العائلة المقدسة في مصر التي خضعت لأعمال ترميم منذ عام 2013.