وزير المالية: مصر مستعدة لأي تقلبات بأسواق المال العالمية
مصر يمكنها التعامل مع احتمالات رفع أسعار الفائدة الأمريكية، في ضوء إمكانية تقليص مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لبرنامج التحفيز المالي الذي أطلقه لمواجهة جائحة "كوفيد-19"، حسبما ذكر وزير المالية محمد معيط في مقابلة مع بلومبرج الخميس الماضي (شاهد 18:47 دقيقة). وقال معيط إن صناع السياسة "يراقبون عن كثب" التأثيرات المحتملة لأي ارتفاع لأسعار الفائدة الأمريكية على تكاليف الاقتراض بالنسبة لمصر، مضيفا "يجب علينا أن نكون مستعدين، دائما".
لدى مصر خبرة كبيرة فيما يتعلق بتقلبات الأسواق الناشئة: قال معيط "نحن نأخذ في الاعتبار حاليا تجربتنا مع مثل هذا الوضع"، مضيفا أن استثمارات بقيمة تزيد عن 20 مليار دولار قد خرجت من البلاد خلال فترات التقلبات التي شهدتها الأسواق العالمية على مدى السنوات الثلاث الماضية. وكانت مصر، مثل العديد من الأسواق الناشئة، شهدت موجات بيعية بسبب ما عرف بـ "نوبة فزع الأسواق" في 2013، وخلال الموجة البيعية للأسواق الناشئة في 2018، ثم الموجة البيعية لأصول الأسواق الناشئة من مارس وحتى مايو 2020 خلال التفشي الأول لجائحة "كوفيد-19" عالميا، واستطاعت مصر بعد كل أزمة جذب استثمارات أجنبية جديدة في أدوات الدين بمعدلات قياسية.
كل الأنظار تتجه إلى الاحتياطي الفيدرالي: أشار رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول الشهر الماضي إلى أن البنك قد يبدأ في تقليص برنامجه لشراء السندات البالغ 120 مليار دولار شهريا قبل نهاية هذا العام، إذا ما شهد مزيدا من التحسينات في سوق العمل. وألقت بيانات التوظيف الضعيفة بشكل غير متوقع في الشهر الماضي بظلال من الشك على ما إذا كان الاحتياطي الفيدرالي سيقدم بالفعل على تقليص برنامج التحفيز، إلا أن 70% من الاقتصاديين الذين شملهم الاستطلاع الذي أجرته مؤخرا صحيفة فايننشال تايمز ما زالوا يتوقعون إعلانا من جانب الفيدرالي بتلك الخطوة إما في نوفمبر أو ديسمبر المقبلين، في حين يعتقد أكثر من 70% أنه سيتعين على الفيدرالي الأمريكي أن يبدأ في رفع أسعار الفائدة في وقت أكثر قربا بكثير مما هو متوقع حاليا، ربما في عام 2022 بدلا من عام 2023 في التوقعات السابقة.
أسعار الفائدة الحقيقية المرتفعة في مصر سيكون بمثابة حماية إضافية لها ضد ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية، وفقا لما قالته وكالة ستاندرد أند بورز للتصنيف الائتماني، في تقرير لها. وقالت الوكالة، "بالمقارنة مع بعض الأسواق الناشئة الأخرى، نعتقد أن مصر قد تكون أفضل حالا إلى حد ما في حالة ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية، ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى ارتفاع أسعار الفائدة الحقيقية".
إلا أن ستاندرد أند بورز حذرت من أن مصر لا تزال عرضة لخطر حدوث تدفقات خارجة إذا بدأت الدول ذات المخاطر الأقل في تشديد سياستها النقدية، لا سيما بالنظر إلى تكلفة الاقتراض في مصر والتي تعد من بين أعلى المعدلات في العالم. وقالت وكالة التصنيف الائتماني إن الحكومة ستحتاج إلى تأمين المزيد من احتياجاتها التمويلية من سوق الأسهم، وأن تقلل اعتمادها على أسواق الدين لتقليص هذه المخاطر.
وتعمل الحكومة حاليا على خفض تكلفة ديونها من خلال تقليل الاعتماد على الديون قصيرة الأجل لصالح الديون طويلة الأجل، إلى جانب تنويع مصادر تمويلها لتشمل السندات الدولية والصكوك السيادية والسندات الخضراء.
مثلت خدمة الدين 36% من المصروفات في الموازنة العامة حتى نهاية يونيو 2021، متراجعة من 40% العام الماضي، وفقا لما قاله معيط. وأضاف أيضا أن الحكومة تهدف إلى خفض تلك النسبة إلى 32% بنهاية يونيو 2022. وأظهرت مسودة وزارة المالية لمشروع موازنة العام المالي 2022/2021 أن خدمة الدين ستشكل ما يقرب من ثلث الإنفاق الحكومي، إذ ارتفعت بأكثر من 2% لتصل إلى 579 مليار جنيه.
المزيد من إصدارات الديون في الطريق: قال معيط إن الدولة قد تصدر سندات مقومة بالدولار أو اليورو، وربما تبيع المزيد من السندات الخضراء، قبل انتهاء العام المالي، وتأمل الحكومة أيضا في إصدار أول صكوك سيادية في النصف الأول من عام 2022، بحسب معيط، الذي أشار إلى أن حجم الإصدار الأول قد يتراوح بين 500 و700 مليون دولار.
كان صندوق النقد الدولي حذر من التأثيرات المحتملة لقرار الاحتياطي الفيدرالي على الأسواق الناشئة. وقالت كبيرة الاقتصاديين بصندوق النقد الدولي جيتا جوبيناث الشهر الماضي إن الأسواق الناشئة التي عانت ميزانيتها بسبب "كوفيد-19" يمكن أن تواجه أضرارا كبيرة لاقتصاداتها في حال شرع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في تقليص برنامجه التحفيزي. وقالت: "تواجه [الأسواق الناشئة] رياحا معاكسة أكثر صعوبة، إذ تتعرض لضربات من عدة جهات مختلفة، وهذا هو السبب في أنها لا يمكنها تحمل وضع يكون لديك فيه نوع من نوبة فزع في الأسواق المالية والتي تنشأ عن البنوك المركزية الكبرى".