لماذا ينوي الغرب منافسة مبادرة الحزام والطريق الصينية؟
هل يخطط الغرب لمنافسة أحد أهم طرق التجارة العالمية؟ أُطلق كابل بيانات بحري جديد من الألياف الضوئية يُعرف باسم إيلا لينك، يربط أوروبا بأمريكا اللاتينية عبر الإنترنت في مايو الماضي. وبدعم من بنك الاستثمار الأوروبي وكبار المقرضين الحكوميين، يُنظر إلى المشروع الذي تبلغ قيمته 150 مليون يورو على أنه ينافس مبادرة الحزام والطريق الصينية في حركة التجارة العالمية، التي تعتمد بشكل كبير على المسار الصيني، وفقا لصحيفة فايننشال تايمز.
يدفع الاتحاد الأوروبي لإتمام المشروع من أجل تعزيز التعاون مع الشركاء – وبالتحديد الولايات المتحدة واليابان والهند – تحت مظلة دعم المشاريع عالية الجودة وتوجيه الاستثمارات إلى البلدان النامية. ويأتي ذلك في إطار مخطط أوسع يهدف من خلاله الاتحاد الأوروبي إلى إطلاق خطة بنية تحتية عالمية طموحة بحلول عام 2022 لربط الاتحاد الأوروبي ببقية العالم، حسبما ذكرت وكالة رويترز.
أعطت مجموعة السبع دفعة إضافية للخطة خلال أول اجتماع مباشر للمجموعة منذ عامين في إطار ما يسمى بخطة "إعادة البناء بشكل أفضل للعالم". وصممت الخطة لتعزيز البنية التحتية العالمية – من السكك الحديدية في أفريقيا إلى مزارع الرياح في آسيا، حسبما ذكرت سي إن بي سي. ولا تذكر استراتيجية الاتحاد الأوروبي، التي يطلق عليها اسم "أوروبا المتصلة عالميا"، الصين على الإطلاق. ومع ذلك، قال دبلوماسي من الاتحاد الأوروبي ساهم في صياغة الاستراتيجية إن الوثيقة المكونة من ثماني صفحات "ذكرت الصين في كل مكان"، بحسب رويترز.
لماذا تعتبر مبادرة الحزام والطريق الصينية مهمة؟ جرى إطلاق مبادرة الحزام والطريق في عام 2013، وسرعان ما أصبحت أداة استراتيجية لأكثر من 150 مدينة ومنظمة دولية من الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا وأوروبا، ويعتبرها الرئيس الصيني شي جين بينج أداة سياسة خارجية بارزة لتوسيع نفوذ بلاده عالميا.
ولكن على مدار السنوات الماضية وبسبب الأزمات العالمية تراجع التمويل المخصص للمبادرة. وخلال النصف الأول من عام 2021، تلقت مبادرة الحزام والطريق تمويلا بقيمة 19.3 مليار دولار، وهو ما يمثل انخفاضا بنسبة 29% على أساس سنوي، وفقا لبلومبرج.
وتعد مصر جزءا أساسيا من المبادرة كبوابة لعبور الاستثمارات الصينية إلى أفريقيا. أجرت القاهرة وبكين العديد من المحادثات حول دور مصر في المبادرة العالمية منذ سنوات عديدة، واستضافت مصر مؤتمرا للمبادرة في 2017، شهد توقيع عدة عقود مع شركات صينية. وبدأت محادثات جديدة بشأن مزيد من الاستثمارات الصينية في البنية التحتية في مصر في وقت سابق من هذا العام، بعد أن زودت الصين مصر بشحنات من لقاح سينوفارم.
تعرضت مبادرة الحزام والطريق لانتقادات بانحيازها للشركات الصينية، وبالتحديد الحكومية، بينما تثقل كاهل الأطراف الأخرى بالديون. وقالت مجموعة السبع إن ممارسات الصين المقيدة للسوق تؤدي إلى وجود منافسة غير عادلة، وفقا لشبكة سي إن بي سي.
وأيضا لإضرارها بالبيئة لما تضمه من مشاريع للوقود الأحفوري. يقول إيموجين بيج جاريت محلل أبحاث الصين في شركة الاستشارات إيكونوميست إنتليجنس أوتل، لشبكة سي إن بي سي: "بينما تعهد الرئيس الصيني شي جين بينج بجعل مبادرة الحزام والطريق أكثر اخضرارا، فإنه لم يتخذ حتى الآن أي إجراءات ملموسة للحد من الاستثمار الخارجي في مثل تلك الصناعات الضارة بيئيا". ويقدر تقرير البنك الدولي لعام 2019 أن البنية التحتية للنقل في إطار البرنامج يمكن أن تزيد من انبعاثات الكربون العالمية بنسبة 0.3%، وبنسبة 7% أكثر في بعض الدول. ومع ذلك، وللمرة الأولى منذ إطلاق المبادرة، لم تمول الصين أي مشاريع فحم خلال النصف الأول من عام 2021، وسط تدقيق متزايد من قبل دعاة حماية البيئة، حسبما أفادت وكالة بلومبرج. لكن بكين لم تلتزم بوعودها في مجال الطاقة المتجددة، وخفضت تمويل الطاقة الخضراء بنسبة 90% في النصف الأول من عام 2021.
هل تأخرت الولايات المتحدة كثيرا؟ أقرت واشنطن قانون البناء في 2018 بهدف زيادة استثمارات القطاع الخاص في الدول النامية، لكنها لم تستغلها بالكامل حتى الآن. فيما يعتقد الخبراء أن الأوان قد فات، إذ يعتمد العالم بالفعل بشكل كبير على المسار الصيني، وخاصة أفريقيا. لكن في حين أن الولايات المتحدة كانت صريحة في مواجهة الصين، فإن أطراف أخرى مثل الاتحاد الأوروبي لا تزال تكتم رغبتها في الانضمام إلى تحالف مناهض لبكين. وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن الرئيس الأمريكي جو بايدن حث الدول الأوروبية في وقت سابق من هذا العام على توفير مئات المليارات لبناء بديل لمبادرة الحزام والطريق، وتقليص القوة الاقتصادية المتنامية للصين.
مجرد محاولة لمواجهة الصين: قال دبلوماسي كبير في الاتحاد الأوروبي لصحيفة فايننشال تايمز: "حتى الآن نحن نحاول الرد على مبادرة الحزام والطريق باستخدام العبارات الرنانة والأوراق السياسية المتغطرسة"، مشيرا إلى أنه "للأسف لا توجد استراتيجية أو خطة جيوسياسية حقيقية متسقة ومتماسكة، بينما هناك حاجة حقيقية للعمل معا في مشاريع البنية التحتية، وتجنب الاعتماد المفرط على الصين".