أسعار الغاز الطبيعي تقفز بتكلفة كل شيء تقريبا
السكر والسيراميك والحديد وكل شيء بينهما تقريبا: تؤدي أسعار الغاز المرتفعة إلى ارتفاع تكلفة السلع وتهدد انتعاش الاقتصاد العالمي، وفقا لبلومبرج. وسجلت أسعار الغاز الطبيعي ارتفاعات موسمية قياسية بعد زيادتها بصورة مطردة طوال الصيف، إذ تجد الدول الأوروبية نفسها غير قادرة على إعادة تعبئة إمدادات التخزين المستنفدة. ويعتمد جزء كبير من أوروبا على روسيا في توفير احتياجاتها من الغاز، ولكن مع قيام الأخيرة بالحد من صادراتها لتلبية الطلب المحلي المرتفع، فإن الآثار المرتبة على نقص الإمدادات باتت محسوسة بالفعل في ارتفاع أسعار السلع مع انتقال تكاليف الإنتاج المرتفعة إلى المستهلكين. وسوف يقلق ذلك البنوك المركزية مع تنامي الحديث حول مشكلة التضخم العالمية.
الأسعار في أوروبا تحافظ على مستويات قياسية جديدة: تضاعفت العقود الآجلة للغاز الهولندي المقرر تنفيذها بعد شهر ثلاث مرات تقريبا منذ بداية عام 2021، ووصلت إلى أعلى مستوى جديد لها على الإطلاق اليوم بعد ارتفاعها بنسبة 1.7%، وتضاعفت العقود الآجلة للغاز الطبيعي في المملكة المتحدة أكثر من ثلاث مرات حتى تاريخه.
المستهلكون في أوروبا يشعرون بضغط ارتفاع الأسعار: مع ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي خمس مرات عن مستوياتها في عام 2019، فإن الأوروبيين، الذين لا يزالون يعانون من تبعات الجائحة، يتعرضون إلى ضغط حقيقي. أدى ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية والصناعية إلى ارتفاع تضخم أسعار المستهلكين في منطقة اليورو بنسبة 3% خلال الشهر الجاري. وفي إسبانيا، ينفق الناس 40% أكثر للكهرباء عما كانوا يدفعونه قبل عام، ما دفع الكثير منهم إلى التعبير عن شعورهم بالإحباط في مظاهرات في الشوارع. ومع اقتراب فصل الشتاء في أوروبا، ربما يؤدي البرد القارس إلى ارتفاع أكبر في الأسعار وإجبار بعض المصانع على الإغلاق.
اتخذت المملكة المتحدة خطوات بالفعل للتعامل مع المسألة وأعادت فتح محطة كهرباء قديمة تعمل بالفحم: استخدم الفحم في توليد 2.2% من الكهرباء في المملكة المتحدة اعتبارا من يوم الثلاثاء، استجابة لارتفاع الأسعار رغم التزام الحكومة بالتخلص التدريجي من الفحم بحلول 2024 لتحقيق أهداف الحد من انبعاثات الكربون. مع ذلك، لا يزال الغاز الطبيعي يشكل الجزء الأكبر من إمدادات الطاقة في البلاد، إذ يمثل الآن 46.5% من مزيج الطاقة في البلاد.
إنها ليست مشكلة أوروبية فقط: الشتاء على الأبواب في نصف الكرة الشمالي، وإذا جاء باردا، فإن الأسر في الولايات المتحدة، التي كانت بعيدة حتى الآن عن ارتفاع الأسعار، ستشعر أيضا بالأزمة الخانقة. وفي غضون ذلك، اضطرت مصانع الخزف الصينية بالفعل إلى إبطاء الإنتاج بسبب ارتفاع تكاليف الغاز في آسيا، في حين قد تواجه بعض اقتصادات الأسواق الناشئة إغلاقات اقتصادية واضطرابات سياسية إذا عانت نقصا وانقطاعا في التيار الكهربائي.
أسعار الغاز في الولايات المتحدة تبلغ أعلى مستوياتها منذ أكثر من 8 سنوات. ارتفعت العقود الآجلة في بورصة نايمكس بنسبة 7.5% أمس لتغلق عند 4.92 دولار، أعلى مستوى لها منذ فبراير 2014. وانخفضت العقود الآجلة في بورصة نايمكس اليوم بنسبة 3% إلى 4.90 دولار حتى وقت إرسال النشرة.
في الاقتصادات الأقل تقدما، يمكن أن ننظر إلى سياسات ترشيد استخدام الطاقة والاضطرابات: قد تضطر دول مثل بنجلاديش على سبيل المثال إلى اللجوء إلى ترشيد استخدام الكهرباء للحفاظ على تشغيل أنظمة الري لديها. قال محللو أوراسيا جروب في مذكرة نهاية أغسطس الماضي إنه في الكثير من الاقتصادات الناشئة، يمكن أن تؤدي الزيادات الطفيفة في أسعار الوقود بالتجزئة أو الطاقة إلى صعوبات اقتصادية واضطرابات عامة.