أول دواء لعلاج ألزهايمر يثير جدلا
عندما وافقت إدارة الدواء والغذاء الأمريكية على أول دواء جديد لمرض ألزهايمر للمرة الأولى منذ 20 عاما في وقت مبكر من الشهر الجاري، توقع الكثير من الناس أن نحتفي بهذا الانتصار الصغير على ذاك المرض المدمر. لكن بدلا من هذا، تبعت الموافقة سلسلة من الاستقالات من الإدارة التي راجعت وقيمت مدى سلامة الدواء وفعاليته. واحتج هؤلاء الأعضاء على الموافقة، قائلين إن دواء "أدوكانوماب" الجديد والمعروف باسم "أدوهيلم" غير آمن، ولم يُظهر أي فعالية حقيقية ضد الخرف الذي يسببه المرض.
ما هو الدواء الجديد؟ يعتقد الباحثون أن أدوكانوماب يهاجم لويحات بروتين الأميلويد التي تضعف الوظائف الإدراكية للدماغ. ويبدو أن الجرعات العالية من الدواء أثبتت فعالية في إبطاء التدهور المعرفي للمرضى في المراحل المبكرة من المرض، رغم الحاجة إلى إجراء المزيد من الدراسات.
هل حققت تجارب الدواء نتائج واعدة؟ بالطبع لا. فخلال التجارب السريرية، عانى 42% من المرضى من تورم في الدماغ أو نزيف بعد تلقيهم الجرعة الأولى. وأثارت التكلفة الباهظة للدواء التي تبلغ 56 ألف دولار سنويا موجة من الغضب أيضا.
رأي الخبراء: أوصت اللجنة الاستشارية لأدوية الجهاز العصبي المحيطي والمركزي التابعة لإدارة الدواء والغذاء الأمريكية بعدم الموافقة على الدواء، إذ لم تجد دليلا كافيا على فعالية الدواء في إيقاف التدهور المعرفي لمرضى ألزهايمر، وفق مجلة النيويوركر. وصوت 10 من أعضاء اللجنة بعدم الموافقة، فيما قال عضو إنه غير واثق، وامتنع آخر عن التصويت. فلماذا وافقت الإدارة على الدواء رغم عدم تصويت أي من الأعضاء لصالحه؟
يصنف ألزهايمر على أنه السبب الرئيسي السادس للوفاة في الولايات المتحدة الأمريكية، وهو السبب الرئيسي للخرف الذي يؤثر على ما يقدر بـ 50 مليون شخص حول العالم، وفق تقديرات منظمة الصحة العالمية. شغل البحث عن الدواء الباحثين الطبيين على مدار عقود، إذ جرى تجربة أول علاج للمرض في عام 1987، ومنذ ذلك الحين استهلكت الأبحاث العالمية التي تهدف للعثور على الدواء مليارات الدولارات. وقُدرت التكلفة الاجتماعية لمرض الخرف في 2015 بـ 818 مليار دولار، وهو ما يعادل 1.1% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
يبدو أن إدارة الغذاء والدواء تحاول الوصول إلى حل بأي طريقة: وافقت الإدارة على أدوكانوماب عبر مسار "الاستخدام الطارئ"، والذي يستخدم للموافقة على الأدوية التي تلبي الاحتياجات الطبية غير الملباة بناء على مؤشرات (وليس ضمانات) من المتوقع أن يكون لها فوائد سريرية.
ما هي وجهة نظر إدارة الغذاء والدواء؟ قالت الإدارة في بيان إنها تتوقع "مردودا جيدا للتجارب السريرية" بعد الموافقة، مشيرة إلى أنها تعتقد أن "فوائد أدوكانوماب لمرضى ألزهايمر تفوق مخاطر العلاج". وأعلنت الإدارة أنها ستطلب من شركة بيوجين المصنعة للدواء إجراء مزيد من التجارب السريرية للتحقق من سلامته وفعاليته، مع إمكان سحبه من السوق إذا ثبت أنه غير فعال.
البعض يقولون إن الدواء مفيد: قال مريض يبلغ من العمر 68 عاما، وكان جزءا من التجارب، إن الدواء ساعده على تقليل الشعور بالارتباك، كما لاحظت أسرته تحسنا، وفقا لبي بي سي. وفي غضون ذلك، تلقى أول مريض مصاب بألزهايمر من خارج التجارب السريرية الجرعة الأولى من الدواء الوريدي الأسبوع الماضي.
من المحتمل أن يكون من السابق لأوانه استنتاج الحقيقة، لكن يبدو أن إدارة الغذاء والدواء قفزت إلى هذا الاستنتاج الذي ربما يعرض المرضى للخطر. ومع ذلك، فلا يوجد علاج دون مخاطر وآثار جانبية. وربما اتجهت الإدارة إلى الموافقة لوجود احتمال بأن يسهل الدواء حياة مرضى ألزهايمر وأحبائهم بعض الشيء على الأقل.