الموظف المتمرد قد يكون ميزة لصالح شركتك

قد لا يكون التمرد داخل الشركة أمرا سيئا في كل الأحوال: قد لا يبدو الأمر كذلك في البداية، ولكن قد يكون الموظفون المتمردون على النظام الراسخ في الشركات إضافة ضخمة لها. وغالبا ما يكون الأفراد الذين يمكن تصنيفهم على أنهم معارضون داخل منظمة ما مدفوعين بالرغبة في ابتكار الجديد، بدلا من الامتثال للنظام القائم، وهي ميزة يمكن أن تؤدي إلى التطوير والابتكار في مكان العمل، إذا جرت رعايتها بشكل صحيح بحسب بي بي سي.
حتى وكالة ناسا الفضائية الأمريكية فشلت قبل ذلك في رؤية فوائد الموظفين الذين يرفضون الامتثال للقواعد. ومع ذلك، كانت الروح القتالية هي التي قادت مجموعة من المهندسين الشباب، الذين عرفوا فيما بعد باسم القراصنة. لتولي التحكم في وكالة الفضاء وإحداث ثورة بها، كما جاء في موقع سلون ريفيو التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. فبعد أن أدركوا أن النظام المطبق لم يكن مجهزا بشكل جيد للتعامل مع تعقيد تحليق مكوك الفضاء، حاول "القراصنة" إقناع الإدارة العليا للتحكم في مهام ناسا بأنه هناك حاجة إلى التغيير. وجرى وضع برنامج جديد فقط بعد أن نجحوا في دفع الإدارة للتراجع عن تغيير الوضع الراهن، وهو ما أثبت تفوقه على سابقه ووفر على الوكالة 74 مليون دولار في التطوير وملايين الدولارات سنويا. ثم طُلب من "المهندسين المتمردين" تصميم نظام التحكم في مهام محطة الفضاء الدولية.
التمرد قد يعني الإبداع: قضى الطبيب النفسي بجامعة هارفارد ألبرت روتنبرج، أكثر من 50 عاما في دراسة ما إذا كانت هناك علاقة بين التمرد والإبداع لدى الأفراد الذين تمكنوا من تقديم مساهمات رائدة في العلوم والأدب والفنون. وبعد التحدث مع 22 من الحائزين على جائزة نوبل، استحدث روتنبرج عملية التفكير الجنوسية، وهي تقنية تنطوي على "تصور نشط لأضداد أو متناقضات متعددة في وقت واحد". بعبارة أخرى، أظهر هؤلاء الأفراد انحرافا أو انفصالا في الطريقة التي تعاملت بها عقولهم مع العالم من حولهم وبدلا من اتباع الحكمة الراسخة بشكل أعمى، غامروا بالذهاب إلى منطقة جديدة لفعل الأشياء بشكل مختلف. وخلص روتنبرج إلى أن جزءا أساسيا من هذه العملية الإبداعية هو "الانحراف أو الانفصال" عن النظام القائم. بعبارة أخرى، غامر هؤلاء الأفراد باتخاذ طريق جديد للقيام بالأشياء بشكل مختلف، بدلا من اتباع النظام الراسخ بشكل أعمى.
ولا تتقبل جميع المؤسسات أنماط التفكير المتمردة: غالبا ما يختار أصحاب الشركات خنق الأفكار التي يمكن أن تعطل النظام الثابت للعمل. وجاء على بي بي سي أن "التاريخ والثقافة يتآمران للحفاظ على تنفيذ الأمور بالطريقة نفسها التي جرى القيام بها دائما"، مما قد يعيد الشركة إلى الوراء بسبب خوف الإدارة من التغيير. وبدلا من تصنيف الموظفين المتمردين على أنهم مثيري الشغب، يجب على المؤسسات أن تخلق بيئة تسمح بالمساحة والتمويل والوقت لمتابعة الأفكار الجديدة التي لديها القدرة على الابتكار أو زيادة الكفاءة، حتى لو كان ينظر إليها على أنها مجنونة في ذلك الوقت.
يعني تقبل التغيير أيضا تقبل الإخفاقات الإيجابية: ما ينظر إليه على أنه أخطاء اليوم، يمكن أن يؤدي إلى انتصارات كبيرة غدا، والأهم من ذلك تحقيق الكثير من الأرباح. ففي حين أن هذا المثل قد يجعلك تندهش، فإن العديد من المنتجات التي تستخدمها على أساس يومي كانت تعتبر في يوم من الأيام أخطاء، من المصابيح الكهربائية إلى أوراق الملاحظات. وتميل المنظمات إلى معاقبة الموظفين الذين يرتكبون أخطاء وينتهي بهم الأمر بخلق ثقافة تجنب المخاطر، ولكن هناك طرقا لإدارة الأخطاء لضمان أن النتائج الإيجابية ستتبعها قريبا، بحسب مجلة فوربس. ويجب على المديرين تشجيع الشفافية حول الأخطاء من أجل إيجاد الحلول بشكل جماعي وتنظيم عمليات المحاكاة والانفتاح على المنتجات الجديدة ولكن مع تحديد إطار زمني للمحاولة.
لكن التمرد وحده لا يكفي لإطلاق العنان للإبداع: خلصت دراسة في هولندا العام الماضي، شملت 156 موظفا، إلى أنه لا توجد علاقة مباشرة بين التمرد والإبداع بشكل عام، ولكن كان هناك ارتباط خطي بين الاثنين عندما جرى إقران التمرد مع ما أسمته الدراسة "التركيز على الترقية". لذا فإن الفوائد الإبداعية الحقيقية للتمرد لا تظهر إلا عندما يكون الفرد موجها نحو الهدف ومحفزا وحريصا على تطوير نفسه والمنظمة. ومع ذلك، خلص مؤلفو الدراسة إلى أن "بعض من الشخصية غير المرغوب فيها اجتماعيا قد تسهل في الواقع على الموظفين تحقيق نتائج قيمة".