لماذا يعد صافي الانبعاثات الصفري مهما للمدن؟
ماذا يعني صافي الانبعاثات الصفري للمدن؟ تلتزم دول العالم بتحقيق أهداف صافي الانبعاثات الصفري، بل إن بعض هذه الدول حولته إلى اتفاقيات ملزمة قانونا بالفعل. وتهدف الخطة إلى التخلص التدريجي من انبعاثات الكربون والقضاء عليها نهائيا بحلول عام 2050. لكن ماذا يعني ذلك بالنسبة للمدن التي اشتهرت لفترة طويلة بضبابها الدخاني السام خلال القرن الحادي والعشرين؟ وكيف يمكن لمدينة تعتمد على الوقود الأحفوري وتعاني من الاختناق المروري والمركبات التي ينبعث منها الكربون أن تصل يوما لصفر انبعاثات؟ وكيف يمكن ترجمة ذلك إلى خطة تنمية فعالة للمناطق الحضرية تمهد الطريق لـ "المدن المستقبلية"؟
المدن والصافي الصفري: تغطي المدن 3% من سطح الأرض، ومع ذلك تخلق أكثر من 70% من انبعاثات الكربون. وللحفاظ على ارتفاع درجات الحرارة العالمية عند حد يبلغ 1.5 درجة مئوية أو أقل، فإن المدن ينبغي أن تحقق صافي الانبعاثات الصفري، وفق تقرير منظمة منتدى الاقتصاد العالمي.
ما هو صافي الانبعاثات الصفري؟ وأين تكمن أهميته؟ يتحقق صافي الانبعاثات الصفري عندما يحدث توازن بين انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بصورة متكافئة مع سبل التخلص من الكربون مثل زراعة الأشجار. ويمكننا تحقيق صفرية الانبعاثات بينما لا نزال ننتج بعض الانبعاثات، طالما يجري تعويضها من خلال مشروعات صديقة للبيئة تساعد في تحقيق الحياد المناخي. بحلول عام 2050، سيرتفع عدد سكان القاهرة إلى 68 مليون نسمة، رغم أن الهدف ألا يتجاوز عدد سكان العاصمة 30 مليونا بحلول ذلك الوقت، وفق استراتيجية القاهرة 2050- المخطط الاستراتيجي للقاهرة الكبرى (بي دي إف). وأشارت دراسة بريطانية سابقة إلى أن القاهرة أكثر المدن تلوثا في العالم. ولا تكشف البيانات الحالية عما إذا كان الوضع تحسن أم لا، رغم أن تلوث الهواء يكلف مصر المليارات سنويا.
تعهدات مصر للوصول إلى صافي الانبعاثات الصفري: صدقت مصر على اتفاقية باريس المناخ عام 2017، والتزمت مع ما يقرب من 200 دولة بالحد من ظاهرة الاحتباس الحراري عند 1.5 درجة مئوية، والعمل على تحقيق الحياد المناخي في العالم بحلول عام 2050.
كيف يمكننا تحقيق ذلك؟ يجب أن تتبنى المدن المأهولة بالسكان نهجا متكاملا يعرف باسم كفاءة النظم، من خلال منح الأولوية للنقل العام والبنية التحتية للطاقة وإدارة المخلفات في جداول أعمال عام 2050. وللاقتراب من مستقبل صافي الانبعاثات الصفري، ينبغي أن تمنح الحكومات أولوية لما يلي:
اعتماد المركبات الكهربائية: تعد المركبات التي تستخدم الوقود الأحفوري مساهما كبيرا في انبعاثات الكربون، والتي ينبغي تقليلها إلى صفر بقدر الإمكان. وكثفت مصر من جهودها في هذا الشأن من خلال تقديم حوافز جمركية لمستوردي مكونات السيارات الكهربائية، وتخطط أيضا لتجميع السيارات الكهربائية محليا. وتعمل الحكومة كذلك على إنشاء نقاط شحن للسيارات الكهربائية في جميع أنحاء البلاد لدعم التحول للسيارات الكهربائية، وتستهدف اختبارها على الطريق خلال شهر يونيو الجاري.
التحول إلى وقود أقل تلويثا للبيئة: تقود الحكومة أيضا مشروعا قوميا لإحلال السيارات التي تعمل بالبنزين بأخرى تعمل بالوقود المزدوج (غاز وبنزين). وتشير تقارير إلى أن المركبات التي تعمل بالغاز الطبيعي تنتج 30-60% أقل من انبعاثات أكسيد النيتروجين، و97% أقل من انبعاثات أول أكسيد الكربون. وتوسعت مبادرة إحلال المركبات لتشمل التوك توك أيضا، للاستغناء تماما عن المركبات الملوثة للبيئة.
النقل العام: يجب أن يكون النقل العام هو الخيار البديهي الأول للتنقل داخل البلاد. وتحرز مصر تقدما في هذا الصدد، بما في ذلك تجميع أتوبيسات كهربائية محليا، ووضع حجر الأساس لخطي مونوريل العاصمة الإدارية والسادس من أكتوبر اللذين طال انتظارهما.
أو يمكننا تجنب استخدام المركبات تماما: لا تزال المركبات الكهربائية تشغل مساحة في الطرق ولا تسهم في تخفيف الازدحام المروري، وأي دولة ترغب في أخذ هدف صافي الانبعاثات الصفري على محمل الجد تحتاج إلى استراتيجية لتقليل استخدام السيارات بصورة عامة. إنشاء خطوط للدراجات وتشجيع استخدامها ينبغي أن يكون على قائمة أولويات جميع الدول.
تعزيز المباني الموفرة للطاقة: ينبغي إزالة الكربون من المباني من خلال التصميم الحضري. يمكن أن تساعد الألواح الشمسية على الأسطح في الحد من انبعاثات الكربون، وقد توفر للأسر ما يصل إلى 230 ألف جنيه إجمالا. الأسطح الخضراء وسيلة عظيمة أيضا للتخفيف من ارتفاع درجات الحرارة في المدن، والإسهام في امتصاص ثاني أكسيد الكربون.
التحول لمصادر الطاقة المتجددة مسألة أساسية: يجب أن يلعب الوقود الأحفوري دورا صغيرا في عام 2025، وتتوقع الوكالة الدولية للطاقة أن يسهم الفحم بنسبة 4% من إمدادات الطاقة العالمية. وينبغي أن تأتي 70-85% من طاقة العالم من مصادر الطاقة المتجددة في عام 2050. وتشير الوكالة الدولية للطاقة إلى زيادة الطاقة الشمسية بمقدار 20 مرة، وطاقة الرياح بمقدار 11 مرة. الأخبار السارة هي أن الكثير من التكنولوجيا الضرورية لتحقيق هذا الهدف متاحة على نطاق واسع، وتزداد تنافسية من حيث التكلفة. تقدم الطاقة الشمسية وطاقة الرياح الآن أرخص طاقة متاحة لـ 67% من العالم، وفق معهد الموارد العالمية.