هل جيل الألفية هو حقا أسوأ الأجيال حظا؟
يسود الاعتقاد بأن حياة المنتمين لجيل الألفية أو الجيل واي أسوأ من حياة الأجيال السابقة لهم، لكن ذلك قد لا يكون حقيقيا. على الأقل، هذا ما تقوله أليسون شراجر في مقال رأي نشرته بلومبرج. فبدلا من النظر إلى الفرضية من منظور كمي بحت، يجب أن تنظر أيضا في كيفية تطابق الأوضاع مع العالم الذي تغير كثيرا، كما تقول. وفي حين أن جيل الألفية، وهم المولودون بين عامي 1981 و1996، هم إحصائيا أقل امتلاكا لمنازلهم مقارنة بجيل آبائهم، فقد يكونون قد استثمروا وقتهم وأموالهم بشكل مختلف. ومع الأخذ في الاعتبار تعريف أكثر اتساعا للثروة، ربما لا يكون جيل الألفية هم المستضعفين الذين تصر ثقافة الميمز على أنهم كذلك.
وأول ما يجب النظر إليه هو التعليم. ففي حين أن ديون جيل الألفية ضعف ديون والديهم عندما كانا في نفس العمر، فإن معظم تلك الديون جاءت بسبب التعليم، مما يشير إلى أنهم استثمروا المزيد في التعليم من أجل مستقبلهم، وبالتالي في وظائف ذات رواتب أعلى. وبينما تقل احتمالية امتلاك جيل الألفية لمنزلهم، فإن ذلك أيضا يعود لأن هؤلاء الشباب، المتعلمين جيدا، يميلون إلى العيش في مناطق حضرية كبيرة، حيث توجد الوظائف ذات الأجور الأعلى. وتقول شراجر “إذا كنت تعيش في مكان لا يمكنك شراء منزل فيه، فقد يكون ذلك لأنك تعيش في مكان ما يضع حياتك المهنية على مسار سريع”.
وهل يعني ذلك أن جيل الألفية يتمتع بقدر أكبر من الاستقرار؟ حجة أخرى تطرحها شراجر هي أن جيل الألفية يميلون إلى تغيير وظائفهم بشكل أقل من الأجيال السابقة، وذلك على الرغم من استطلاع سابق لمعهد جالوب أشار إلى أن مواليد جيل الألفية هم أكثر تغييرا لوظائفهم. وتوضح شراجر أن الدخل المستقر والمتوقع أكبر قيمة من الأجور غير المضمونة، حتى إن كانت أعلى، والتي اعتاد أجدادنا الحصول عليها من خلال التنقل بين وظيفة وأخرى. كما يفسر ذلك سبب تباطؤ جيل الألفية في الحصول على الترقيات والعلاوات، لأن هذه الزيادات تأتي جزئيا من خلال تغيير الوظائف. إضافة إلى هذا الاستقرار هناك وفرة في خطط التقاعد عن العمل، والتي كان من الصعب الحصول عليها من قبل جيل “طفرة المواليد”، المولودين بين عامي 1944 و1964، في مكان العمل.
ومع التقدير للإيجابيات فالوضع لا يبعث كثيرا على التفاؤل لجيل الألفية: تقول الإحصائيات إن جيل الألفية يستحوذ على 4.6% فقط من الثروة في الولايات المتحدة، على الرغم من أنهم يشكلون الجزء الأكبر من القوة العاملة. وفي الوقت نفسه، يهيمن جيل “طفرة المواليد” على 53% من ثروة البلاد، ويمتلك الجيل إكس، المولود بين عامي 1965 و1979، 25%، بينما يمتلك الجيل الصامت، المولود قبل 1945، 17%، وفقا لشبكة سي إن بي سي. وقد يقول رأي إن الأرقام منطقية، نظرا لأن الأجيال الأكبر سنا كان لديها المزيد من الوقت لملء حساباتهم المصرفية. ولكن في عام 1989، عندما كان جيل “طفرة المواليد” في نفس عمر جيل الألفية اليوم، كانوا يمتلكون 21% من ثروة الولايات المتحدة، أي ما يقرب من 5 أضعاف ما يمتلكه جيل الألفية حاليا.
