هل نفوت على أنفسنا جزءا من إمكانات توليد الطاقة الشمسية؟
ما هو التحقق من الإشعاع الشمسي وهل يمكن أن يساعدنا في زيادة توليد الطاقة الشمسية لدينا؟ هل تساءلت قبل ذلك كيف يجري اختيار مواقع محطات الطاقة الشمسية؟ الأمر أعقد قليلا من اختيار موقع مشمس في منطقة حارة. هناك عوامل أخرى مهمة، ومنها مستوى الأتربة في الجو، والتلوث، وغيرها من العوامل البيئية. وهذا ما تفعله مواقع التحقق من الإشعاع الشمسي.
ولكن هل نحن حقا بحاجة إلى تلك المواقع؟ يبدو أن مصر ليس لديها أي مواقع للتحقق من الإشعاع الشمسي، وفقا لشركة كروس باوندري إنيرجي المشغلة والموردة للطاقة الشمسية والتي تركز على أفريقيا، والتي تشير إلى أن القياسات غير الدقيقة أمرا شائعا في القارة، وهو ما يمكن أن يتسبب في إنتاج أقل من الطاقة، وأسعار أعلى للمستهلكين، وعائد أقل للمستثمرين. ولذلك نستكشف اليوم ما هي مواقع التحقق من الإشعاع الشمسي، ومدى أهميتها، ونسأل العاملين بالقطاع عما إذا كانت ضرورية حقا..
ولكن ما هو موقع التحقق من الإشعاع الشمسي؟ هي تلك المواقع التي تستخدم عددا من الأدوات العلمية (مثل أجهزة البيرانومتر والبيرهليوميتر) التي تقيس المقدار الدقيق لأشعة الشمس المباشرة وغير المباشرة التي تصل فعليا إلى سطح الأرض – وهو ما يعرف تقنيا بالإشعاع الشمسي. فالمستوى الفعلي للإشعاع الشمسي في موقع معين على هذا الكوكب ليس فقط دالا على قربه من الشمس. فهو يتأثر في الواقع بشكل كبير بعوامل مثل السحب والرطوبة والملوثات والغبار. وتعتبر مواقع التحقق هذه مسؤولة عن تتبع تلك المعلومات وتخزينها للحصول على قياسات منتظمة ودقيقة تأخذ في الاعتبار الظروف المناخية المتغيرة.
ما أهمية تلك المواقع؟ معرفة مقدار ضوء الشمس الذي يصل إلى أجزاء مختلفة من الكوكب أمر بالغ الأهمية للكيانات العاملة في مجال الطاقة الشمسية لتحديد أفضل مكان لوضع الألواح الشمسية والتنبؤ بالأسعار وإنتاج الطاقة في المستقبل.
من يستخدمها؟ هناك مواقع للتحقق من الإشعاع في أماكن قريبة مننا مثل إسرائيل والأردن والسعودية وتونس، بينما تنتشر تلك المواقع في معظم أنحاء العالم، وتتركز بشكل كبير في أوروبا وأمريكا الشمالية.
وتعتمد أساليبنا الحالية لتقدير الإشعاع الشمسي على صور الأقمار الصناعية ونماذج الأرصاد الجوية لرسم خريطة النقاط الساخنة للإشعاع الشمسي في جميع أنحاء العالم. سولار جيس هي إحدى هذه المنظمات التي تعتمد على صور الأقمار الصناعية في توفير خرائط لإمكانات الطاقة الشمسية في أجزاء مختلفة من العالم . وهناك أيضا ميترونوم، وهي أداة أخرى تستخدمها الشركات للوصول إلى البيانات التي تجمعها مجموعة من محطات الطقس وصور الأقمار الصناعية للتنبؤ بإمكانات الطاقة.
لكن نماذج الأقمار الصناعية وحدها تكون غير كافية: في حين أن صور الأقمار الصناعية توفر لنا استطلاعات جيدة حول كمية ضوء الشمس التي يمكن أن نتوقع الحصول عليها في أجزاء مختلفة من العالم بناء على أنماط المناخ طويلة المدى، إلا أنها غير قادرة على اكتشاف الكمية الدقيقة من الضوء الذي يصل إلى سطح الأرض، وفقا لتقرير كروس باوندري إنيرجي (بي دي إف). ويبدو أن نماذج قياس الإشعاع الشمسي المعتمدة على الأقمار الصناعية غالبا ما تبالغ في تقدير الكمية الفعلية من ضوء الشمس الذي يصل إلى سطح الأرض بنسبة تصل إلى 3-5% في اثنين من مناطق العمليات التابعة لها في كينيا وغانا. وتقول المجموعة إن هذا الرقم يرتفع إلى 20% في مواقع خارج المدن الكبرى في أفريقيا.
