الأحد, 14 نوفمبر 2021

احترس.. الأكياس القطنية ليست صديقة للبيئة

إلى أي مدى تعتبر المنتجات "الصديقة للبيئة" التي نستخدمها "خضراء"؟ مع زيادة اهتمام المستهلكين بالمناخ في الفترة الأخيرة، بدأت الاتهامات تحاصر البلاستيك الذي يستخدم لمرة واحدة وعدة منتجات وخدمات أخرى ذات سمعة بيئية سيئة عبر العالم. ولم تكن مصر استثناء، إذ حظرت محافظة البحر الأحمر المنتجات البلاستيكية التي تستخدم لمرة واحدة في عام 2019، بينما أعلنت وزارة البيئة في مارس الماضي عن مشروع بقيمة 3 ملايين دولار لتوسيع هذه السياسة في جميع أنحاء البلاد. ومع زيادة الوعي بالتأثير البيئي الضار للبلاستيك المستخدم لمرة واحدة، صارت الأكياس القطنية شعار مرحلة جديدة من العادات الصديقة للبيئة.

لكن الأكياس القطنية تعد مثالا صارخا على أن النتائج السلبية غير المقصودة التي تترتب على الأفعال المتعلقة بالمناخ ربما تفوق الفوائد، حسبما تقول صحيفة نيويورك تايمز. وتشير دراسة أجرتها وزارة البيئة الدنماركية عام 2018 إلى أنه من أجل تعويض الآثار السلبية المترتبة على إنتاجها الأكياس القطنية، يجب استخدام الكيس الواحد بشكل يومي لمدة 54 عاما. وتعد التكلفة البيئية لزراعة المحصول مؤثرة بشكل خاص بالنسبة لمصر، التي تشتهر منذ فترة طويلة بقطنها الفاخر طويل التيلة (لكن كثيف استهلاك المياه)، وتعمل على مكافحة ندرة المياه من خلال خطة قومية تكلفتها 50 مليار دولار.

هذه النتائج تعد إشارة خطيرة بالنسبة للمنتجات والخدمات الخضراء التي لها آثار بيئية باطنة، بينما هي في الأساس تدعي أنها تعالج آثار أخرى. واليوم نستعرض بعض المنتجات والخدمات الأكثر استخداما والتي لها بالفعل تكاليف بيئية باهظة، رغم وصفها بأنها "خضراء".

1. الموضة السريعة، بما في ذلك خطوط الأزياء الخضراء: في نموذج واضح لما يعرف بـ "الغسل الأخضر"، أصبح لدى معظم ماركات الأزياء الشهيرة حاليا خط إنتاج ذو "ضمير مناخي"، يعتمد على المنسوجات أو المواد المعاد تدويرها. لكن الحقيقة أنه بغض النظر عن وصف تلك المنتجات بالخضراء، فإن الموضة تستحوذ على 10% من استخدام المياه في الصناعة، والقميص القطني الواحد يستهلك تصنيعه نحو 3 آلاف لتر من الماء، بينما يستهلك إنتاج البنطلون الجينز ما بين 7.5-10 آلاف لتر، أي ما يعادل استهلاك شخص واحد من مياه الشرب لمدة 10 سنوات. وبالتالي يمكن إرجاع 10% من انبعاثات الكربون العالمية وما يقرب من 20% من مياه الصرف الصحي إلى صناعة الأزياء.

الموضة في الوقت الراهن مسؤولة عن انبعاثات الكربون سنويا بمعدل "أعلى من مجموع الرحلات الجوية الدولية والشحن البحري معا"، وهو ما سيؤدي إلى زيادة بنسبة 50% في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري خلال العقد المقبل، وفقا لدراسة أجرتها جامعة برينستون. ومع تغير التريندات بسرعة (وانخفاض جودة المنتجات) التي تؤدي إلى ارتفاع معدل دوران الملابس، يتجه الناس إلى التخلص من ملابسهم بشكل أسرع. وبهذا ينتهي الأمر بنحو 57% من الملابس القديمة في مقالب القمامة وحرقها لاحقا، مما يعرض المجتمعات المجاورة لتلك المقالب للغازات الخطيرة.

