الحكومة المصرية تعود لأسواق الدين مرة أخرى في فبراير ومارس
خاص – كيف يمكن أن يكون 2022 عاما مهما لإصدارات الدين المصرية، وفقا لنائب وزير المالية أحمد كجوك: من خلال مزيج من حزم التحفيز، والإعفاءات الضريبية، وأسعار الفائدة المرتفعة، وإصدارات السندات الدولية، إلى جانب اعتماد أدوات الدين الجديدة (مثل السندات الخضراء)، كانت مصر محمية إلى حد كبير من أشد الضربات التي لحقت بالاقتصاد العالمي جراء جائحة "كوفيد-19" العام الماضي. وفي حين بلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي 3.6% فقط في عام 2020 وفقا لصندوق النقد الدولي (بي دي إف، انظر الصفحة 40)، تفوق أداء مصر على الاقتصاد العالمي (حيث جاء النمو سالب 3.1% في عام 2020) وكذلك على أداء الأسواق الناشئة المثيلة (حيث انكمش الناتج المحلي الإجمالي لها بنسبة 2.1% في 2020) بحسب بيانات صندوق النقد الدولي (بي دي إف).
مع ذلك، فإن المشهد في عام 2021 آخذ في التغير، حيث يحاول العالم التعافي من الجائحة، كما أن التضخم المرتفع عالميا وأيضا محليا يدفع صانعي السياسات لتقليص حزم التحفيز ورفع أسعار الفائدة. وكان مجلس الاحتياطي الفيدرالي ألمح الشهر الماضي إلى أنه قد يبدأ في إنهاء برنامج شراء الأصول في نوفمبر ورفع أسعار الفائدة في أقرب وقت في العام المقبل. وهذا يعرض ديون الأسواق الناشئة – ومن بينها مصر – لخطر تراجع جاذبيتها للمستثمرين الأجانب.
في الجزء الأول من مقابلتنا الحصرية مع نائب وزير المالية، سنلقي نظرة سويا على كيفية تأقلم سياسة الديون المصرية مع الفترة الحالية. وفيما يلي مقتطفات محررة من مقابلتنا:
إصدار السندات الدولية التالي ستكون خلال الربع الأول من 2022: قال كجوك أن الحكومة تتطلع إلى الذهاب لأسواق الدين العالمية مرة أخرى في فبراير أو مارس 2022. ويأتي ذلك على خلفية الإصدار الناجح للسندات الدولية بقيمة 3 مليارات دولار الشهر الماضي، حيث بلغت طلبات الشراء ثلاثة أضعاف الطرح. وحقق الإصدار السابق للسندات الدولية 3.75 مليار دولار وجرى تغطية الطرح أربعة مرات.
هل سيكون إصدار أول صكوك سيادية في الربع الثاني من 2022؟ في حين لم يكشف كجوك صراحة عن الموعد المحدد الذي ستبدأ فيه الحكومة بيع أول صكوك سيادية لها، فقد ذكر أن علينا أن نكون مستعدين "إجرائيا" لذلك الإصدار في الربع الثاني من عام 2022. وتواصل الحكومة حاليا استكمال الإجراءات المطلوبة لإصدار الصكوك السيادية بموجب قانون الصكوك السيادية الجديد، والتي تشمل إنشاء شركة للتصكيك السيادي.
لم يعلن بعد عن حجم الإصدار: لم يكشف كجوك عن حجم إصدار الصكوك السيادية التالي، إلا أن وزير المالية محمد معيط ألمح في وقت سابق من هذا الشهر إلى أن حجم الإصدار قد يكون في حدود 500 مليون دولار.
السندات الخضراء كانت العام الماضي. والآن موعدنا مع سندات التنمية الشاملة: قال كجوك، "نجري حاليا محادثات مع بنوك ومع مؤسسات دولية لتوسيع إطار السندات السيادية الخضراء إلى سندات تنمية أكثر شمولا". وتشمل السندات الاجتماعية (أي السندات المستخدمة في تمويل البنية التحتية الاجتماعية) والسندات الزرقاء (لمشاريع المياه) وغيرها من السندات. وأشار كجوك إلى أنه "ما شجعنا على توسيع إطار العمل هو نجاحنا في سوق السندات الخضراء" التي نما حجمها عالميا إلى ما بين 300 و400 مليار دولار.
من المحتمل أيضا أن يكون 2022 هو عام تقليص الفيدرالي لحزم التحفيز. فماذا يمكن أن نتوقع؟ يرى كجوك أنه إذا قرر مجلس الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة، فقد يؤدي ذلك إلى بعض التقلبات في الأسواق العالمية على المدى المتوسط.
أشار كجوك إلى أنه من الناحية المالية، فإن مصر في وضع جيد يمكنها من التكيف مع قرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، كما أنه يمكنها أن تتحمل أية صدمات وعمليات بيع في الأسواق الناشئة قد تنتج عن مثل هذا القرار. وقال إن إصداراتنا الناجحة من السندات، والتي قوبلت باهتمام كبير من قبل المستثمرين، جذبت تدفقات كافية تحمي مصر من هذه الصدمات.
لكن علينا أن نظل يقظين: قال كجوك: "نحن نراقب باستمرار الآثار المحتملة لارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية على تكاليف الاقتراض لمصر، فضلا عن أية مؤشرات حول متى يمكن للفيدرالي المضي قدما في تشديد السياسة النقدية". وأشار إلى أن هذا الأمر يتضح من توقيت إصدار السندات الدولية الشهر الماضي، والذي أعقب بيان الفيدرالي بأنه قد ينهي برنامج شراء الأصول في نوفمبر.
ولفت كجوك إلى أن حيازات الأجانب من أدوات الدين المصرية تبلغ حاليا نحو 30 مليار دولار.
يمكننا أيضا أن نتوقع المزيد من التدفقات المالية بفضل الإدراج بمؤشري جيه بي مورجان وفوتسي راسل، بحسب كجوك. (المزيد عن هذا الموضوع أدناه).
متى يمكن أن نتوقع أن تصبح ديون مصر قابلة للربط مع بنك يوروكلير؟ أوضح كجوك أنه لا يوجد تاريخ محدد حتى الآن لربط السندات المصرية ببنك يوروكلير. وقال إن القيود التي فرضت على حركة السفر إلى مصر كانت هي السبب وراء تأخير العملية تلك. وتابع: "من جانبنا، لقد أكملنا جميع الإجراءات". وفي الشهر الماضي، ذكرت تقارير أن وزارة المالية قد لا يمكنها تحقيق هدفها المتمثل في جعل الديون المصرية قابلة للتسوية مع بنك يوروكلير بحلول نوفمبر. وكانت الحكومة تتوقع في السابق الإنتهاء من المباحثات الفنية لربط ديون مصر مع بنك يوروكلير بين سبتمبر ونوفمبر 2021، لكن وفقا لتصريحات لوزير المالية محمد معيط قد نضطر إلى الانتظار حتى عام 2022.
إذا، مع كل هذا الاقتراض، ماذا يعني هذا لاستراتيجيتنا الخاصة بخفض الديون؟ قال كجوك، "نحن ما زلنا عازمين على تقليل عبء خدمة الديون إلى 32% من نفقاتنا في السنوات المقبلة، مقارنة بـ 38% حاليا ”.
في الجزء الثاني من المقابلة، سيكشف لنا كجوك عما تخطط له وزارة المالية للقطاع الخاص، بدءا من السياسات الضريبية، وحتى دعم الصادرات، والحوافز والمرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادي.