"الطاقة من المخلفات" تبحث عن المستثمرين
لماذا لا يجذب تحويل المخلفات إلى طاقة المستثمرين؟ تواصل الحكومة الترويج لمشروعات تحويل المخلفات إلى طاقة باعتباره مكسبا لشركات القطاع الخاص، بعد الإعلان العام الماضي عن خطة لإنتاج 300 ميجاوات من الكهرباء من خلال مشروعات تحويل المخلفات إلى طاقة بحلول عام 2025. ويقول لاعبو القطاع الخاص إن هناك جهودا حقيقية جارية لجذب الاستثمار، لكن المشكلات الهيكلية لا تزال تشكل عقبة رئيسية. من دون المزيد من الحوافز المالية، فإن الاستثمار في مجال تحويل المخلفات إلى طاقة لن يكون مجديا من الناحية المالية، كما يقولون.
تعكف الحكومة على وضع إطار عمل على المستوى الوطني لجعل محطات تحويل المخلفات إلى طاقة أكثر جدوى من الناحية الاقتصادية والتشغيلية، وفق ما قاله طارق بركات مدير تطوير الأعمال لتحويل المخلفات إلى طاقة لدى شركة إنفينيتي. بعد إصدار إرشادات جديدة (بي دي إف) للشركات التي تخطط للاستثمار في مشروعات تحويل المخلفات إلى طاقة وتحديد تعريفة التغذية عند 1.4 جنيه لكل كيلووات ساعة في عام 2019، أقر المشرعون العام الماضي قانون تنظيم إدارة المخلفات الذي ينص على إنشاء هيئة حكومية لإدارة جمع المخلفات والتخلص منها، والتي ستتولى أيضا وضع استراتيجية وطنية لتحسين سبل التخلص من المخلفات وإعادة تدويرها. ومن المتوقع إصدار اللائحة التنفيذية للقانون خلال الأشهر المقبلة.
كيف ستقسم التعريفة؟ ستقسم تعريفة التغذية بين وزارة الكهرباء والمحافظة التي ينفذ فيها مشروعات تحويل المخلفات إلى طاقة، كما أخبرنا محمد نبيل هزاع، الشريك في مكتب الشرقاوى وسرحان للمحاماة والإستشارات القانونية. فلكل جنيه وأربعون قرشا من التعريفة، ستدفع وزارة الكهرباء جنيه وثلاثة قروش وتدفع المحافظة سبعة وثلاثون قرشا.
هناك اهتمام من جانب القطاع الخاص: في العام الماضي، تقدمت 92 شركة من القطاع الخاص بعروضها في مناقصة التأهيل المسبق لتنفيذ مشروعات جديدة لتحويل المخلفات إلى طاقة، ونجحت 53 شركة من بينها في التأهل، وفق ما أظهرته وثيقة لوزارة البيئة اطلعت عليها إنتربرايز.
وهناك مشروع قومي قيد التنفيذ: أدرجت 8 شركات من أصل 53 – بما في ذلك أوراسكوم كونستراكشون والقلعة القابضة – في القائمة المختصرة في أوائل عام 2021 للمرحلة الأولى من المشروع القومي لإنتاج الطاقة الكهربائية من المخلفات، وفقا لما أخبرنا به علي أبو سنة، مستشار وزيرة البيئة لشؤون المشروعات. وأضاف أبو سنة أن المرحلة الأولى تهدف إلى ضخ مليار جنيه من قبل القطاع الخاص لإنشاء محطات لإنتاج الطاقة من المخلفات في سبع محافظات. وتشمل الحوافز تيسير عملية تخصيص الأراضي للشركات وعقود طويلة الأجل لمدة لا تقل عن 5-15 عاما، وفقا لأبو سنة.
ستنفذ هذه المشروعات بنظام الشراكة بين القطاعين العام والخاص، إذ ستتولى المحافظات توفير الأراضي والنفايات، في حين ستقوم شركات القطاع الخاص بتصميم وبناء وتشغيل المحطات، وفق ما قاله متولي النوبي، مؤسس شركة إدارة المخلفات إنفايرو طاقة.
توفير قروض ميسرة للمشروعات لمواجهة تحديات التمويل: أعلنت الحكومة هذا العام أن مشاريع القطاع ستتلقى قروضا ميسرة بفائدة 8%، وفقا لما صرح به رئيس مجلس إدارة شركة إمباور حاتم الجمل لإنتربرايز. ويرى الجمل أن هذه خطوة حسنة النية تهدف لمواجهة تحديات التمويل.
لكن بغض النظر عن النوايا الحسنة، يقول اللاعبون من القطاع الخاص إن الأرقام لا تزال غير مجدية: يُنظر إلى تعريفة التغذية على نطاق واسع على أنها منخفضة للغاية ولا يمكنها تحفيز الاستثمار في القطاع، كما يقول هزاع. "لقد ناقشنا هذه المسألة مع العديد من المستثمرين وهو أمر مثبط. على حد علمنا، لم تنجح التعريفة في جذب أي استثمار في هذا القطاع ".
مشكلة رئيسية واحدة؟ التعريفة منخفضة للغاية: بيع الكهرباء المنتجة بسعر التعريفة البالغ 1.4 جنيه لكل كيلووات ساعة لن يكون مربحا للشركات العاملة في المجال، كما يقول النوبي. فمن الممكن أن تدر معالجة 500 طن من المخلفات يوميا أرباحا تصل إلى 30 مليون جنيه سنويا، لكن تكلفة التشغيل تقترب من 40 مليون جنيه سنويا، وفقا لما ذكره أحد المصادر.
