كيف يهدد الإفراط في التأمل صحتك؟
احترس من الإفراط في التأمل فهذا يهدد صحتك! من المعروف أن ممارسة التأمل تعزز التركيز واليقظة بطريقة لا تختلف عن القهوة. إلا أنه، ومثل الكافيين الذي تحتويه القهوة، يمكن أن يكون الإفراط في التأمل أمرا سيئا، إذ أنه يمكن أن يؤدي الإفراط في التأمل أو التأمل في ظل ظروف غير مواتية إلى حالات من القلق والذعر والأرق، وفقا لما ذكرته ويلوبي بريتون، الأستاذ المساعد في الطب النفسي والسلوك البشري بجامعة براون. وتعمل بريتون أيضا في مؤسسة Cheetah House، وهي مؤسسة غير ربحية توفر المعلومات والمصادر حول الصعوبات المتعلقة بالتأمل. وفي عام 2020، اتصل أكثر من 20 ألف شخص بالمؤسسة للحصول على المساعدة، حيث أشاروا إلى أن لديهم مشكلات مثل عدم الشعور بأي حب للعائلة.
كيف يحدث هذا؟ على الرغم من عدم القيام بأبحاث كافية للحصول على إجابة نهائية، كشفت دراسة بريتون التي أجريت عام 2019 أن التأمل يمكن في كثير من الأحيان أن يضع المتأملين على شكل حرف U معكوس حيث تتحول التأثيرات الإيجابية في النهاية إلى سلبية عند نقطة انعطاف شخصية. ومن خلال فحوصات الدماغ، عثر على أن التأمل يقود النمو في القشرة الجزيرية، وهي المنطقة التي تشارك في الإدراك الجسدي والعاطفة. ومع ذلك، فإن الكثير من التحفيز في المنطقة الدماغية تلك يمكن أن يؤدي إلى الشعور بالضيق حيث تسيطر الأفكار والمشاعر السلبية. وأوضحت بريتون أن التأمل يسبب ارتفاعا حادا في شدة المشاعر، مما يتسبب في أن تصبح حساسيتك شديدة تجاه أي تغيير طفيف.
ما مدى شيوع ذلك؟ في دراسة أجريت عام 2009 وشملت 1200 من المتأملين المنتظمين، ذكر أكثر من ربع هؤلاء الأشخاص أنهم مروا بتجارب غير سارة مرتبطة بالتأمل. وكان المشاركون الذين كانوا عرضة للتفكير السلبي المتكرر والذين شاركوا في أنواع معينة من التأمل مثل "فيباسانا" أو "تأمل البصيرة" أكثر عرضة لحدوث آثار جانبية كانت تتراوح من نوبات الهلع والاكتئاب إلى الشعور المزعج "بالانفصال". وكشفت دراسة أخرى برتغالية أن 14% من المتأملين تعرضوا لنوبات هلع. وفي الوقت نفسه، كشفت دراسة بريتون أن حوالي 8% من المشاركين كان لديهم شعور "بالانفصال" عن حياتهم، وهو ما عرفته بعدم القدرة على الشعور بالسعادة أو الحزن الشديدين. وشملت الآثار الجانبية الأخرى التي سجلت النوم المتقطع، وذكريات الماضي، وأوجه الضعف الإدراكي، والانسحاب الاجتماعي.
تستبعد دراسات أخرى الضرر المحتمل للتأمل، بما في ذلك دراسة أجراها باحثون في مركز العقول السليمة في جامعة ويسكونسن ماديسون. ووجدت الدراسة أن الأشخاص الذين يشاركون في برامج اليقظة الذهنية الشائعة والمتاحة على نطاق واسع لم يتعرضوا لضرر نفسي بمعدل أعلى من الأشخاص في مجموعات السيطرة. وعلى العكس من ذلك، فإن الأشخاص الذين شاركوا في برنامج الحد من الإجهاد القائم على اليقظة الذهنية والذي استمر لثمانية أسابيع شعروا بمستويات أقل بكثير من الضرر النفسي مقارنة بمجموعة عدم المعالجة، مما دفع الباحثين إلى الاعتقاد بأن الحد من التوتر القائم على اليقظة الذهنية قد يكون وسيلة مفيدة للوقاية من التوتر والقلق.
هل يجب علينا أن نستبعد التأمل كأسلوب لتحسين الصحة العقلية؟ ليس بعد. لقد ساعدت ممارسات اليقظة الذهنية العديد من الأشخاص على الوصول إلى الشعور بالذات والراحة والاسترخاء. وتعد تلك الممارسات بمثابة طريقة للتخلص من الأفكار الوسواسية والتركيز في اللحظة الحالية. وحيث أننا قلنا هذا، هناك عدة طرق لممارسة اليقظة الذهنية، وقد يكون من المفيد استكشاف التقنية والكمية المناسبين لك. ومع ذلك، إذا كنت مثل بريتون ووجدت أن اليقظة الذهنية ضارة نفسيا، فإن ممارسة التمارين البدنية، سواء داخل صالات الجيم أو بمفردك للحصول على راحة البال ستكون بديلا جيدا لك.