مستقبل مبهر لسوق توصيل البقالة عبر الإنترنت
ربما تراجعت في السابق عن تناول وجبة خفيفة أثناء الليل لمجرد التفكير أنه ينبغي عليك الذهاب للسوبر ماركت. لكن ذلك تغير الآن، إذ جعلت تطبيقات توصيل البقالة للمنازل هذه المهمة شيئا من الماضي. واستفاد جيل جديد من الشركات الناشئة من سوق توصيل طلبات البقالة عبر الإنترنت الذي يتطور بوتيرة سريعة والذي تقدر قيمته بتريليون دولار في الولايات المتحدة وأكثر من تريليوني يورو في أوروبا، حيث أطلقت هذه الشركات تطبيقات تتعهد بتوصيل طلبات العملاء في غضون دقائق، وفق صحيفة فايننشال تايمز. وانتشر الطلب على الوجبات والبقالة من خلال خدمات التوصيل انتشارا هائلا خلال جائحة "كوفيد-19"، إذ تشير تقديرات مورجان ستانلي إلى أن سوق توصيل طلبات الطعام عبر الإنترنت بلغ 45 مليار دولار في 2020 في الولايات المتحدة فقط.
ما ميزة هذه التطبيقات؟ تطبيقات توصيل الطلبات للعملاء عبر الإنترنت، التي بدأت في اكتساب زخم من إغلاق المتاجر واقتصارها على طلبات التوصيل خلال جائحة "كوفيد-19"، مستوحاة من منصات الطعام التقليدية الموجودة في المطاعم ومحلات الوجبات السريعة لكن مع بعض الاختلافات، إذ أنه يمكنك اعتبارها بمثابة محل وجبات سريعة في متناول يديك، يقوم بتوصيل طلبات الطعام الضرورية فضلا عن البضائع الأخرى مثل المنظفات ولوازم الحيوانات الأليفة ومستحضرات التجميل حيث سيكون الحصول عليها أسرع من التوجه إلى المحلات بنفسك. وهذه التطبيقات قادرة على توصيل إمدادات مختلفة من أكثر من مكان، فيما يخزن بعضهم الإمدادات الخاصة بهم.
ما الذي يتطلبه الأمر للحفاظ على سرعة التوصيل؟ يحتاج الأمر إلى مستودعات صغيرة وأسطول من مندوبي التوصيل وعدد لا يحصى من السلع الاستهلاكية الأساسية والكثير من العملات النقدية، حسبما أضافت الصحيفة. ويعد تعزيز سرعة التوصيل والحصول على سلسلة الإمدادات عاملا أساسيا لتعزيز مكانتك في السوق، وقد يترتب على نجاحك التوسع خارجا وزيادة حجم التمويل الخارجي المطلوب للتوسع للشركات التي تؤدي خدماتها إلى شركات (B2B) والشركات التي تؤدي خدماتها إلى أفراد (B2C).
كما أن إنشاء ما يعرف بـ "متاجر الظل" يعد خطوة أساسية للنجاح. هناك عدد من الشركات الناشئة مثل شركة جوباف التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها في طريقها لتصبح واحدة من أهم الشركات الفاعلة في المجال بسبب إنشاءها مراكز محلية تُستخدم فقط في توصيل الطلبات التي تتم عبر الإنترنت، والتي تسمى بـ متاجر الظل" أو "دارك ستورز" ذلك لأنها ليست مفتوحة للجمهور وتستخدم فريقها الخاص من مندوبي التوصيل. واكتسبت متاجر الظل زخما في عالميا، إذ تتعهد شركة جوريلاز الألمانية، والشركتان البريطانيتان ديجا وويزي والشركة الفرنسية كاجو بتوصيل طلبات العملاء في غضون دقائق.
