أخبار جيدة لأمريكا والصين من منظمة التعاون الاقتصادي وسيئة لبقية العالم
أصدرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية آخر توقعاتها الاقتصادية العالمية، والتي تحمل أخبارا جيدة وأخرى سيئة. الأخبار الجيدة أن الاقتصادات الأكثر تقدما في العالم تبدو مستعدة لتحقيق تعافي أقوى من المتوقع، والعودة إلى مستويات ما قبل الجائحة بحلول العام المقبل. أما الأخبار السيئة فهي أن معظم الدول الأخرى ستعاني.
نبدأ بالأخبار الجيدة: تشير توقعات المنظمة إلى نمو الاقتصاد العالمي بنسبة 5.8% خلال عام 2021، ما يمثل قفزة ضخمة عن توقعاتها في ديسمبر الماضي بنمو قدره 4.2%. ويمكن أن يتبع ذلك نمو بنسبة 4.4% في عام 2022، وهو ما تشير المنظمة إلى أنه سيعيد الاقتصاد العالمي إلى مستويات ما قبل الوباء. سبب الانتعاش كما تراه منظمة التعاون الاقتصادي هو تكثيف الاقتصادات المتقدمة لعمليات التطعيم، وإطلاق الولايات المتحدة حزمة التحفيز المالي الضخمة.
قفزات أمريكية وصينية: ستدفع اللقاحات والحزم المالية الاقتصاد الأمريكي إلى النمو بنسبة 6.9% هذا العام، مما يساعد على إعادة متوسط دخل الفرد إلى مستويات ما قبل الوباء بحلول النصف الثاني من عام 2021. ويعد هذا انتعاشا سريعا بشكل مفاجئ، بالنظر إلى ما شهدته أمريكا قبل عام واحد فقط من معدلات بطالة غير مسبوقة تاريخيا، وزحاما على منافذ الإعانات يشبه ذلك الذي حدث وقت الكساد الكبير. سيضع هذا الاقتصاد الأمريكي على طريق العودة إلى حجمه الذي كان عليه قبل تفشي الفيروس بحلول أواخر عام 2022. وعلى الجانب الآخر من العالم، شهدت الصين انتعاشا اقتصاديا سريعا بعد الانتكاسة في بداية انتشار الجائحة. وتتوقع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن ينمو الاقتصاد الصيني بنسبة 8.5% و5.8% خلال عامي 2021 و2022 على التوالي.
أوروبا تستغرق وقتا أطول قليلا: تتوقع المنظمة أن تستغرق معظم الدول الأوروبية ما يقرب من ثلاث سنوات للتعافي، إذ من المرجح أن يرتفع الإنتاج بنسبة 4.3% في عام 2021 و4.4% في عام 2022. الجانب المشرق أن تكثيف معدلات التطعيم سمح للحكومات الأوروبية بالبدء في رفع القيود خلال الأسابيع الأخيرة، مما أدى إلى تسريع خطة التعافي "البطيئة". وأشارت المنظمة أيضا إلى أنه يمكن تخفيف حدة المخاطر الناتجة عن ارتفاع مستوى الديون لدى الشركات الصغيرة والمتوسطة، لا سيما في الدول الأوروبية، عن طريق تحويل بعض التمويلات المرتبطة بالوباء إلى منح، مع اشتراط السداد على أساس الأداء والتقييمات المنتظمة للجدوى.
الأخبار السيئة: قالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إن التعافي سيكون "كبيرا لكن غير متكافىء"، إذ أن هناك خطر الفشل في وصول اللقاحات المضادة لـ "كوفيد-19" للدول الناشئة والفقيرة. وأعربت رئيسة صندوق النقد الدولي كريستينا جورجيفا عن قلقها بشأن أن تتسبب "الجائحة ذات المسارين في انتعاش اقتصادي ذو مسارين أيضا"، إذ ستعاني جميع البلاد من العواقب السلبية لذلك، إذ أدى عدم المساواة في توزيع اللقاحات إلى انتعاش الدول الغنية وانتعاش ضعيف في الاقتصادات النامية. وعلى سبيل المثال، من المتوقع أن تشهد الهند التي تعاني حاليا من قفزة في الإصابات والوفيات، عودة معدلات النمو لمستويات ما قبل الجائحة بوتيرة أبطأ، مع توقعات بانخفاض الإنتاج بنسبة 10% عن التوقعات التي صدرت في نوفمبر 2019.
سد فجوة المساواة في توزيع اللقاحات يعد حلا ممكنا: دعت منظمة الصحة العالمية ومنظمات أخرى الدول للمشاركة في خطة صندوق النقد الدولي البالغ قدرها 50 مليار دولار والتي تهدف إلى تطعيم 40% على الأقل من سكان العالم بحلول نهاية 2021، فيما سيجري تطعيم الـ 60% الباقية خلال النصف الأول من عام 2022. وعادت المنظمة مؤخرا لتؤكد أهمية رفع الحقوق الملكية الفكرية عن اللقاحات المضادة لـ "كوفيد-19"، وهي خطوة من شأنها أن تعزز الإمدادات العالمية وتضمن الوصول العادل للقاحات للدول الأشد فقرا. ودعمت الولايات المتحدة المقترح، لكن عارضه الاتحاد الأوروبي وكندا وسويسرا.
التركيز على قطاعي الصحة والتعليم سيساعد أيضا في تسريع التعافي: قالت كبيرة الاقتصاديين لدى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لورنس بوون لصحيفة فايننشال تايمز إنه "من الخطير الاعتقاد أن الحكومات تفعل ما يكفي لتعزيز النمو والدفع به إلى مسارات أفضل". وساعدت الحزم التحفيزية التي أقرتها العديد من الحكومات في الحفاظ على مستويات دخل مواطنيها، لكن الجائحة سلطت الضوء على أهمية تحسين الأنظمة الصحية والتعليمية، فضلا عن أهمية التحول الرقمي والتحول الأخضر. وأضافت بوون أن الدعم الذي تقدمه الحكومات لا بد أن يكون أكثر تحديدا لأهدافه، وأن يركز على الاستثمار.