السر النفسي وراء انجذابنا لمنتجات أيكيا
تتعلق أسباب حبنا لمتاجر أيكيا بأكثر مما تراه العين: نعرف جميعا أيكيا، بتصميماتها الداخلية المتعرجة للمحلات والأثاث ذو الشكل المسطح، وبالطبع كرات اللحم السويدية. ولم يكن نجاح أيكيا من قبيل الصدفة، ويكمن الذكاء وراء العلامة التجارية في التفاصيل الدقيقة التي تشكل تجربة تسوق بأكملها. ولكن العامل المهم الذي ساهم في نجاح أيكيا قد لا يكون تنوع منتجاتها والقدرة على تحمل تكلفتها، بل حقيقة أننا نشارك في صناعتها، حسبما كتبت بي بي سي.
نحن جميعا تحت سحر "تأثير أيكيا": ظهر المصطلح لأول مرة في مقال بدورية عام 2011 يفترض أن "العمل يؤدي إلى الحب"، وهو بالضبط السحر الخفي لمنتجات أيكيا. والفكرة وراء "تأثير أيكيا" هي أن الناس يقيمون بشكل أعلى الأشياء التي ساعدوا في بنائها أو إنشائها. أضف إلى ذلك ميل العلامة التجارية إلى إعطاء اسم لكل منتج، وبدأ المستهلكون في رؤية ممتلكاتهم المادية كصديق عملوا على بنائه. وسرعان ما جرى استخدام "تأثير أيكيا" لتفسير جميع أنواع النجاحات أو الإخفاقات في تسويق المنتجات، وإثبات أن الراحة ليست دائما أهم شيء.
وتسبق تلك الفكرة أيكيا نفسها: الفكرة القائلة بأننا نقدر مجهودنا في عمل شيىء ما عما هو جاهز بالفعل انتشرت بعد تعيين عالم النفس إرنست ديختر من قبل بيتي كروكر في الخمسينيات من القرن الماضي لتحسين مبيعات خلطات الكيك الجاهزة. وبناء على توصية ديختر، جرى تعديل الوصفة لتتطلب إضافة بيضة، كشكل من أشكال العمل، وبعد ذلك تحسنت شعبية خليط الكيك بشكل كبير.
ولد مبدأ "اصنعه بنفسك" في أيكيا من واقع الضرورة: عندما أسس إنجفار كامبراد أيكيا في عام 1943 كمتجر للبريد حسب الطلب، كان ينظر إلى الأثاث على أنه ترف لا يستطيع الكثير من الناس تحمله. وجاء كامبراد بفكرة بارعة تتمثل في تفكيك قطع الأثاث وتعبئتها بشكل مسطح لتقليل تكاليف الشحن والتخزين، وفقا لصحيفة وول ستريت جورنال (شاهد، المدة 5:50 دقيقة). ولكن العيب الوحيد الذي انتهى به الأمر إلى كونه أحد أكبر مميزات إيكيا، أنه سيتعين على العملاء تركيب القطع بأنفسهم، وإن كان ذلك باستخدام الكتيبات والأدوات المتوفرة. وعلى الرغم من أن المستهلك العادي لم يكن معتادا على العمل، إلا أن الفكرة نجحت، وبدأ الناس في الاستمتاع بعملية تجميع شيء يمكنهم التباهي به في منازلهم.
السر النفسي وراء "تأثير أيكيا": يحتاج البشر إلى الشعور الذاتي بالكفاءة، وحتى تجميع طاولة جانبية يمكن أن يعزز إحساسنا بالكفاءة الذاتية، وفقًا لموقع ذا ديسيجن لاب. وسبب آخر لتأثير إيكيا هو نوع معين من التنافر المعرفي، والمعروف باسم تبرير الجهد. ويفسر تبرير الجهد لماذا يحب الناس رؤية الهدف الذي حققوه بعد أن عملوا عليه ووجدوه صعبا أو مرهقا. عند الانتهاء من تركيبها، تمثل هذا المنضدة الثمار المادية لعملنا الذي نربطه عقليا بإحساسنا بالإنجاز. وعلى الرغم من أن هذا ليس هو الحال دائما، إلا أنه غالبا ما يكون من الممتع جدا تجميع قطعة أثاث، مما يضيف طبقة أخرى من الذكريات السعيدة إلى المنضدة المذكورة أعلاه.
كما أن جعل المستهلكين يقومون بمزيد من العمل وهم أكثر سعادة بذلك هو حلم كل مسوق: ينعكس هذا المفهوم في شعبية الأشياء التي يصنعها المستهلك بنفسه بدءا من أدوات طبخ الوجبات يدويا وحتى لعبة الليجو.
ولكن هناك حدا للمدى الذي يمكن أن يصل إليه التأثير: يمكن أن يؤدي الفشل في تركيب قطع الأثاث بشكل صحيح أو إكمال المهمة المحددة إلى الإحباط، وربما المزيد من النفور من العلامة التجارية. وفي ورقة عام 2011 التي نشرت مصطلح "تأثير إيكيا"، لاحظ المؤلفون، في تجربة مصممة لاختبار التأثير، أن المشاركين الذين أمضوا وقتا طويلا في إكمال مهمتهم، وكانت في هذه الدراسة صنع أحد الأشكال بورق الأوريجامي، قدموا تقييمات أقل وكانوا أقل استعدادا لدفع ثمنها في مزاد تمثيلي. وقد يكون تركيب الأثاث بمقدار مناسب من التحدي، يمكن التغلب عليه، هو المفتاح لجعلنا نحبها إلى الأبد.