ويسارع المستثمرون للحاق بالركب، إذ ضخوا نحو 14 مليار دولار في تطبيقات توصيل "الاحتياجات الفورية" منذ بداية الجائحة منذ أكثر من عام مضى. وقالت صحيفة فايننشال تايمز نقلا عن بيانات من شركة الأبحاث بيتش بوك داتا إنه جرى جمع تمويلات من تطبيقات التوصيل السريع في الربع الأول من عام 2021 أكثر من التي جمعت في عام 2020 بأكمله. وجمعت شركة جيتر الناشئة التي تتخذ من تركيا مقرا لها والتي تتعهد بتوصيل طلبات البقالة في متوسط وقت مدته 10 دقائق، 300 مليون دولار في مارس، بعد شهرين من الحصول على تمويل منفصل بقيمة 128 مليون دولار. شركة أخرى وهي جوريلاز، أصبحت أسرع شركة ناشئة أوروبية تنضم إلى قائمة شركات الـ "يونيكورن" عندما حصلت على 290 مليون دولار في جولة تمويل ثانية على الرغم من تأسيسها منذ أقل من عام فقط.
هل تبحث عن وصفة أخرى للنجاح؟ يمكنك الاطلاع على استراتيجية النمو لدى شركة دوور داش: انتعشت الشركة الناشئة المتخصصة في مجال توصيل الطعام والتي تتخذ من سان فرانسيسكو مقرا لها، من الركود الذي عانته في عام 2016 من خلال تحديد فجوة في السوق واستهداف الضواحي بدلا من المدن الداخلية المشبعة بهذه الخدمات. كما تستخدم دوور داش تقنيتها في تقديم يد العون للمطاعم الشريكة لها وتزويدها ببيانات متقدمة لمساعدتها في فهم سلوك المستهلكين. وتهيمن الشركة الآن على حصة سوقية في سوق التوصيل من طرف ثالث في الولايات المتحدة، والتي تتزايد بثبات، فقد استحوذت على 35% من إنفاق المستهلكين في سوق التوصيل من طرف ثالث في الولايات المتحدة في أكتوبر 2019، وبحلول مارس 2021 ارتفعت هذه النسبة إلى 55%، وفقا لشركة بلومبرج سكند ميجر.
تزداد شعبية الاستثمار في تطبيقات التوصيل للمنازل: رغم أن الظهور الأول لشركة ديليفرو في بورصة لندن لم يكن ناجحا إذ انخفض الاكتتاب العام الأولي لشركة توصيل الطعام في المملكة المتحدة بنسبة 30% عن التقييم الافتتاحي البالغ 7.6 مليار جنيه إسترليني في اليوم الأول للتداول، إلا أن معظم المستثمرين كانوا واثقين من نجاح النسخة الجديدة من خدمات التوصيل للمنازل، ولن يكون تصرفا حكيما منهم أن يتراجعوا عن خططهم بالاستثمار في هذه السوق على خلفية "أسوأ اكتتاب عام لشركة ديليفرو في تاريخ لندن"، والذي تعود أسبابه إلى "أوجه القصور في سوق الطروحات بلندن،" وفق ما قالته مؤسسة شركة رأس المال مغامر بريطانية لصحيفة فايننشال تايمز. ولدى المستثمر الرائد دومينيك لوشر الشعور نفسه، إذ يقول إن المستثمرين لن يخشوا المضي قدما في خططهم ذلك لأن سوق توصيل الطلبات إلى المنازل سوق كبيرة.
ويعد مجال خدمات توصيل الطلبات للمنازل عبر طرف ثالث سوقا مزدهرة في مصر الآن: ازدادت معدلات خدمات التوصيل من بينها توصيل الطعام للمنازل في ظل جائحة "كوفيد-19". وشهد العام الماضي وحده تغيير العلامة التجارية "اطلب" إلى "طلبات" بعد أن اشترتها شركة الطلبات الألمانية هيرو، والتي استحوذت الصيف الماضي أيضا على المنصة الإماراتية لشراء البقالة عبر الإنترنت إنستاشوب مقابل 270 مليون دولار. تعمل إنستاشوب في مصر والإمارات وقطر والبحرين ولبنان. وفي غضون ذلك، بدأت الشركة الناشئة الكويتية زيدا أنشطتها في مصر في فبراير، إذ تخطط لاستثمار مليوني دولار، هذا بالإضافة إلى تطبيق كوينز لطلب الطعام الذي جمع 4.8 مليون دولار في جولة أولية في مارس الماضي. كما شهد تطبيق جودز مارت، المتخصص في توصيل البقالة إلى المنازل عبر الإنترنت والذي تلقى استثمارات في جولتين تمويليتين من ألجبرا فينشرز خلال الأربعة أعوام السابقة، زيادة ضخمة في الطلب خلال فترة الجائحة.