وتشير الإحصاءات التي أجريت في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى مشكلة مماثلة: في حين لا توجد إحصائيات مماثلة لتحديد فجوة الثروة في مصر، يقدم مسح إقليمي أجرته إبسوس لمحة عن مخاوف جيل الألفية. وقال الاستطلاع، الذي أطلق عليهم اسم “الجيل القلق”، إن 61% من جيل الألفية يشعرون أنه كان من الأسهل على الأجيال الأكبر سنا جني الأموال. وفي الوقت نفسه، يشعر 41% بأنهم مثقلون بالأعباء المالية و14% بالديون. وعند سؤالهم عن مدى تفاؤلهم بالمستقبل، جاء جيل الألفية المصري في المرتبة الأخيرة بنسبة 37% مقارنة بـ 73% في السعودية قالوا إنهم متحمسون للمستقبل. ويعزى التشاؤم إلى مخاوف سياسية واجتماعية واقتصادية في البلاد.
ولا نرغب في أن نكون كئيبين، ولكن تلعب زيادة متوسط العمر في جميع أنحاء العالم يمكن أيضا عاملا في فقر جيل الألفية. فيمكن لوراثة الأصول أن تكون طريقة سهلة وسريعة لإعادة توزيع الثروة بين الأجيال، ومع التقدم في الرعاية الصحية وقلة الحروب، لم يرث العديد من جيل الألفية الثروة من آبائهم أو أجدادهم حتى الآن. ويوضح موقع فيجوال كابيتاليست فجوة الثروة بين الأجيال في الولايات المتحدة مشيرا إلى أنه من المتوقع أن يرث جيل الألفية 68 تريليون دولار من الآباء والأمهات بحلول عام 2030.
وجاء “كوفيد -19” ليقسم جيل الألفية بين أغنياء وفقراء: بعد الأزمة المالية لعام 2008 والاضطرابات السياسية على مدى العقد الماضي، كانت الجائحة هي الأحدث في سلسلة من النكسات التي أصابت جهود تحقيق الثروة لجيل الألفية . وتنعكس الفجوة الاجتماعية والاقتصادية بين الأجيال في الانتعاش الذي تشهده الولايات المتحدة على شكل حرف K، حيث يتعافى الأثرياء ويظل أصحاب الدخل المنخفض منخفضا، وفقا لموقع بيزنس إنسايدر. وصنف باحث الأجيال جيسون دورسي الجيل إلى فريقين، يشعر الأول بالتأخر ماليا ومهنيا، والثاني ممن يتمتعون بالملاءة المالية. وأدت الجائحة إلى تفاقم عدم المساواة في الدخل، إذ يحارب الكثيرون البطالة وزيادة تكاليف رعاية الأطفال في اقتصاد لا يدعمهم باستمرار.
ولكن قد يتعلم الجيل “زد” من أخطاء أسلافهم: يقدر بنك أوف أمريكا أن الجيل “زد”، وهم المولودون بين عامي 1996 و2016، سيحصل على دخل أعلى من جيل الألفية بحلول عام 2031 وسيكون “الجيل الأكثر اضطرابا على الإطلاق” للاقتصادات والأسواق والأنظمة الاجتماعية، وفقا لشبكة سي إن بي سي. ويعتبر الجيل “زد” أكثر قدرة على استخدام التكنولوجيا من جيل الألفية ويفهم فائدة الانخراط في مسارات وظيفية أثبتت قدرتها على الصمود في أوقات الأزمات. ومن المحتمل أيضا أن يستفيدوا سريعا من “تحويل الثروة الكبير” من المجموعات الأكبر سنا. ومع دخولهم سوق العمل، من المتوقع أن يزداد دخل الجيل “زد” خمسة أضعاف بحلول عام 2030 إلى 33 تريليون دولار، وهو ما يمثل أكثر من ربع الدخل العالمي.