كيف خرج عمالقة التواصل الاجتماعي عن السيطرة؟
ربما لم يكن ربط البشر عبر العالم فكرة جيدة حقا: لطالما كانت أهم مميزات فيسبوك هي قدرته على كسر الحواجز المادية ولم شمل مجموعات كبيرة من الناس معا، لكن ماذا لو كان هذا بالضبط هو ما يوقد العديد من المشاكل مثل العنف العرقي ونظريات المؤامرة والانقسامات الاجتماعية التي نشهدها اليوم؟
فيسبوك الزمن الجميل: على عكس سنواته الأولى حين لم يكن متوفرا لك سوى عدد قليل من المنشورات التي يشاركها أصدقاء تتفاعل معهم بالفعل في الحياة الواقعية، تجد الآن أمامك مجموعة واسعة من الحسابات على فيسبوك تنتمي لأشخاص لديهم اهتمامات متنوعة من جميع أنحاء العالم، ويمكنك التواصل معهم بضغطة واحدة فقط على شاشة هاتفك.
تجادل الشركة بأن هذا التطور جيد، فالمنصات الرئيسية مثل فيسبوك ربما تجعل طفلا وحيدا لا يجد من يشاركه حبه للأنمي في مدينته شبكة كاملة ممن يشاركونه نفس الاهتمام في أنحاء العالم، وهو موقف لم يكن لنفكر فيه أصلا دون فيسبوك.
لكن الترابط السريع والواسع هذا له آثار جانبية: هناك مستخدمون لديهم اهتمامات ضارة أو ميول عنيفة وموجودون على نفس الشبكة الواسعة كذلك، والتي تتيح لهم بسهولة الالتقاء بآخرين لهم ميول مماثلة، ونشر المحتوى الذي يمكن في كثير من الأحيان أن يساعد في تعزيز تلك الآراء نفسها. نتحدث هنا عن أشياء كثيرة، تشمل على سبيل المثال تجنيد الشباب لصالح منظمات إرهابية أو نشر نظريات المؤامرة. هذه المشكلة موجودة أيضا داخل المجتمعات السلمية، والتي غالبا ما يجد أفرادها أنفسهم محاطين بالآراء ذاتها طوال الوقت، مما يعزلهم عن الآخرين ويقلل فرص النقاش وتغيير الآراء.
لكن هذا ليس حكرا على فيسبوك، بل مشكلة مرتبطة بشكل أساسي بالطريقة التي صممت بها الشركات منصاتها للتواصل الاجتماعي. تحتاج هذه المنصات إلى أن تتوسع بشكل دائم وتجتذب المزيد من المستخدمين لقضاء المزيد من الوقت في التفاعل مع المحتوى. تقول فرانسيس هوجن، التي عملت في السابق مديرة للمنتجات لدى فيسبوك، إن المنصة "تدور في دائرة من ردود الأفعال ولا يمكنهم الخروج منها".
على الشركة الإعلان عن المخاطر المتعلقة باستخدام منصاتها: لمعرفة على بعض الآثار الضارة لتلك الشبكة العالمية الواسعة التي أسستها فيسبوك، ربما يمكن للشركة أن تبدأ بإصدار بحث يشرح بالتفصيل مشكلات الصحة العقلية التي قد تنشأ عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، كما يوضح آندي وو في مقاله على موقع هارفارد بيزنس ريفيو.
… وتعزيز جهود الاعتدال: يمكن لفيسبوك أيضا توسيع فريقها المكون من 15 ألف مشرف، والمكلفين حاليا بمراجعة المحتوى المشكوك فيه على المنصة بحثا عن أي انتهاكات للقواعد المجتمعية.
… وتحمل مسؤولية ربط الناس ببعضهم البعض: لا بد أن يكون هناك نوع من الأطراف الداخلية أو الخارجية المستعدة لمساءلة فيسبوك، وبالذات بخصوص خوارزمياته المسؤولة عن الاتصال. وسبق أن خضع المحتوى الموجود على المنصة بالفعل للمراجعة من قبل فريق الوسطاء ومجلس الإشراف في الشركة، لكن لا تزال هناك أشياء كثيرة تجعل فيسبوك مشكلة لا رادع لها، مثل اقتراحات الأصدقاء الجدد التي ترشحها الخوارزميات، حسبما يقول وو. وتؤكد هوجن، والتي قدمت شهادتها في جلسة استماع بمجلس الشيوخ ضد الشركة، أنه يمكن تعيين ممثلين عموميين للإشراف على فيسبوك من الداخل.
… وربما حتى إيقاف الخوارزميات التي ترشح المحتوى للمستخدمين بناء على ما تتوقع أن يلقى تفاعلا منهم، والعودة إلى الصفحة الرئيسية القديمة المرتبة زمنيا. البعض أيضا يقترح أن توجه الشركة خوارزميات المحتوى الخاصة بها نحو تعزيز المشاركات التي من المرجح أن تلقى تفاعلا لأسباب خيرية أو المشاركة المدنية، بدلا من الإعجابات.