كيف غيرت مقترحات البحث على الإنترنت حياتنا؟
هل تساءلت من قبل عن أسباب قضائك ساعات طويلة في مشاهدة فيديوهات القطط على يوتيوب؟ يمكنك أن تلوم دكتور دوج المتميز: ما بدأ كأداة تبدو مفيدة صممتها مجموعة صغيرة من علماء الكمبيوتر لإعادة تنظيم البريد الإلكتروني حسب الأولوية، تطورت لتصبح القوة الأكبر تأثيرا على أذواقنا وتفضيلاتنا واهتماماتنا، إلى حد ينذر بالخطر. أحد المبتكرين التأسيسيين لمحركات الاقتراحات ومخترع زر "أعجبني"، يُدعى دكتور دوج المتميز، يشرح كيف تحولت فكرته من موفر إلى مهدر للوقت في هذه الحلقة من بودكاست بلانيت موني من الإذاعة الوطنية العامة الأمريكية (استمع 20:45 دقيقة).
جهد جماعي لاستعادة الوقت الثمين الضائع: عالقا في ساعات من قراءة رسالات البريد الإلكتروني يوميا في أوائل التسعينيات، كان دوج يبحث عن طريقة لفرز رسائله الواردة بشكل أفضل. وبدأ دوج بوضع عوامل تنظيم أساسية من شأنها إعطاء الأولوية لبعض رسائل البريد الإلكتروني على غيرها بناء على المرسل والموضوع. وفي وقت لاحق، أضاف أزرار "أعجبني" و "كرهت" والتي من شأنها أن تحدد بشكل أفضل أنواع البريد الإلكتروني التي يريد تجنبها. وفي وقت لاحق، انضم إليه أصدقاؤه، وقاموا بتقييم رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بهم، مما جعله يدرك أن صناديق البريد الوارد الخاصة بهم يمكن أن تصبح بشكل جماعي أفضل في تحديد ما هو مهم بالنسبة لهم، مما يقلل الوقت الذي يقضونه يوميا في الاطلاع على البريد الإلكتروني بمقدار النصف. وكان هذا الاكتشاف بمثابة بداية لما كان يسمى "الفلترة التعاونية" ومهد الطريق لشركات مثل نتفليكس ويوتيوب لتصبح عمالقة الإنترنت كما هي اليوم.
وفي 2006 عرضت نتفليكس مليون دولار لأي شخص يستطيع تحسين محركات بحثها ولو بنسبة 10%. وفاز بالمبلغ مجموعة دولية من الخبراء في تعلم الآلة سموا أنفسهم "بلكورز براجماتيك كيوس"، وذلك من خلال التوسع في نموذج الفلترة الذي ابتكره دوج، ليعتمد بشكل أكبر على الإحصاءات غير الواضحة لعادات المشاهدة، وما إذا كان شخص ما قد صنف أي شيء أم لا في الماضي.
إذا ما هي المشكلة؟ على الرغم من أنه لا يوجد خطأ في الحصول على توصيات أفضل للأفلام والموسيقى، فإن التحيز تجاه التعرض لما يسمى بالمحتوى المقترح يمكن أن يبدأ في التأثير على تفضيلاتنا الفعلية. وتشير بعض الأبحاث إلى أن الناس في بعض الأحيان يكونون أكثر عرضة لدفع أسعار أعلى بكثير لشراء الأغاني التي حصلت على تصنيف أعلى بشكل مصطنع عندما قيل لهم إنها تستند إلى تفضيلاتهم الشخصية.
يمكن أن تهدد محركات الاقتراحات قدرتنا على اتخاذ خيارات مستقلة: "يمكن أن تتعدى تلك المحركات على استقلالية المستخدمين الأفراد، من خلال تقديم توصيات تحفز المستخدمين في اتجاه معين لمحاولة دفعهم "لإدمان" بعض أنواع المحتوى، أو عن طريق الحد من مجموعة الخيارات المتاحة"، حسبما كتب مؤلفو دراسة حديثة. الأسئلة المتعلقة بالخصوصية، والمعايير التي تستند إليها المحركات التي تقدم التوصيات، و"عدالة" العملية بأكملها تشكل أيضا مخاوف.
هل نتجه نحو "ذوق موحد"؟ يمكن أن يبدأ الأشخاص أيضا في الابتعاد عن أزرار "الإعجاب وعدم الإعجاب" نحو ما يظهر من خلال التوصيات، والتي يمكن أن تصبح في النهاية هي نفسها بالنسبة للجميع. لا يزال البحث في الأسئلة الأخلاقية المحيطة بمحركات الاقتراحات في مهده، لكن البعض أثار مخاوف من أنها قد تؤدي إلى تفضيلات متجانسة بين المستهلكين، بحيث يشتري الجميع ويشاهدون ويستمعون إلى نفس الشيء. على العكس من ذلك، فإن "تأثير التشرذم" هو أيضا مصدر قلق، إذ تُبقي "التوصيات فائقة التخصص" المستهلكين محاصرين في أماكنهم، وتحد من نطاق تجربتهم للأفكار والمنتجات الجديدة.
ماذا نستنتج؟ تعتبر محركات التوصية مفيدة بالتأكيد، ولكن لا تدعها تحاصرك. قم بإعادة ترتيب قائمة مشاهداتك بين الحين والآخر عن طريق المغامرة بما يتجاوز الترشيحات الموجهة إليك والبحث عن الأشياء التي قد تعجبك من خلال آراء المستخدمين أو التوصيات من الأصدقاء والعائلة.