ما الذي يمكن أن نخسره بسبب عدم توفرها؟ يمكن لكل من يتوقع أن يوفر المال من التحول للطاقة الشمسية أن يخسر 4-5% من توقعاته في المدن الكبرى، وما يصل إلى 20% خارج المدن في أفريقيا، والتي "تميل إلى المبالغة بشكل منهجي" في تقدير إنتاج الطاقة الشمسية، كما تخبرنا كاثلين جان بيير مسؤولة الرؤية والتسليم في شركة كروس باوندري إنرجي. فلو كنت مستثمرا في الطاقة ولديك بعض الاستثمارات في الطاقة الشمسية، تتوقع كروس باوندري أنك ستخسر 1% من معدل عائد الاستثمار بسبب التناقض بين التوقعات والإنتاج الفعلي، وهي نسبة لا يستهان بها خصوصا مع حجم الاستثمار.
شركات الطاقة الشمسية في مصر ليست مقتنعة: لا تزال شركات مثل كرم سولار قادرة على التوصل إلى توقعات شبه دقيقة لإنتاج الطاقة في مواقعها المختلفة في مصر وتجنب وقوع خسائر مالية، وهو ما يشير إليه الرئيس التنفيذي للشركة أحمد زهران في حديثه مع إنتربرايز. ويعود السبب إلى أنه منذ تأسيسها قبل 10 سنوات، تمكنت كرم سولار بشكل فردي من جمع ما يكفي من البيانات التشغيلية اللازمة عبر مواقعها الخاصة، بحيث لم تعد تحتاج إلى مواقع التحقق من الإشعاع بشكل كبير. ورغم بعض التقلبات الطفيفة في أنماط الطقس الناتجة عن تغير المناخ، فإن "كل ما تحتاجه هو قضاء عام واحد في موقع معين للحصول على المعلومات التي تحتاجها حول الإشعاع بمستويات دقيقة جدا"، وفق زهران، وهو أمر يمكن لمعظم شركات الطاقة الشمسية في مصر تنفيذه. وأضاف زهران: "ربما يكون هذا إجراء مهما قبل خمس سنوات، لكن الآن لدينا العديد من المحطات الموزعة في أنحاء البلاد لدرجة أن هذا النوع من الإجراءات لم يعد ضروريا حقا".
ولدى الحكومة عدد من الأدوات التي تساعد على قياس الإشعاع في أجزاء مختلفة من البلاد، كما يقول رئيس هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة محمد الخياط. ورغم أن الخياط لم يحدد ماهية تلك الأدوات أو أنواع البيانات التي تجمعها الحكومة، فإنه ذكر أنها تلعب دورا في رسم خرائط الإشعاع المصرية لدى الهيئة. ويوضح الخياط أن هناك قيودا بالطبع على مقدار البيانات التي يمكن أن تجمعها الهيئة باستخدام مواردها الخاصة، وهذا هو السبب في التزام شركات الطاقة الشمسية الخاصة بإجراء دراسة لمدة عام كامل على أي موقع تعتزم استخدامه خارج مناطقها.
ومن الصعب تحديد حجم المبالغة في الإشعاع لدى مبادرات الطاقة الشمسية المصرية في الوقت الحالي. فنظرا لعدم وجود مواقع للتحقق من الإشعاع يمكن استخدامها للمقارنة مع نماذج الأقمار الصناعية، فإنه "من المستحيل في الواقع معرفة ما إذا كان هذا التحيز المفرط في التقدير يؤثر على المشروعات المصرية"، كما تقول جان بيير، مشيرة إلى أن حالة عدم اليقين هذه قد تسبب تعقيدات لنمو القطاع، لكن هذا لا يبدو أنه يؤثر على اللاعبين المحليين على المستويين العام والخاص في الوقت الحالي.
فيما يلي أهم الأخبار المرتبطة بالحفاظ على المناخ لهذا الأسبوع:
- أطلقت شركة إنتاج الطاقة الشمسية كرم سولار وحدة معالجة المياه "كرم ووتر" من خلال مشروع لتحلية المياه بالطاقة الشمسية في مرسى علم، حسبما أعلنت الشركة المطورة والموزع للطاقة الشمسية (بي دي إف). توفر الوحدة الجديدة المياه العذبة من خلال تصميم وبناء وتشغيل محطات تحلية تعمل بالطاقة الشمسية.
- تستثمر شركة السويس للأسمنت 20 مليون دولار في بناء نظام لاستعادة الحرارة المهدرة في مصنعها في حلوان والذي سيسمح بإنتاج الطاقة باستخدام الحرارة الزائدة من خطوط الإنتاج، وتوليد ما يصل إلى 18 ميجاوات من الطاقة وتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.