بطاريات الليثيوم تعود بقوة لتغيير شكل الطاقة في المستقبل
ستعود بطاريات الليثيوم التقليدية بقوة في المستقبل، بعد أن شغلت هواتفنا وأجهزة الكمبيوتر المحمولة على مدار العقدين الماضيين. وسيغير التوسع في استخدام البطاريات في قطاعات مختلفة من الطريقة التي نستهلك بها الطاقة في حياتنا اليومية، لتقلل من اعتمادنا على الوقود الأحفوري وتحول صناعة السيارات على وجه الخصوص، وتهدد بتعطيل نمط الاعتماد على الإنتاج الفوري للكهرباء حاليا.
وتتجه صناعة السيارات بقوة لليثيوم، وذلك بدافع من انخفاض أسعار البطاريات بفضل الطلب المتزايد عليها خلال العقد الماضي. وتسارع الطلب على البطاريات مع اتجاه شركات صناعة السيارات لدخول سوق السيارات الكهربائية في غضون 5 سنوات المقبلة، والتي تبلغ تكلفتها نفس تكلفة السيارات العاملة بالغاز. وتعد صناعة السيارات الكهربائية هي السبب الأكبر حاليا لزيادة الطلب على البطاريات وتستهلك ثلثي إنتاج العالم من بطاريات الليثيوم، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم بثلاثة أرباع بحلول عام 2030.
ويتجه الطلب لمزيد من النمو، فتقول شركة تويوتا إنها تخطط لتحقيق نصف مبيعاتها على الأقل من السيارات الكهربائية بحلول عام 2025، وتخطط جنرال موتورز للتخلص التدريجي من السيارات التي تعمل بالغاز بحلول عام 2035. ومن المتوقع أن تشكل السيارات التي تعمل بالبطاريات 22% من السيارات الجديدة المباعة في عام 2025 وفقا لـ تقديرات دويتشه بنك، ارتفاعا من 4% عام 2017.
توسيع نطاق شبكة الطاقة وتجهيزها: ولا ينتهي طموح بطاريات الليثيوم عند المركبات الكهربائية، فيتم استخدام نفس تكنولوجيا البطاريات في بعض شبكات الطاقة، ويجري حاليا إنشاء بطارية من 2.5 مليون خلية ليثيوم في فلوريدا، والتي يقول صانعوها إنها ستكون قادرة على تشغيل ملاهي ديزني لمدة 7 ساعات. وسيزيد الاستخدام المتكرر للبطاريات في شبكة الكهرباء من قدرتنا على توليد الطاقة ثم تخزينها للاستخدام المستقبلي، وسوف يلغي الحاجة إلى استخدام أجهزة "الذروة"، وهي مرافق حرق للغاز الطبيعي لعدة ساعات عندما يبلغ الطلب ذروته في يوم شديد الحرارة أو البرودة.
ويمكن أن تكون الابتكارات في مجال تصنيع البطاريات مهمة للغاية، فتعتمد بطاريات الليثيوم التقليدية على حركة أيونات الليثيوم عبر سائل من القطب الموجب إلى القطب السالب لتفريغ الطاقة، وبالتالي توليد الطاقة. لكن المزيد من الابتكارات في مجال تكنولوجيا البطاريات تلوح في الأفق، مثل محاولات تطوير بطارية صلبة قابلة للتحجيم، والتي لا تعتمد على سائل إلكتروليت كموصل مما من شأنه أن يسمح لشحن البطاريات والسيارات بشكل أسرع. وهذه البطاريات معروضة بالفعل من قبل شركة كوانتمسكيب الأمريكية ، التي قالت في ديسمبر الماضي إنها طورت بطارية يمكن شحنها بنسبة 80% في 15 دقيقة مقابل 40 دقيقة سابقا.
هل يمكن أن يؤدي الاعتماد المتزايد على البطاريات إلى تحول في موازين القوى الجيوسياسية للطاقة؟ فالابتعاد عن الوقود الأحفوري يمكن أن يمنح آسيا ميزة تنافسية هائلة، حيث تنتج القارة ما يقرب من 65% من بطاريات الليثيوم في الصين. وسارعت الشركات الأمريكية والأوروبية للدخول في هذه الصناعة، فأطلق الاتحاد الأوروبي تحالف البطاريات الأوروبي في عام 2017 لزيادة العرض والقدرة التنافسية لإنتاج البطاريات في القارة. ويتم استخراج الليثيوم، الضروري لإنتاج البطاريات، في الغالب في أستراليا وتشيلي، مع بعض الإنتاج من الولايات المتحدة. ولكن الأمر يتوقف على من لديه قدرة وصول أرخص إلى سلاسل تصنيع البطاريات. إذا، فيمكن لتوفير المواد الخام والتحكم في عملية تصنيع البطاريات وكذلك الابتكارات الجديدة في أنواع البطاريات أن يكون مفتاح التحكم في قطاعات الطاقة في المستقبل.