لماذا تعلق الأغاني في آذاننا؟
هل شعرت يوما بصعوبة في التخلص من أغنية أو مقطع موسيقي عالق ذهنك؟ تُعرف ظاهرة تردد الموسيقى في الذهن باسم "دودة الأذن الموسيقية"، وتصيب 99% من البشر، فيما يختبر 90% منا دودة الأذن الموسيقية مرة واحدة في الأسبوع على الأقل.
لماذا تعلق أغنية ما في ذهني؟ ترتبط الموسيقى ارتباطا مباشرا بذكرياتنا الواعية، ما يمنح تجاربنا الشخصية القدرة على إثارة أغاني بعينها في أذهاننا. يربط ذهنك أماكن أو عادات معينة بالأغاني، ويعيد ترديد هذه الأغاني كلما استعدت هذه التجارب أو الذكريات. الأغاني التي تعلق وتتردد في ذهنك عادة ما تكون إيقاعا مبهجا ولحنا ممتعا وخفيفا، لكن يتخللها فترات فاصلة غير اعتيادية ليسهل تذكرها، وفق دراسة أجرتها كيلي جاكوبوفسكي، الباحثة الموسيقية بجامعة دورهام.
التكرار: يعتمد تردد الموسيقى في أذهاننا على العلم وراء التكرار الموسيقي. يمكن أن تحتوي الأنماط الخفية في الأغاني التي تبدو بسيطة أو حتى الأغاني الرتيبة على إيقاعات معقدة للغاية، وهي المسؤولة عن كيفية عمل ما يعرف بـ "syncopation" أو الترخيم، وهو مصطلح موسيقى عن تداخل النغمات وتغيير الإيقاع ويعني العلاقة بين النغمات المختلفة التي تتداخل معا لتكوين مقطوعة موسيقية واحدة.
إيقاع مشترك: تبحث سلسلة حلقات Earworm، رحلة موسيقية أعدها موقع فوكس، وراء حكايات الأغاني التي تشترك في الإيقاع أو ما يمكن تسميته بـ "الحمض النووي الموسيقي نفسه". وتشير السلسلة إلى أن الترخيم لبعض الأغاني مدفون بعمق لدرجة أنه على السطح ربما تبدو الأغاني مختلفة تماما عن حقيقتها، لكن لا زالت تحتفظ بالأنماط نفسها التي تخلق نغمة معروفة لا شعوريا. وتعتمد جميع أنواع الموسيقى والأغاني على أنماط معينة، موسيقى "البلوز" على سبيل المثال تعتمد على نمط I-IV-V. الأغاني الأخرى التي تعلق في الذهن وينتج عنها دودة الأذن الموسيقية مبنية على التكرار الغنائي، وهو سمة أساسية في الموسيقى الشعبية حول العالم.
الاستحواذ الكامل: عندما يكرر الموسيقيون الكلمة نفسها عشرين مرة، يتحول التركيز من معاني هذه الكلمات إلى إيقاعها وطابعها الموسيقي. يستحوذ التكرار على أذهاننا بطريقة لا يمكننا في أغلب الأحيان التحكم بها، وربما يجعلنا ذلك نشعر أن الموسيقى هي التي تتحكم بنا، وفق سلسلة حلقات فوكس.
النسيج الموسيقي لمشاعرنا: يشير الوثائقي الموسيقي لشبكة نتفليكس Explained إلى أن التكرار هو جوهر الموسيقى، وهو ما يميز الأصوات الموجودة في الطبيعة عن الأصوات الموسيقية. وتساعدنا الأنماط في الموسيقى على تكوين روابط عميقة مع مشاعرنا. وذكرت السلسلة الوثائقية أن الموسيقي الإيطالي كلاوديو مونتيفيردي الذي كان يعيش في القرن السادس عشر كان أول من ألف خط أساسي بسيط صعودي صغير النطاق في ألحانه. وخلال مائة عام من ذلك الوقت، استخدم الموسيقيون الخط الأساسي نفسه للتعبير عن حالة الرثاء، ومع كل تكرار يتعمق المعنى. نستمع إلى هذه الألحان في كثير من الأحيان، إذ يصبح تأثيرها لحظيا ولا شعوري.
يمكن استخدام "جاذبية" بعض الألحان كأداة تعليمية فاعلة: لطالما استخدمت الموسيقى في تعليم الأطفال لمساعدتهم على الاحتفاظ بالمعلومات، مثل الأغاني التي يجري تشغيلها في رياض الأطفال.
يشير وثائقي Everything is a remix إلى أسباب القبول الذي حظى به إعادة استخدام جزء أو "مقطع" موسيقي ما من تسجيل صوتي في تسجيل آخر. وأعيد استخدام الخطوط الأساسية للموسيقى عدة مرات لدرجة أن نجاح مشاهير الوسط الموسيقي مثل فرقة الروك الإنجليزية لد زبلين ربما اعتمد على سرقات فنية.
هل تريد دليلا مرئيا على امتلاء الأغاني بالأنماط المكررة؟ Song Sim هي أداة تصوّر الأغاني وتكشف كيف يمكن أن ترتكز أغنية على التكرار الغنائي. وتبين أننا نحب فعلا التكرار الموسيقي.
أساطير بشأن السيطرة على دودة الأذن الموسيقية: هناك من قد ينصحك بترديد الأغنية الشهيرة "عيد ميلاد سعيد" للتخلص من دودة الأذن الموسيقية، لكن هذا ليس صحيحا تماما لأن ما ستفعله هو استبدال نغم بنغم آخر في ذهنك. لكن هناك طريقة أخرى تقترحها جاكوبوفسكي وهي الاستماع إلى الأغنية كاملة. ومن بين الطرق الغريبة الأخرى التي أشارت إليها ورقة بحثية من جامعة ريدينج هي مضع العلكة، باعتبارها وسيلة فعالة في التخلص من دودة الأذن الموسيقية.
هل تريد أن تجرب بنفسك؟ امضغ علكة الآن واستمع إلى قائمة الموسيقى التالية على سبوتيفاي.