شركات مصرية تحاول تلبية احتياجات المستهلك الواعي: مع تزايد الوعي بالتأثير البيئي للموضة السريعة، بدأت بعض العلامات التجارية في جذب انتباه المستهلكين المهتمين بالبيئة من خلال المنتجات المستدامة المصنوعة محليا. هناك أمثلة مثل "ذات" وسكارابيوس ساتشر، وشركات إعادة تدوير البلاستيك أب فيوز وريفورم ستوديو، والتي أخذت على عاتقها زيادة الوعي بالإهدار الذي يحدث في الموضة.

2. عدم استخدام الورق، الذي قيل لنا مرارا وتكرارا إنه أفضل للبيئة، كما أن له عواقب وخيمة. لقد بدأنا للتو في قياس الأثر البيئي الحقيقي للانتقال إلى التكنولوجيا الرقمية، إذ نأخذ في الاعتبار أشياء مثل البصمة الكربونية – التي تتزايد باستمرار – لتصنيع المنتجات الإلكترونية والطاقة اللازمة لتشغيلها. "نقص البيانات … لا يعني عدم وجود تأثير"، حسبما أوضحت دراسة أجراها معهد البيئة التطبيقية. تشير الدراسة إلى التأثير المباشر للتحول الرقمي على التنوع البيولوجي واستخدام الأراضي، إذ تتراوح التأثيرات من الملوثات الناتجة في استخراج الموارد وإنتاج الأجهزة إلى توليد الطاقة والتأثير على الأنواع الموجودة تحت الماء بسبب نقل البيانات. ناهيك عن النفايات الإلكترونية الناتجة عن التخلص من الأجهزة الإلكترونية، وهي مشكلة حادة لا سيما في البلدان النامية. مع نمو النفايات الإلكترونية بنسبة 38% عالميا من 53.6 مليون طن في عام 2019 إلى 74.7 مليون طن في عام 2030، فإن النفايات الإلكترونية هي مصدر النفايات المحلية الأسرع نموا في العالم.

مصر كانت واحدة من أكبر منتجي النفايات الإلكترونية في القارة في عام 2019، حيث أنتجت 585.8 ألف طن من النفايات الإلكترونية، وفقًا لتقرير عام 2020 الصادر عن المرصد العالمي للنفايات الإلكترونية. تشير الأرقام الأخيرة الصادرة عن وزيرة البيئة ياسمين فؤاد إلى انخفاض إنتاج المخلفات الإلكترونية في مصر إلى 90 ألف طن سنويا، يأتي 58% منها من القطاع الخاص، و23% من المنازل، و19% من القطاع العام.

على الجانب الإيجابي، كانت هناك جهود حكومية ومجتمعية للمساعدة في إعادة تدوير النفايات الإلكترونية، والتي قالت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عنها في عام 2014، إنها صناعة تبلغ قيمتها 2.2 مليار دولار في مصر. في نفس العام، اعتمدت الوزارة استراتيجية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الخضراء، والتي "تهدف إلى تقليل الآثار البيئية السلبية الناتجة عن التوسع في استخدام أجهزة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات". كما ظهرت مجموعة من الشركات الناشئة لإدارة المخلفات الإلكترونية للتخلص من الإلكترونيات غير المرغوب فيها، بما في ذلك ريسيكلوبيكيا التي أطلقها الطلاب، وإي تدوير، والتي أطلقتها وزارتا الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والبيئة هذا العام. في عام 2017، أطلقت صناعات إعادة التدوير المستدامة (SRI) أيضا إي خردة – وهو برنامج دعم ريادة الأعمال لإعادة تدوير النفايات الإلكترونية.

3. "الموت" يقوض البيئة الخضراء لرحلات النقل التشاركي: الرحلات التشاركية، التي كانت تعتبر يوما ما بديلا صديقا للمناخ لامتلاك أو قيادة سيارة، سرعان ما أثبتت عدم فعاليتها كما كان يعتقد في البداية. لكن البيانات تشير إلى أن رحلات النقل التشاركي أكثر تلويثا بحوالي 69% من الرحلات البديلة، مما يزيد من تلوث المناخ والازدحام والسفر الكلي للمركبات. أحد الأسباب الرئيسية لذلك، هو قطع الطريق (الأميال المقطوعة بين إنزال راكب والتقاط آخر)، والتي تنتج ما يصل إلى 50% من انبعاثات الكربون أكثر من نفس الرحلة في سيارة خاصة. كما يحل نظام النقل التشاركي بشكل متزايد محل وسائل النقل منخفضة الكربون مثل المشي وركوب الدراجات والترانزيت.

