هل الاقتصاد هو السبب في موجة الاستقالات الكبرى؟
نحن في عصر الاستقالات الكبرى – والجميع يتقبل ذلك. يترك عدد قياسي من العاملين وظائفهم في الولايات المتحدة، ووصل عدد المستقيلين إلى أعلى مستوى له منذ مطلع الألفية. لماذا؟ الأسباب الواضحة – الأسباب التي كان الجميع (بما فيهم نحن) يتذمرون منها مرارا وتكرارا – الإجهاد، الإرهاق، التقاعد المبكر، إلخ. كما كان الامتناع عن التخلي عن العمل من المنزل سببا رئيسيا يدفع الناس إلى الاستقالات. ولكن على ما يبدو، هناك ما هو أكثر مما تراه العين. فقالت صحيفة واشنطن بوست أن عدد الأشخاص الذين يتركون وظائفهم يمكن أن يكون أيضا مقياسا لصحة سوق العمل.
هل تعبر الموجة عن ظاهرة اقتصادية أم ظاهرة اجتماعية؟ تقول الحكمة السائدة أن حقيقة أن الموظفين على استعداد للمخاطرة بأمنهم الوظيفي الحالي تشير إلى ثقتهم في الاقتصاد، وأنهم يعتقدون أن هناك وظائف أكثر ملاءمة لهم في السوق. هذه الظاهرة مدفوعة أيضا بأن يصبح الموظفون أقل تسامحا مع بيئات العمل السيئة وساعات العمل الطويلة والتعويضات المتدنية بعد الوباء.
هل هي مجرد ظاهرة تعبر عن كسل؟ كل هذا الحديث عن موجة الاستقالات الكبرى والنقص الكبير في العاملين في عام 2021 ليس مبالغة. يختار العاملون وضع أنفسهم في الظروف التي تناسبهم بشكل أفضل، وهذا هو السبب في أننا نشهد هذا التغيير الضخم. وقالت جوليا بولاك، الخبيرة الاقتصادية العاملة في شركة زيب ريكروتر لواشنطن بوست "إن الأشخاص يتحركون بالشكل الذي يعبر عن مصالحهم".
كيف تأثرت السوق؟ أظهرت البيانات الجديدة الصادرة عن وزارة العمل الأمريكية أن نحو 4.3 مليون مواطن تركوا وظائفهم في أغسطس، وهو ما يمثل نحو 2.9% من القوة العاملة في البلاد. كانت هذه الأرقام في ارتفاع، حتى مع بدء انحسار الموجة الرابعة من الوباء نوعا ما. وقاد العاملون في قطاع الخدمات الغذائية والإقامة وقطاع البيع بالتجزئة موجة الاستقالات، بإجمالي 1.4 مليون استقالة. ولم تتضمن البيانات معلومات عن أسباب الاستقالات، أو ما إذا كان المستقيلون يسعون إلى العمل في المستقبل.
في مصر، استقر معدل البطالة إلى حد كبير في الربع الثاني من عام 2021 عند 7.3%، بارتفاع 0.1% فقط عن الربع السابق. ويمثل ذلك تحسنا كبيرا عن الربع الثاني من عام 2020، والذي شهد ارتفاع عدد العاطلين عن العمل إلى أعلى مستوى في عامين بسبب الوباء. وبلغ معدل البطالة 9.6% بين أبريل ويونيو من العام الماضي، جراء تداعيات الإغلاق الجزئي على الاقتصاد.
لماذا يستقيل المصريون من وظائفهم؟ في عام 2019، كانت الخلافات مع المدير هي السبب الأول الذي يضطر الموظفين للاستقالة. وكان عدم وجود إمكانية للنمو داخل الشركة ثاني أهم الأسباب للاستقالة، وقد قال موظفون مبتدئون وموظفون بالشركات العائلية إن هذا هو العامل الأساسي وراء استقالتهم. أما السبب الثالث، فكان عدم وجود نظام واضح داخل الشركة أو المؤسسة. هل هذه الأسباب مستمرة في الوقت الراهن؟
يترك الموظفون وظائفهم بصورة أكبر عندما تكون البطالة منخفضة: عندما يكون معدل التوظيف مرتفعا، يكون الوقت مناسبا بشكل عام لإعادة تقييم ما تريد فعله. ويعني معدل التوظيف المرتفع أن هناك فرصا أكبر للأشخاص الذين تركوا وظائفهم، لأنهم سيواجهون منافسة أقل على الوظائف الشاغرة.
ما الذي حدث؟ يبدو أن الوباء أيقظ نوعا من الجرأة التي تجعل الموظفين يخاطرون بمصدر ثابت للدخل من أجل رفاهيتهم. وربما ينبغي عليهم القيام بذلك في كثير من الأحيان، إذا كان ذلك يعني إجبار أصحاب العمل على تقديم ساعات عمل وأجور أفضل في سبيل الاحتفاظ بالموظفين.
يدفع الاتجاه الجديد إلى زيادة عدم القدرة على التنبؤ، فالموظفين الذين تركوا وظائفهم على أمل العثور على وظيفة أكثر ملاءمة قد يجدون أنفسهم في حاجة إلى تدريب أو مهارات جديدة، ويمكن أن يواجهوا صعوبة أكبر مما توقعوا في الحصول على وظيفة أحلامهم.
الشركات تعاني كذلك: تكافح العديد من الشركات مع معدلات دوران عالية بينما تحاول إيجاد طرق لملء الأماكن الشاغرة والاحتفاظ بالموظفين المؤهلين. ومع ذلك، تشير بعض الأدلة إلى أن أصحاب العمل يطالبون بمؤهلات أعلى وخبرة أكبر لأدوار المبتدئين، بسبب الوفرة الكبيرة في المؤهلين الباحثين عن عمل.
لذا، هل يجب عليك تقديم استقالتك؟ يبدو أن روح العصر تقول أن الآن هو الوقت المناسب.