طاقة المخلفات ليست منافسا للطاقة الشمسية أو طاقة الرياح: يشير بركات إلى أن تعريفة طاقة المخلفات أعلى من المرحلة الثانية من برنامج تعريفة التغذية للطاقة الشمسية، لكن محطات طاقة المخلفات تتطلب تكاليف استثمارية وتشغيلية عالية بالمقارنة مع محطات الطاقة الشمسية. ويضيف أن هناك أيضا مخاطر أكبر قد تتعرض لها مصانع المخلفات جراء تقلبات سعر العملة. ويقول النوبي: "كي تكون طاقة المخلفات قادرة على منافسة الطاقة الشمسية، يجب بيعها بنفس السعر. جمع النفايات وفرزها وتحويلها يكلف الكثير من المال، إنها تكنولوجيا مختلفة تماما عن الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح".
من الناحية النظرية، يمكن دعم الربحية عن طريق بيع المواد القابلة لإعادة التدوير – لكن المعروض منها قليل. ويقول الجمل إن المواد القابلة لإعادة التدوير – بما في ذلك البلاستيك والزجاج والورق – تشكل نحو 14% من المخلفات التي يجمعها جامعو القمامة غير الرسميين، ولا يتبقى سوى 1% كحد أقصى في مكبات النفايات. وتقول المصادر إن شركات إدارة المخلفات التي ترغب في بيع هذه العناصر عالية القيمة، لا تنجح في أغلب الأوقات.
قد يؤدي النظام – الذي لا يزال لا مركزيا على نطاق واسع – إلى تعقيد آليات الدفع: يجب على المحافظات التي لديها مشاريع إنتاج الطاقة من المخلفات دفع سبعة وثلاثون قرشا لكل كيلووات ساعة من قيمة تعريفة التغذية للشركات. وفي ظل النظام الجديد، ستقتطع المحافظات هذه القيمة من رسوم النظافة التي يجري تحصيلها مباشرة من المنازل، كما يقول الجمل الذي أعرب عن تخوفه من هذا الأمر. "في البداية، عارضت المحافظات تحمل تلك التكلفة، لكنها ترى الآن أن الحكومة جادة بشأن مشروعات إنتاج الطاقة من المخلفات، وتقول إنهم ملتزمون بالدفع، لكن ما زلنا لا نملك نظاما للتحصيل. المشكلة ليست في وزارة الكهرباء، بل على مستوى المحافظة".
وبالطبع، هناك مشكلة فائض الكهرباء التي أدت إلى ركود سوق الطاقة المتجددة بالكامل، كما يشير هزاع.
ما الذي يمكن فعله؟ اللاعبون البارزون في القطاع الخاص واضحين بشأن ما يريدونه، وهو المزيد من الحوافز المالية. قال جميع من تحدثنا إليهم تقريبا إن النظام لا يمكنه العمل إلا من خلال دفع حوافز مالية مثل رسوم البوابة. يرى النوبي أن إنفايرو طاقة وشركائها السويسريين يرون إمكانات كبيرة في قطاع تحويل المخلفات إلى طاقة في مصر، لكن فقط إذا دفعت الحكومة رسوم بوابة بحد أدنى 150-200 جنيه للطن بجانب تعريفة التغذية البالغة 1.4 جنيه لكل كيلووات ساعة. "بهذه الطريقة، يمكننا أن نرى عائدا على الاستثمار بعد 8-10 سنوات، والذي سيكون مستحيلا مع تعريفة التغذية وحدها".
ستسمح المشروعات التجريبية في مجال إنتاج الطاقة من المخلفات للشركات بحساب تكاليف الاستثمار والعائد المحتمل بشكل أكثر واقعية، كما يقول النوبي. في الوقت الحالي، هناك الكثير من المتغيرات غير المعروفة -مثل كمية المواد القابلة لإعادة التدوير في المحافظات المختلفة- بالنسبة للشركات العاملة في المجال لإجراء حسابات دقيقة.
وإجمالا: من الصعب رؤية مشروعات إنتاج الطاقة من المخلفات تتقدم دون أن تصبح أكثر ربحية للمستثمرين. يقول الجمل إن النظام في صيغته الحالية غير مجد من الناحية المالية. "تعريفة التغذية منخفضة للغاية، وهناك مشكلات هيكلية تتعلق بتحصيل المدفوعات اللامركزية، ولا توجد رسوم بوابة". وفي حين أن الحكومة قد تكون منفتحة على تقديم حوافز مالية مثل الإعفاءات الضريبية، إلى جانب التمويل الميسر، فقد كان من الواضح أن رسوم البوابة غير مطروحة على الطاولة، بحسب بركات.
فيما يلي أهم الأخبار المرتبطة بالحفاظ على المناخ لهذا الأسبوع:
- من المتوقع الانتهاء من محطة الضبعة النووية بعد عامين من الموعد المقرر سابقا، بسبب الاضطرابات الناجمة عن جائحة "كوفيد-19".
- بيئة الإماراتية تتطلع للفوز بمزيد من العقود في منظومة إدارة المخلفات بالمدن الجديدة.
- مصر تطلق خطة وطنية للتكيف: ستنفذ الخطة -التي يدعمها صندوق المناخ الأخضر- على مدار أربعة أعوام باستثمارات قدرها 3 ملايين دولار، وتهدف إلى الحد من مخاطر تغير المناخ.
- كيف يمكن أن تحقق المدن صافي الانبعاثات الصفري؟ يجب أن تتكيف المدن مع خطة تنمية فعالة للمناطق الحضرية من أجل تحقيق أهداف صافي الانبعاثات الصفري بحلول عام 2050.