كيف تضغط الدورة الفائقة للسلع على شركات الطاقة الشمسية المصرية؟
كيف تتأثر شركات الطاقة الشمسية بالدورة الفائقة للسلع؟ شهد عام 2021 قفزة في أسعار السلع العالمية لتسجل ارتفاعات قياسية بسبب الطلب المكبوت بعد الإغلاق واستمرار اضطرابات سلاسل التوريد، مما أثار تكهنات من بعض الأوساط بأن العالم قد يشهد بداية دورة فائقة جديدة للسلع. ليس مثيرا للدهشة، أن منتجي حلول الطاقة الشمسية المحليين بالكاد معزولون عن الأسعار المرتفعة، إذ يعتمدون على النحاس والألمنيوم والحديد والسيليكون لإنشاء محطات طاقة شمسية جديدة. قالت الشركات لإنتربرايز إنها في سبيل التأقلم مع الواقع الجديد، لجأت إلى رفع أسعارها أو أجلت مشروعات أو تحملت التكاليف وقبلت هوامش ربح أقل.
ارتفعت أسعار السلع الأساسية هذا العام، إذ يكافح العالم بعد فترة الإغلاق لإعادة سلاسل التوريد العالمية إلى وضعها الطبيعي، وتشهد الاقتصادات اندفاعا في أعمال البناء الجديدة والنشاط الصناعي. وصلت أسعار الألمنيوم إلى مستويات قياسية جديدة في وقت سابق من هذا الشهر، فقد قفزت بنسبة 54% منذ بداية العام حتى الآن لتصل إلى أكثر من 2957 دولارا للطن – وهو أعلى مستوى منذ يوليو 2008. وسجلت أسعار الحديد العالمية مستويات قياسية هذا العام، وكذلك العقود الآجلة للنحاس، والتي على الرغم من تراجعها منذ أن بلغت ذروتها في مايو لا تزال مرتفعة بنسبة 28% منذ بداية العام.
امتدت هذه الزيادات إلى مصر أيضا: ارتفعت أسعار النحاس والألومنيوم والصلب والسيليكون بنسبة تصل إلى 40% في السوق المحلية، حسبما قال المؤسس والعضو المنتدب لشركة سولاريز إيجيبت ياسين عبد الغفار.
ومع ارتفاع أسعار الغاز، قفزت أسعار الألومنيوم، المكون الرئيسي لهياكل ألواح الطاقة الشمسية، حسبما قال العضو المنتدب لشركة كايرو سولار حاتم توفيق لإنتربرايز. شهدت كابلات الألومنيوم والنحاس ارتفاعا في أسعارها أيضا، إضافة إلى ارتفاع أسعار المحولات التي تنقل الطاقة من الألواح إلى شبكات الكهرباء، طبقا لتوفيق.
بطبيعة الحال، سيرفع ذلك تكلفة إنتاج الطاقة الشمسية: منذ مارس 2021، ارتفعت أسعار خلايا الطاقة الشمسية التي يجري تصنيعها من السيليكون- بمقدار الثلث تقريبا إلى 0.24-0.25 دولار لكل وات، ارتفاعا من 0.19 دولار، وفق توفيق.
غيرت الدورة الفائقة للسلع من أوضاع أسعار الطاقة الشمسية: غير ذلك الاتجاه النزولي طويل المدى لأسعار لخلايا الطاقة الشمسية على مدار السنوات الخمس الماضية والتي تراجعت من 0.52 دولار للوات في ظل ارتفاع الإنتاج والطلب. وقال عبد الغفار إنهم يشعرون بالتدهور وأن الدورة الفائقة غيرت المسار بالنسبة للتكلفة الإجمالية للطاقة الشمسية التي كانت من المرجح أن تشهد انخفاضا.
جاءت الزيادة في التكلفة مدفوعة أيضا بالتأخيرات في مشروعات الطاقة الشمسية بعد الإغلاق: تعود أسباب الطلب، الذي أدى إلى الارتفاع الحالي في أسعار المواد الخام، بصورة كبيرة لاستئناف المشروعات التي جرى تأجيلها من قبل، وفق ما ذكره مختار أبو العطا، رئيس تطوير الأعمال لشمال أفريقيا والشام في شركة إنفينيتي، لإنتربرايز. لا يستطيع الموردون مواكبة الانتعاش السريع في الطلب على أنظمة الطاقة الشمسية، خاصة في الصين، بعد أن أوقفت العديد من المصانع الإنتاج خلال فترة ذروة تفشي “كوفيد-19″، وفق ما قاله توفيق، مضيفا أن المصانع أمامها قائمة طويلة من الطلبات منذ عامين لتلبيتها.
بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف الاستيراد من الصين: زادت تكلفة نقل السلع من الصين إلى الدول الأخرى بسبب القيود التجارية التي تفرضها الولايات المتحدة. وأوضح توفيق أن حاوية المواد الخام التي كان نقلها يتكلف 3 آلاف دولار وصلت الآن إلى 15 ألف دولار.
