تأثيرات ملموسة للتغير المناخي على الزراعة في مصر
كيف يؤثر تغير المناخ على الزراعة في مصر؟ منطقة البحر الأبيض المتوسط وشمال أفريقيا هي من بين أكثر المناطق عرضة لتأثير تغير المناخ، ومع ارتفاع درجات الحرارة في الصيف، وتضاؤل هطول الأمطار، والزيادة البالغة في درجات الحرارة تصبح الأزمة أكثر وضوحا، وفقا لما خلص إليه تقرير صادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ. تعمقنا الشهر الماضي في مدى إمكانية تعرض مصر – بحكم جغرافيتها ومناخها واعتمادها على الزراعة – لهذه التغيرات في مناخنا. اليوم، نستعرض أمثلة على كيفية انعكاس ذلك على أرض الواقع، وتحديدا من خلال محاصيل المانجو والزيتون، والتي تعرضت لصدمات هذا العام.
دق ناقوس الخطر: شهدت الإنتاجية في بساتين الزيتون ومزارع المانجو انخفاضا كبيرا في النصف الأول من عام 2021، وفقا لمصادر متعددة تحدثت إلى إنتربرايز. وبينما لا يزال يجري إحصاء الحجم الكامل للضرر، قال جميع المزارعين وخبراء المناخ الذين تحدثت إليهم إنتربرايز إن هذا العام كان من بين أسوأ ما شهدوه منذ عقود.
هبط إنتاج الزيتون بحوالي 60-80% خلال موسم الحصاد هذا العام بسبب تغير المناخ، وفقا لما قاله شاكر أبو المعاطي، رئيس قسم الأرصاد الجوية بمركز البحوث الزراعية لإنتربرايز، إذ بلغ محصول الزيتون المحلي في عام 2020 نحو 497 ألف طن في العام 2019-2020 ، فيما يتراوح محصول هذا العام بين 100 و200 ألف طن حتى الآن. كان من المرجح أن يصل حجم محصول الزيتون المتوقع في موسم 2021/2020 إلى 690 ألف طن.
يعد هذا تطورا مهما بشكل خاص بالنظر إلى مكانة مصر في سوق الزيتون العالمية: كانت مصر أكبر مصدر لزيتون المائدة في العالم خلال موسم 2019/2018، وفقا لموقع أوليف أويل تايمز. وأنتجت ما يقرب من ربع الإجمالي العالمي، طبقا لإحصاءات المجلس الدولي للزيتون.
مصر لا تواجه انخفاض إنتاج الزيتون وحدها، فقد شهد كبار المصدرين مثل إيطاليا واليونان وكذلك البرتغال والمغرب وتونس تراجعا كبيرا في إنتاج الزيتون هذا العام، وفقا لموقع أوليف أويل تايمز.
إذا ماذا حدث للزيتون في مصر؟ الزيتون عادة ما يتأثر بسهولة بالتغيرات المناخية، وقد كان الطقس في مصر هذا العام عرضة للتقلبات المفاجئة، حسبما قال لنا محمد فهيم، رئيس مركز معلومات تغير المناخ بوزارة الزراعة. وأوضح فهيم أن الزيتون عادة يتأثر بالشتاء الدافئ ورياح الخماسين الدافئة مثلما حدث هذا العام. وأشار إلى أن الشتاء هذا العام كان دافئا وبدأ في نصف فبراير وهو الوقت الذي من الطبيعي أن يبدأ فيه الفصل الممطر في الانتهاء في مصر وتستعد الأرض لاستقبال الربيع بعد شهر من ذلك. وتابع "يحتاج الزيتون أن تنخفض الحرارة إلى 10 درجات مئوية لعدد معين من الساعات طوال الشتاء حتى تتهيأ الشجرة للدخول في موسم النمو التالي".
يواجه محصول المانجو أيضا صعوبات بسبب تغير المناخ، فقد هبط إنتاجه بنسبة 20-25% في موسم حصاد هذا العام، وفقا لما صرح به مصدر بوزارة الزراعة لإنتربرايز. قمنا كذلك بالتحدث مع عدد من المزارعين المحليين للتعرف على مدى التأثير على محاصيل المانجو. أوضح محمد آدم، وهو صاحب مزرعة لزراعة المانجو وتاجر جملة في محافظة الإسماعيلية، أن محصوله لم يشهد إثمار سوى شجرة أو شجرتين فقط هذا العام، مما يعني أن إنتاجه كان صفرا تقريبا. وفي تصريحات لإنتربرايز، قال عبد الحافظ الأحمدي، وهو مالك آخر لمزرعة مانجو في الإسماعيلية، إنه يقدر أن العوامل المرتبطة بالطقس ساهمت في تراجع الإنتاج بنسبة 40% مقارنة بالعام الماضي.
