حلم التقاعد المبكر يراود جيل الألفية
يتطلع بعض أفراد جيل الألفية إلى التقاعد في ثلاثيناتهم: شهدت السنوات الماضية ابتعاد جيل الألفية عن توجه الانغماس في العمل ومنحه الأولوية في حياتهم. وسواء كان هذا بسبب جائحة "كوفيد-19" أم لا، فإن الكثير ممن ينتمون إلى هذا الجيل قالوا إن الاستنزاف وضغوط العمل هما السببان الرئيسيان وراء اختيارهم لترك وظائفهم والتقاعد مبكرا بعقود، وفق تقرير بي بي سي.
تعتمد حركة الاستقلال المالي أو التقاعد مبكرا، والتي تعرف اختصارا بـ "فاير"، على فكرة أنه لا يجب عليك التقاعد بناء على عمرك، لكن بناء على مقدار المال الذي تدخره. إذا نجحت خلال أول 10 أو 15 عاما من حياتك المهنية في ادخار معظم راتبك، ربما تصبح قادرا على التقاعد مبكرا. قال مدير مدرسة يبلغ من العمر 41 عاما، والذي أطلق مؤخرا قناة على موقع يوتيوب عن الاستقلال المالي بعنوان "ويلث بيلدينج إيديوكيتور": "لا أريد أن أكون الشخص الذي يعمل حتى يبلغ 65 عاما لأنني مضطر لذلك، ثم أموت بعدها بعامين. أعتقد أن الكثير من الناس يتفقون معي أكثر من أي وقت مضى لأنهم اختبروا بأنفسهم تقلبات الحياة".
حسابات المعاش المبكر: تحتاج إلى أن تكون قادرا على ادخار ما يبلغ 25 مرة من نفقاتك السنوية لتتمكن من التقاعد مبكرا. يعني ذلك أنه إذا استطعت العيش بـ 60 ألف جنيه سنويا (5 آلاف جنيه شهريا)، فأنت إذَا تحتاج إلى 1.5 مليون جنيه في حسابك البنكي. لكن كيف توفر 1.5 مليون جنيه؟ تحتاج إلى ادخار 8300 جنيه على الأقل شهريا على الأقل على مدار 15 عاما. هل يبدو ذلك مستحيلا؟ يقول الناس إنه لا ينبغي أن تصل إلى المبلغ المالي الذي تحتاجه للتقاعد في ثلاثينياتك. حتى إن حققت هذا الهدف في الخمسينات من عمرك وتقاعدت حينها سيتبقى لديك بعض الأعوام للاستمتاع بالحياة دون عمل.
ذكرت نيويورك تايمز أن حركة "فاير" تتمتع بسمعة أنها مرهقة لجيل الألفية: أثارت الخطوة انتقادات لأنها تعني فقط بشريحة مجتمعية ثرية بالفعل يمكنها تحمل ادخار هذا القدر من رواتبها المكونة من ستة أرقام. يقول مدير تسويق يبلغ من العمر 34 عاما إن الكثير من المدونات أو المقالات لحركة "فاير" رغم حسن نواياها، إلا أنها غير واقعية.
هل تهدف الحركة إلى كبح جماح الاستهلاك المفرط؟ يدافع أعضاء الحركة عنها ويدحضون فكرة أن جميع أعضائها أثرياء، مدعين أنها تحد من استهلاك الأفراد. أضافوا كذلك أن الحركة تسمح لك بإعادة النظر في علاقتك بالمال، ما يساعدك على أن تصبح أكثر وعيا عندما يتعلق الأمر بإنفاق المال وقضاء الوقت.
ليست دعوة للتقشف، بل للاقتصاد: القرارات الصغيرة تصنع فارقا ضخما من حيث إنفاق الأموال. يقترح أتباع الحركة أنه يمكنك الانتقال إلى مكان تكلفته المعيشية أقل، بدلا من الإقامة في المدن الكبرى حيث الإنفاق أكبر. يمكنك تقليل تناول الطعام بالخارج أو تقليله إلى الحد الأدنى، وأيضا المثل مع الملابس الجديدة. كذلك، بدلا من حجز إجازتك في فندق فاخر، جرب الذهاب للتخييم والاستمتاع بالحياة بشكل رخيص قليلا.
طريقة فعالة للتحرر: كيف ستشعر إذا كان عمرك 39 عاما وتقاعدت قبلها بخمس سنوات؟ يقول أحد أنصار الحركة لشبكة سي إن بي سي إنها تجربة "مثيرة"، مشيرا إلى أن أكبر فكرة خاطئة عن الحركة هي التقاعد مبكرا وعدم فعل أي شيء. ويؤكد أن فاير وفرت له طريقة لأداء ما يستمتع به حقا، حتى لو كان وظيفة أخرى أقل أجرا، لكنها ممتعة بالنسبة له.
وناجعة مع الوباء: فقد كثيرون وظائفهم خلال الإغلاق، وهي تجربة صعبة إلا لو كان لديك رصيد كاف في حسابك البنكي. وحتى من لم يفقدوا وظائفهم، كان معظمهم يفضلون البقاء في المنزل لأسباب تتعلق بالسلامة. ويشدد أعضاء فاير على أنهم شهدوا ركودا اقتصاديا ثلاث مرات وتغلبوا عليها بفضل الحركة.
المال لا يشتري الوقت؟ ربما تكون مخطئا: فكر في الآباء الذين صار بمقدورهم قضاء المزيد من الوقت مع أبنائهم في ما يبدو وكأنه إجازة مدفوعة الأجر، فكر في كل من يمكنهم الاستفادة من الحركة لقضاء وقت أكثر مع أحبائهم. توفر فاير ما هو أكثر من الأمان المالي والتقاعد المبكر، إنها توفر مزيدا من الوقت لقضائه في فعل أمور أكثر أهمية.