أربعة أجيال في غرفة واحدة
أربعة أجيال مختلفة قد تتشارك نفس مكان العمل: أصبحت أماكن العمل متعددة الأجيال شائعة بشكل متزايد، إذ يختار العديد من الأشخاص مواصلة العمل بعد سن التقاعد، كما جاء في المدونة التي نشرتها جامعة ماساتشوستس. وقد يوجد الآن أربعة أجيال على الأقل في مكان العمل: جيل مواليد ما بعد الحرب العالمية الثانية (البومرز)، والجيل إكس، وجيل الألفية، والجيل زد. ولكل جيل وجهات نظر وخبرات وقيم وأهداف مختلفة، والتي يمكن أن تؤدي بنفس القدر إلى التناطح والابتكار، اعتمادا على مدى نجاح الشركة في خلق بيئة تعاونية.
القدرة على التواصل هي أبرز تحديات أماكن العمل متعددة الأجيال: ربما يكون التحدي الأكبر هو أساليب التواصل المختلفة التي تفضلها الأجيال المختلفة. فبينما تفضل الأجيال الشابة النصوص والاختصارات واللغة غير الرسمية، قد يكون جيل "البومرز" أكثر ميلا لأساليب التواصل الرسمية التي يمكن أن تبرز مشكلات الاتصال الكبيرة بين الأطراف المختلفة. ويجب أن يتحلى القادة بالمرونة للتواصل في مسألة يشعر كل موظف براحة أكبر معها، وفقا لدانا براونلي، مؤسسة شركة الاستشارات الإدارية والتدريب المهني بروفيشناليزم ماترز. وتقول براونلي إن جمع الموظفين للقاء وجها لوجه لعقد اجتماعات غير رسمية وجلسات بناء الفريق يساعد أيضا في كسر الحواجز.
الصور النمطية السلبية: يُنظر إلى الأجيال الشابة على أنها كسولة ولديها شعور بالاستحقاق ومفرطة الحماس ومهووسة بالتكنولوجيا، في حين أن الأجيال الأكبر سنا أكثر عنادا وغير مرنة ويصعب تدريبها. ويقع على عاتق الإدارة أن تبحث بنشاط عن الخلل الوظيفي في مكان العمل والتدخل إذا لزم الأمر. ومع ذلك، هناك أيضا مسألة كبيرة تتعلق بثقافة الشركة التي يجب إعطاؤها الأولوية في هذا الجانب، حيث يمكن للشركات التي تتمتع ببيئة أكثر تنافسية أن تدفع الموظفين إلى التركيز على سلبيات زملائهم في العمل بدلا من رؤية ما يمكنهم تعلمه من الآخر.
التوقعات: تتنوع الأشياء التي يتوقعها الموظف من مكان العمل باختلاف الجيل الذي ينتمي إليه، من التوازن بين العمل والحياة إلى احترام الصحة العقلية، وقد تطلب الأجيال الشابة مميزات أكثر من الكبار. النصيحة الأهم للمديرين والعاملين بالموارد البشرية للتعامل مع هذه المشكلة هي السماح بالمرونة في السياسات لكل موظف، فربما يكون أحدهم أكثر إنتاجية عندما يعمل من المنزل أو خلال الليل، وربما يبحث آخر عن مزايا مختلفة. لا بأس في تخصيص طرق معينة للموظفين لتناسبهم، طالما يشعر الجميع بالحق في التواصل مع الإدارة لعرض مطالبهم الفردية، وفقا لجامعة جنوب كاليفورنيا.
لكن دعونا لا نضع الناس في قوالب: نعم، يمكن للسن أن يلعب دورا كبيرا في كيفية تفاعل الأشخاص في مكان العمل، لكن هناك عوامل أخرى حاضرة، وغالبا ما يكون لها دور في التنبؤ بسلوك الموظف. هذا هو ما تؤمن به جنيفر سي ديل، التي شاركت في تأليف كتاب What Millennials Want from Work. الشباب يريدون أن يكتبوا أسماءهم في سوق العمل، بينما كبار السن يشعرون بالحاجة إلى تقدير خبراتهم، لكن العامل المشترك في النهاية أن كلا الطرفين يريد أن يكون صوته مسموعا ويحظى بالتقدير الملائم. تقول جنيفر لموقع جمعية إدارة الموارد البشرية إن "مفتاح فهم سلوك شخص ما هو النظر إليه كفرد، وأفضل طريقة لمعرفة كيفية تحفيزه هي سؤاله عما يهمه".
على الإدارة التركيز على التشابهات، واحترام الاختلافات: تدير أبولونيا بويلاني مخبز عائلتها في باريس منذ كانت في الثامنة عشرة من عمرها، مما جعلها في موقع يسمح لها بمراقبة وجهات نظر الأجيال الشابة والأكبر في مكان العمل. وتقول لصحيفة فايننشال تايمز: "بدلا من التركيز على الاختلافات، اندهشت من المشاعر الموحدة بين الناس، رغم أنهم قد يستخدمون كلمات وطرقا مختلفة للتعبير عنها". أسست بوليلاني نظاما للتدريب المهني يمكّن الأجيال من نقل خبراتها إلى بعضها البعض، من خلال مراقبة الخبازين الشباب ما يفعله الأكثر خبرة، حتى يصبحوا جاهزين ويتقنوا العملية بأنفسهم. فترة التدريب هذه تسمح بوجود حوار بين الأجيال المختلفة، مما يمهد الطريق أمام نقل الخبرات وتبادل وجهات النظر المختلفة.