موسم 2021-2022: كيف وصلنا إلى هنا؟
موسم 2020-2021 كان واحدا من أكثر الفترات اضطرابا في كرة القدم في العالم في ذاكرتنا الحية. كانت جائحة "كوفيد-19" تبدأ في فرض تأثيرها على العالم، إذ أغلقت الملاعب وأحدثت أزمات مالية صادمة داخل حتى أغنى الأندية في العالم. تعرضت الفرق المهيمنة للإقصاء واستبدلت بأندية جديدة تتطلع لحصد ألقاب الدوري الوطني. وهددت محاولة إنشاء دوري السوبر الأوروبي، على الأقل لمدة 48 ساعة، بقلب ما يزيد عن 100 عام من تقاليد كرة القدم رأسا على عقب، ما جعل كرة القدم تتصدر عناوين الصحف والمواقع الإخبارية العالمية. وهذه هي الأحداث التي شكلت موسم 2020-2021.
رسمت الجائحة الكثير من ملامح الموسم الماضي: استمر تأثير جائحة "كوفيد-19" في موسم 2020-2021 حيث لا تزال مباريات كرة القدم تُقام في ملاعب مُفرغة ولا تزال الأسئلة بشأن المستقبل المالي للأندية تلوح في الأفق. وجهت الجائحة ضربة كبيرة إلى تقييمات اللاعبين التي شهدت انخفاض القيمة الإجمالية لأهم 500 لاعب كرة قدم بنسبة 10% بين فبراير 2020 ويناير 2021، وفق تقرير شركة كي بي إم جي (بي دي إف). أدى انخفاض عدد الجماهير في الملاعب إلى تقليص عائدات التذاكر واتفاقيات التسويق، ما جعل الكثير من العبء المالي للجائحة يقع على عاتق الأندية الفردية. من المقرر أن تخسر الصناعة بأكملها نحو 9 مليارات يورو من العائدات هذا العام، إذ تتحمل الأندية الكبرى الجزء الأكبر من الإيرادات المفقودة البالغة 7.2 مليارات يورو. واستطاعات الأندية تجنب خسارة ملياري يورو إضافية عندما قرروا تأجيل بطولة يورو 2020 بدلا من إلغائها تماما، والتي عُقدت خلال يونيو ويوليو هذا العام.
واختل النظام في بعض أكبر دوريات كرة القدم الأوروبية: فشل باريس سان جيرمان، واحد من أغنى الأندية في العالم، في إحراز لقب الدوري الفرنسي لكرة القدم في نتيجة صادمة شهدت تتويج نادي ليل، الذي احتل المركز الرابع العام الماضي، باللقب. وكانت تلك أول خسارة لباريس سان جيرمان للقب منذ 2017 وأول فوز لنادي ليل منذ عشر سنوات. وفي إيطاليا، عانى يوفنتوس، بطل الدوري الإيطالي لكرة القدم العام الماضي، من هزيمة نادرة على أرضه أمام ميلان في مباراة كادت تسفر عن إخفاقه في التأهل إلى دوري أبطال أوروبا للمرة الأولى منذ عقد من الزمان. واحتل الفريق المركز الرابع وتأهل إلى دوري أبطال أوروبا بفارق نقطة واحدة. في إسبانيا، لم يفز أي من ريال مدريد أو برشلونة بالدوري الإسباني هذا العام، إذ فاز أتلتيكو مدريد بأول لقب له منذ سبع سنوات.
لكن في أماكن أخرى.. سارت الأمور كالمعتاد: في ألمانيا فاز بايرن ميونيخ بلقبه التاسع على التوالي في الدوري الألماني لكرة القدم (بوندسليجا)، فيما في المملكة المتحدة، تُوج مانشستر سيتي بلقبه الخامس في تسع سنوات على الرغم من البداية الصعبة للموسم.
سيطرت حالة الجدل حول دوري السوبر الأوروبي على نهاية الموسم: أشارت الفكرة، التي قادها بنك جي بي مورجان تشيس ومالكو ريال مدريد ومانشستر يونايتد وليفربول ويوفنتوس، إلى تشكيل دوري مغلق ومنفصل عن قواعد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم حيث تحظى الأندية الغنية في القارة الأوروبية بفرصة اللعب أمام بعضها البعض سنويا في مسابقة أوروبية مربحة تدر مليارات الدولارات. وجرى إقناع برشلونة وأتلتيكو مدريد وإنتر ميلان وميلان ومانشستر سيتي وتشيلسي وتوتنهام وأرسنال بالانضمام للفكرة، وأُعلن عن الدوري بصورة انفرادية في أبريل.
صعود سريع وانهيار أسرع: أثارت أنباء فكرة إنشاء دوري السوبر الأوروبي موجة غضب لدى مشجعي كرة القدم حول العالم وحالة من التمرد في المملكة المتحدة، منددين بجشع الدوري والتخلي عن التقاليد. وإثر الاحتجاجات المتصاعدة والتشجيب القوي غير المتوقع في وسائل الإعلام الرياضية، انسحب تشيلسي ومان سيتي بعد 48 ساعة فقط من الإعلان عن دوري السوبر، الأمر الذي عجل بحالة تخلي جماعي من المشاركين في الدورين وانهيار الفكرة.
جاء قرار تشكيل الدوري بعد عام صعب لمعظم الأندية التي عانت من خسائر الإيرادات والملاعب الخاوية وخسارة اتفاقيات الرعاية. كان من الصعب تفويت فرصة الحصول على مبلغ أساسي قدره 400 مليون دولار لكل نادي من الأندية المؤسسة، إضافة إلى دخل مضمون من مبيعات حقوق البث الخاصة بالدوري. يأتي ذلك أيضا إلى جانب الشعور المتزايد لدى النخبة المالكة للأندية بأن وضع الفرق القوية في دوري واحد سيدر دخلا قد ينقذ الجميع من الوضع الناجم الجائحة، وفق رئيس نادي ريال مدريد فلورنتينو بيريز. لا يزال ريال مدريد وبرشلونة ويوفنتوس، الذين يعانون من أزمات مالية وكانوا يعتمدون على الدوري لتخفيف أعبائهم المالية، متمسكين بأن فكرة إنشاء دوري السوبر الأوروبي قابلة للتطبيق. أُلغيت جميع الإجراءات ضد الأندية الثلاثة وجرى قبولهم للمشاركة في دوري أبطال أوروبا الموسم المقبل.