تضررت محاصيل المانجو لارتفاع درجات الحرارة بشكل غير مسبوق، وأرجع آدم الانخفاض في إنتاجه إلى موجة الحر التي شهدتها مصر خلال شهر رمضان الماضي. وفي الوقت نفسه، أوضح الأحمدي أن الأمر يرجع إلى عدم اتساق الطقس على المدى الطويل، لا سيما خلال شهري فبراير ومارس من هذا العام. وأضاف أن التقلبات المناخية لم تساعد في عملية تلقيح أزهار المانجو وأدت إلى "موت الأجنة" في كثير من الحالات. وقال الأحمدي إنه مع اقتراب نهاية الموسم، من الواضح أن كمية الإنتاج ستظل منخفضة.
نظرة على الأرقام: بلغ متوسط إنتاج المانجو في الموسم الماضي 5 أطنان للفدان، وفقا لما صرح به مصدر بالوزارة لإنتربرايز. ومن المقرر إصدار بيانات الإنتاج عند انتهاء الموسم في منتصف أكتوبر، ولكن حسب النسبة التقديرية تلك، يمكن أن يتراوح متوسط الإنتاج بين 3.75 و4 أطنان للفدان. وبلغت صادرات مصر الزراعية نحو 4 ملايين طن في الفترة من يناير 2021 إلى 29 يونيو 2021، وكانت مساهمة محصول المانجو هي الأقل بين جميع المنتجات الزراعية، بإجمالي 768 طن، وفقا لما أعلنته وزارة الزراعة.
تغيرات مناخية واضحة في مصر: أظهرت دراسة نشرتها الهيئة العامة للأرصاد الجوية المصرية في أغسطس الماضي، إن صيف عام 2021 هو الأشد حرارة منذ خمس سنوات، حيث سجلت الحرارة 3-4 درجات مئوية فوق المعدلات العادية. وأوضح أبو المعاطي أن مناخ مصر تغير في العشرين عاما الماضية بمقدار 1.5-2 درجة مئوية.
التقلبات الكبيرة في الطقس تأتي ضمن أزمة تغير المناخ بمصر ويمكن أن تؤدي إلى تغيير لا رجعة فيه في البيئة، وفقا لما قاله فهيم. وأضاف أن "موقع مصر الجغرافي وهشاشة مناخ البلاد يفاقمان من تأثير التغيرات الطفيفة في الأحوال الجوية". وقام مركز معلومات تغير المناخ بوزارة الزراعة برصد التغير في المناخ بين عامي 2006 و2018، ووجد أن فصل الصيف يمتد الآن إلى معظم العام. ونتيجة لهذا التغيير، ينحسر إنتاج المحاصيل الزراعية التي لم تعتد على مثل هذا المناخ. ويعتبر محصولا الزيتون والمانجو من أكثر المحاصيل عرضة للتغيرات المناخية وتأثيرات تلك التغييرات خلال هذا العام تأتي بمثابة تحذير بضرورة أن تأخذ مصر أزمة المناخ على محمل الجد.
فيما يلي أهم الأخبار المرتبطة بالبيئة لهذا الأسبوع:
- اتفاق وزاري مشترك بشأن تلوث الهواء بالقاهرة الكبرى: وقعت وزارات البيئة والتنمية المحلية والنقل والصحة اتفاقا مشتركا لتنفيذ مشروع إدارة تلوث الهواء وتغير المناخ بالقاهرة الكبرى.
- إطار عام للتعاون بين مصر والبنك الدولي في مجال تغير المناخ: بحث مسؤولون بوزارتي التعاون الدولي والبيئة مع ممثلين عن البنك الدولي سبل التعاون في تطوير سياسات جديدة لمكافحة تغير المناخ.
- من المتوقع إنشاء 5 مصانع جديدة للعمل ضمن مبادرة E-Tadweer لإعادة تدوير المخلفات الإلكترونية في مصر.