كيف يعمل اختبار كابتشا للتمييز بين الإنسان والروبوت؟
كابتشا أو حروف التحقق: التمييز بينك وبين الروبوت. عندما تحاول شراء شيء عبر الإنترنت أو تسجيل الدخول إلى حسابك، تبدأ في تسجيل بيانات الاعتماد الخاصة بك، لكن قبل المتابعة، تحتاج أولا أن تثبت أنك إنسان. لذا ستجد نفسك مطالبا بالنقر على خانة "أنا لست روبوت" للتأكيد أنك ببساطة، مجرد إنسان. بالنسبة للكثير من المستخدمين، باتت هذه العملية مزعجة ومضيعة للوقت. لكن بالنسبة للشركات التي تستخدمها، أصبحت تقنية الأمن السيبراني إجراء أمنيا حيويا يحمي المواقع والمستخدمين من الرسائل العشوائية المزعجة، وفق هذا المقطع من موقع فوكس (شاهد 8:03 دقيقة).
ما أسباب إنشاء اختبار للتمييز بين الكمبيوتر والإنسان؟ جرى إنشاء الاختبار بسبب وجود أشخاص يريدون التلاعب بالنظام واستغلال نقاط الضعف في أجهزة الكمبيوتر التي تشغل الموقع. في عام 2000، جرى تطوير أول اختبار كابتشا (اختبار تورينج العام المؤتمت بالكامل للتمييز بين الكمبيوتر والإنسان) لشركة ياهو لمنع البرامج الآلية (الروبوتات) من إنشاء حسابات بريد إلكتروني تلقائيا والتي ستستخدم فيما بعد في إرسال الرسائل المزعجة العشوائية. وربما تحاول بعض الروبوتات تصفح المواقع لسرقة عناوين البريد الإلكتروني أو كلمات المرور. وقد تحاول بعض الروبوتات الأخرى إجراء عملية تسجيل دخول مزيفة أو تسجيل الدخول للحسابات بغرض الاحتيال. وهذا مجرد غيض من فيض، وليس هناك حد لما يمكن أن تفعله الروبوتات لإحداث فوضى على المواقع.
والهدف من كابتشا هو إنشاء اختبار يمكن للإنسان اجتيازه بسهولة، بينما لا يستطيع الكمبيوتر ذلك. يتخلص كابتشا من الروبوتات من خلال تقديم ألغاز يمكن للإنسان حلها فقط، وبالتالي الحد من محاولات الروبوتات.
وفي ظل تطور التهديدات التي تشكلها الروبوتات، تهدف آليات اختبار كابتشا إلى إيقافها. في الأيام الأولى، كان يُطلب من المستخدمين قراءة نص محرف قليلا وكتابة الأحرف الصحيحة لاجتياز الاختبار، وعلى الرغم من نجاحه في البداية، إلا أن التقدم السريع في عالم الحوسبة جعل الروبوتات أكثر قدرة على التعامل مع النص مثل الإنسان.
ري كابتشا: مثل اندماج كابتشا مع جوجل في 2009 وتقديم "ري كابتشا" المرحلة الثانية من الحرب ضد الروبوتات. اختبار ري كابتشا له الأهداف نفسها لكن مع بعض التطورات، إذ كان يُطلب من المستخدمين إجراء مسح رقمي للكتب. ولأن نظام الحوسبة ليس قادرا دائما على التعرف على الكلمات من خلال المسح الرقمي، سيكون الإنسان وحده قادرا على اجتياز الاختبار الأمني، وفي الوقت نفسه سيساعد في رقمنة الكتب لأرشفتها على الإنترنت. تقول شركة جوجل على موقعها إن الناس يحلون مئات الملايين من اختبارات كابتشا يوميا. ويستفيد ري كابتشا من هذا المجهود البشري في رقمنة النصوص وإضافة تعليقات وإنشاء قواعد بيانات تعلم الآلة. ويساعد ذلك في حفظ الكتب وتحسين الخرائط وحل مشكلات الذكاء الاصطناعي الصعبة، وفق جوجل. لكن بعد فترة وجيزة، تحسنت قدرات الروبوتات في اجتياز ري كابتشا، وفي عام 2014، وجدت شركة جوجل أن الروبوتات يمكنها حل الاختبارات بدقة تزيد عن 99%.
وفي عام 2014، بدأت جوجل تتخلص تدريجيا من الخدمة القديمة. وبدأ الاختبار يطلب من المستخدمين اختيار خانة "أنا لست روبوت"، والذي أطلق عليه "نو كابتشا ري كابتشا". وفي عام 2017، أعلنت جوجل عن تخلصها من "نو كابتشا". وبدلا من ذلك، ستعتمد الخدمة على تقنيات مثل ملاحظة حركة المؤشر على الشاشة أو تحليل عادات التصفح لتحديد إذا ما كنت إنسانا أو روبوت. ويطلق على ذلك اختبار "ري كابتشا غير المرئي". وإذا كانت جوجل غير واثقة بعد إذ كنت إنسانا أم روبوت بعد النقر على "أنا لست روبوت"، سيظهر لك اختبار ري كابتشا المرئي، والذي يستخدم (كلمات أو صور أو لافتات شارع) كإجراء أمني إضافي.
المرحلة التالية: كابتشا أداة ممتازة لتدريب الذكاء الاصطناعي، لكن أي اختبار سيجري وضعه سيكون مؤقتا، ولأن الذكاء الاصطناعي يتعلم ويتطور، على كابتشا أن يتطور أيضا. وفي الآونة الأخيرة، تكثفت الجهود لتطوير لعبة تشبه كابتشا، والتي تتضمن اختبار يطلب من المستخدمين تحريك قطع نحو زوايا معينة أو نقل قطع الأحجية (البازل) لمكانها. ويتضمن الاختبار إرشادات، لكن ليست نصية إنما تكون في صورة رموز أو موجودة ضمنيا في سياق اللعبة. ويأمل مطورو اللعبة أن يستطيع الإنسان فهم منطق اللعبة لكن أجهزة الكمبيوتر، التي ليس لديها إرشادات، ستكون في حيرة من أمرها. وحاول باحثون آخرون استغلال حقيقة أن البشر لديهم أجساد، إذ استخدموا الكاميرات أو الواقع المعزز لإثبات أن المستخدمين بشر وليسوا روبوتات. مع ذلك، ومع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي، أصبحت مناهج الاستجابة للتحديات البصرية المستقلة أقل قابلية للتطبيق.