كيف يساعد الذكاء الاصطناعي المسوقين على فهم نفسية المستهلك بشكل أكبر؟
باحثو السوق يعرفونك أكثر مما تعرف نفسك: تغيرت أبحاث السوق بشكل كبير منذ العصور التي كان المسوقون فيها يطرقون الأبواب مطالبين ببضع دقائق من وقتك. اليوم، يمكن لأبحاث السوق الاستفادة من كل ضغطة نقوم بها على الإنترنت، بداية مما نبحث عنه وما نشتريه ومدة بقائنا في كل موقع. ومع عدم وجود عقل بشري قادر على التعامل مع كل هذه البيانات، تدخلت التكنولوجيا، وقدمت الذكاء الاصطناعي ومعالجة البيانات لتفسير السلوك البشري، بشكل أفضل من البشر أنفسهم.
لا يعرف الناس دائما سبب انجذابهم للأشياء لكن الذكاء الاصطناعي يعرف: تتابع شركات، مثل كولورتكست، أنماط مستخدمي الإنترنت لتحديد كيف ينظر إلى الأشياء أو الأشخاص، بحسب بي بي سي، وتساعدهم في تغيير المعايير التقليدية التي تستخدمها أبحاث السوق لمعرفة ميولنا. على سبيل المثال، من خلال تحليل قراء المواقع الإخبارية الرئيسية في بريطانيا، وجد أن بوريس جونسون كان ينظر إليه، لسوء حظه، على أنه من المشاهير أكثر من كونه سياسيا.
حتى وجهك قد يكون مصدرا محتملا للبيانات: أضاف ظهور البرامج التي تحلل تعابير الوجه المزيد إلى أدوات الباحثين في السوق، مما يتيح اكتشاف المشاعر الباطنة جنبا إلى جنب مع الإجابات المنطوقة. فمثلا إذا قال شخص ما إنه لا يحب الأفلام الرومانسية لأنه يراها محرجة، فإن الذكاء الاصطناعي سيكون قادرا على اكتشاف صحة بيانه استنادا إلى إشارات الوجه. ويمكن أن يأخذ البرنامج في الاعتبار عمر وجنس وعرق الشخص الذي يقوم بتحليله لتقديم دراسة دقيقة لما يشعر به.
وكيف يعمل ذلك؟ عندما غيرت سلسلة مطاعم ديل تاكو للوجبات السريعة في الولايات المتحدة ديكورها وقائمة طعامها وأرادت التعرف على رأي العميل، استعانت ببرنامج تكنولوجيا التحليلات الأمريكي، ميداليا. وقدم فريق ميداليا تطبيقا لاستطلاع الرأي وطلب من رواد المطعم الإجابة عن الأسئلة عبر الفيديو على هواتفهم الذكية. و جرى جمع كافة البيانات سحابيا من مقاطع الفيديو لتحليلها واستخدامها لكشف المشاعر الكامنة حول الطعام الذي كانوا يأكلونه من خلال النظر إلى لغتهم ونبرة صوتهم وتعبيرات وجههم أثناء الحديث. وتعطي هذا التكنولوجيا "وجهة نظر أكثر ثراء من الاستطلاع التقليدي"، بحسب الخبير في أبحاث السوق كارل وونج.
عادة لا يجيب الناس على أسئلة الاستطلاعات بدقة شديدة: "التحدث إلى الكاميرا هو أداة فعالة للغاية، ولكن ما يقوله الناس غالبا ما يكون بعيدا عن الشعور الذي يشعرون به، فهناك الكثير من العوامل اللاواعية التي تلعب دورا"، بحسب جون بوليستون، الذي يحلل المحتوى على الإنترنت لعملاق أبحاث المستهلك كانتار، في تصريح لبي بي سي. ويمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي الباحثين في تجاوز الإحراج أو الإحجام أو التحيزات اللاواعية التي قد تؤثر على كيفية استجابة المشاركين لأسئلة الاستطلاع، من خلال الكشف عن المزيد حول ما يفكرون به من تعابير وجههم.
وتعد استطلاعات الفيديو مجرد غيض من فيض: تحليلات وسائل التواصل الاجتماعي وتحليل المشاعر ومراقبة مستوي مشاركة المستهلك ورسم الخرائط الحرارية والاستطلاعات السريعة، ليست سوى بعض الأدوات التي يستخدمها الباحثون الآن. ومع توفر كل هذه الخيارات، تفضل الشركات تحليلات فائقة الدقة للإجابة على أسئلة العمل المحفوفة بالمخاطر في أسرع وقت ممكن، وفقا لمقال رأي على موقع ماركيتينج إنتراكتف. ومع تسبب جائحة "كوفيد -"19 في حدوث تغييرات سريعة في عادات المستهلكين، يحتاج المسوقون الآن إلى أساليب بحث أكثر مرونة لمواكبة التغيرات المفاجئة في بيئات العمل.
ولكن لا يزال تدخل العقل البشري غير بعيد حتى الآن: وتؤكد كوالتركس الحاجة إلى المرونة، لكنها تشدد على أن النهج المختلط لتحليل المعلومات الذي يستخدم الذكاء والإبداع البشري هو الطريقة الأكثر فاعلية للخروج بالأفكار وتوصيلها بطريقة مقنعة.