المشروعات تتأجل: طلبت كل من شركة أكوا باور السعودية وشركة النويس الإماراتية تأجيل مشاريع كبيرة الحجم في الأسابيع الأخيرة، وهو ما عزاه مسؤول كبير في هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة إلى ارتفاع ضغوط الأسعار. أفادت تقارير أن أكوا تحاول تأجيل العمل في محطة كوم أمبو بقدرة 200 ميجاوات لمدة تسعة أشهر، وتسعى النويس لتأجيل العمل حتى يونيو 2022، وهو ما أرجعه نائب مدير هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة إيهاب إسماعيل، إلى ارتفاع تكاليف الخلايا الشمسية والشحن، الأمر الذي يجعل المشروعات تفوق ميزانيتها.
المزيد من التأجيلات في الطريق: يقول توفيق: “حاولت تأخير الاتفاقات حتى بداية عام 2022 لأن لدينا شعورا بأن التضخم سيبدأ في التراجع بحلول نهاية العام”.
رغم هذا تنتقل التكاليف إلى المستهلكين: يقول توفيق إنه رفع السعر “بنسبة 10% للعملاء الراغبين في الدفع”، بينما رفعت إنفينيتي أسعارها لحماية الهوامش المنخفضة بالفعل، كما يقول أبو العطا، مضيفا “رغم أننا استوعبنا جزءا من التأثير في هوامشنا، فإن أسعار البيع ارتفعت”، دون الكشف عن قيمة الزيادة.
كيف يتفاعل العملاء؟ يقول أبو العطا: “تثير زيادة الأسعار الكثير من الأسئلة مع العملاء الذين تحدثنا إليهم منذ فترة، نظرا لأن هذه مشاريع طويلة الأمد تستغرق وقتا لإنهائها”. ويضيف أن العملاء الذين يفهمون ديناميكيات سلسلة التوريد العالمية يفهمون التغير الطفيف في الأسعار. أما توفيق فيوضح أن النهج يعتمد على العميل، فإذا كان مرتاحا لزيادة الأسعار أو اعتقد أن الأسعار لن تنخفض، فإن كايرو سولار تنفذ مشاريعها على الفور. لكن لو لم يكن الأمر كذلك، يتم التأجيل إلى العام المقبل.
الجانب المشرق؟ غالبا ما تشتري مشروعات الطاقة الشمسية المواد الرئيسية للإنشاء سنويا بكميات كبيرة وسعر ثابت، مما يوفر بعض الحماية ضد تقلب الأسعار. ويقول عبد الغفار إن شراء المحولات والألواح الشمسية، وهي المواد الرئيسية لبناء مشاريع الطاقة الشمسية، يكون عادة بموجب اتفاقيات سنوية مع كبار الموردين، مما يحافظ على الأسعار ثابتة نسبيا. وهذا يعني في الوقت الحالي أن الاتفاقات مع الموردين الذين لديهم معدات كافية في مستودعاتهم للأشهر الستة أو التسعة المقبلة تشكل حاجزا ضد زيادة التكلفة، كما يضيف.
لكن قفزة السلع العالمية تحتاج إلى الانكماش في غضون 6-9 أشهر لتجنب التباطؤ في نشر الطاقة الشمسية. ويخلص عبد الغفار إلى أنه في حالة عدم حل المشكلة قريبا، فسوف “نبدأ في رؤية زيادة تتراوح بين 30-40% عبر دورة المشروع بأكملها”.
فيما يلي أهم الأخبار المرتبطة بالحفاظ على المناخ لهذا الأسبوع:
- مصر تطلب رسميا استضافة قمة المناخ 2022: خلال مشاركته في المائدة المستديرة التي عقدت بالأمم المتحدة بشأن المناخ الأسبوع الماضي، أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي رسميا أن القاهرة تتطلع إلى استضافة قمة الأمم المتحدة للمناخ المقرر عقدها في عام 2022.
- يعتزم البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية مضاعفة “استثماراته ذات الأولوية” في برنامج المدن الخضراء إلى نحو 1.9 مليار يورو بحلول نهاية عام 2023، ارتفاعا من 1.01 مليار يورو حتى أغسطس. وقد يعني هذا أموالا إضافية للبنية التحتية المستدامة في القاهرة والإسكندرية والسادس من أكتوبر.
- يستعد صندوق الاستثمارات العامة السعودي (صندوق الثروة السيادية) للإعلان قريبا عن أول إصدار ديون خضراء مرتبطة بالاستدامة. وسيكون هذا الإصدار الأول من نوعه لصندوق سيادي.
- مع ارتفاع درجة حرارة الأرض .. المعماريون يصممون منازل أكثر برودة: يعمل المهندسون المعماريون في شركة ECOnsult المصرية على تقديم تقنيات بناء جديدة من شأنها تخفيض درجات الحرارة في الداخل دون الحاجة لاستخدام مكيفات الهواء.