هل نحتاج إلى إخبارك بأن القاهرة بها مشكلة تلوث كبيرة بالهواء؟ يسعى ما يصل إلى مليوني شخص إلى العلاج من مشاكل الجهاز التنفسي كل عام بسبب رداءة نوعية الهواء. وفقا لتقرير صادر عن البنك الدولي في عام 2021، فإن التحول من المركبات الخاصة إلى وسائل النقل العام هو الطريقة الوحيدة الأكثر فعالية للحد من تلوث الهواء في عاصمة البلاد. أطلقت كل من أوبر وكريم خدمات الحافلات في عام 2020 لتتنافس مع تطبيق النقل التشاركي الجماعي سويفل.

الخلاصة: لا يتعلق الوعي بالمناخ بمنتج أو أسلوب حياة واحد، بل يتعلق بفهم أن كيفية استخدامنا للمنتجات والخدمات لا يقل أهمية عن اختيار المنتجات والخدمات نفسها.

هذه النشرة اليومية تقوم بإصدارها شركة انتربرايز فنشرز لإعداد وتطوير المحتوى الإلكتروني (شركة ذات مسئولية محدودة – سجل تجاري رقم 83594).

الملخصات الإخبارية والمحتويات الواردة بنشرة «انتربرايز» معروضة للاطلاع فقط، ولا ينبغي اتخاذ أية قرارات جوهرية دون الرجوع إلى مصدر الخبر بلغته الأصلية. كما أن محتويات النشرة تقدم “كما هي – دون استقطاع”، ولا تتحمل الشركة أو أي من العاملين لديها أو أية مسئولية تجاه دقة أو صلاحية البيانات الواردة بالنشرة باعتبارها ملخصات إخبارية.2022 Enterprise Ventures LLC ©

نشرة «إنتربرايز» الإخبارية تأتيكم برعاية «بنك HSBC مصر»، البنك الرائد للشركات والأفراد في مصر (رقم التسجيل الضريببي: 715-901-204)، و«المجموعة المالية هيرميس»، شركة الخدمات المالية الرائدة في الأسواق الناشئة والمبتدئة (رقم التسجيل الضريبي: 385-178-200)، و«سوديك»، شركة التطوير العقاري المصرية الرائدة (رقم التسجيل الضريبي:002-168-212)، و«سوما باي»، شريكنا لعطلات البحر الأحمر (رقم التسجيل الضريبي: 300-903-204)، و«إنفنيتي»، المتخصصة في حلول الطاقة المتجددة للمدن والمصانع والمنازل في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 359-939-474)، و«سيرا للتعليم»، رواد تقديم خدمات التعليم قبل الجامعي والجامعي بالقطاع الخاص في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 608-069-200)، و«أوراسكوم كونستراكشون»، رائدة مشروعات البنية التحتية في مصر وخارجها (رقم التسجيل الضريبي: 806-988-229)، و«محرم وشركاه»، الشريك الرائد للسياسات العامة والعلاقات الحكومية (رقم التسجيل الضريبي: 459-112-616)، و«بنك المشرق»، البنك الرائد بالخدمات المصرفية للأفراد والخدمات المصرفية الرقمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (رقم التسجيل الضريبي: 862-898-204)، و«بالم هيلز للتعمير»، المطور الرائد للعقارات التجارية والسكنية (رقم التسجيل الضريبي: 014-737-432)، و «مجموعة التنمية الصناعية (آي دي جي)»، المطور الرائد للمناطق الصناعية في مصر (رقم التسجيل الضريبي 253-965-266)، و«حسن علام العقارية – أبناء مصر للاستثمار العقاري»، إحدى كبرى الشركات العقارية الرائدة في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 567-096-553)، ومكتب «صالح وبرسوم وعبدالعزيز وشركاهم»، الشريك الرائد للمراجعة المالية والاستشارات الضريبية والمحاسبية (رقم التسجيل الضريبي: 827-002-220).