المجموعة المالية هيرميس تستعرض خططها بعد التحول لبنك شامل
لم يكن هناك سوى عدد قليل من الصفقات التي جرى متابعتها عن كثب في قطاع البنوك والخدمات المالية في مصر، وكان من بينها صفقة استحواذ المجموعة المالية هيرميس على حصة مسيطرة في بنك الاستثمار العربي، وذلك بالشراكة مع صندوق مصر السيادي. فهل كان صندوق مصر السيادي جادا بشأن الشراكة بين القطاعين العام والخاص؟ وهل كان لدى إدارة المجموعة المالية هيرميس رؤية لإنجاح الصفقة في حين لم ينجح عرضها السابق مع بنك عودة؟ وماذا عن استيفاء مع المتطلبات التنظيمية؟
الإجابة عن كل هذه الأسئلة هي “نعم” بالتأكيد، بعد أن أعلنت الشركة نهاية الأسبوع الماضي الاستحواذ على حصة حاكمة كبيرة تبلغ 76% في بنك الاستثمار العربي في صفقة بقيمة 3.8 مليار جنيه. وجاءت الصفقة بالشراكة مع صندوق مصر السيادي، لتمثل نجاحا كبيرا لجهود الحكومة المصرية لإظهار جديتها فيما يخص الشراكة مع القطاع الخاص وإطلاق العنان لمزيد من النمو.
الصفقة باختصار: بمجرد إتمام عملية البيع، ستصبح المجموعة المالية هيرميس المساهم المسيطر في بنك الاستثمار العربي بحصة قدرها 51%، في حين سيحصل صندوق مصر السيادي على حصة تبلغ 25% في البنك من خلال صندوقه الفرعي للخدمات المالية والتحول الرقمي. وسيحتفظ بنك الاستثمار القومي المملوك للدولة بحصة 24% في رأسمال بنك الاستثمار العربي بعد إتمام الصفقة، بعد أن كان مهيمنا في السابق على حصة قدرها 91.4%. ويمكنكم معرفة المزيد حول الصفقة من هنا، وأيضا من هنا. وأكد الرئيس التنفيذي للمجموعة كريم عوض أنه يجب الانتهاء من صفقة الاستحواذ في الربع الثالث من 2021، وفقا للشروط المعتادة لما بعد الاستحواذ وموافقات الجهات التنظيمية بما في ذلك البنك المركزي المصري.
آفاق كبيرة أصبحت الآن أمام المجموعة المالية هيرميس، بعد أن تحولت من “سمكة ضخمة في بحيرة صغيرة” (ونقصد بالبحيرة هناك قطاع خدمات بنوك الاستثمار في مصر) إلى بنك شامل يقع مقره في القاهرة ولديه عمليات في 13 دولة بأربع قارات. وتمكنت المجموعة تحت قيادة الرئيس التنفيذي كريم عوض من إنشاء منصة رائدة للخدمات المالية غير المصرفية في السوق، والتي تقدم خدمات التأجير والتخصيم والمدفوعات والتمويل الاستهلاكي والإقراض العقاري والتمويل المصغر والتأمين تحت سقف واحد. أصبح الآن مسؤولو بنوك الاستثمار والوسطاء الماليون ومديرو الأصول بالمجموعة يذهبون إلى العمل يوميا في القاهرة ولندن ونيويورك – وفي دبي وأبو ظبي والرياض ونيروبي ولاجوس. والآن، هيرميس على وشك إضافة بنك تجاري إلى كيانها الكبير.
أجرينا مقابلة حصرية مع عوض للحديث حول الخطوات التالية للمجموعة المالية هيرميس وللقطاع المالي في مصر. وسنعرض لكم مقتطفات من المقابلة على النحو التالي: الجزء الأول، الذي يغطي صفقة الاستحواذ على بنك الاستثمار العربي، سيكون في نشرة إنتربرايز الصباحية اليوم. أما الجزء الثاني، والذي يركز بشكل كبير على القطاع المالي في مصر، سيكون في إصدار اليوم من نشرة إنتربرايز المسائية.
ومن بين النقاط الرئيسية في الجزء الأول من المقابلة:
- تتعلق صفقة بنك الاستثمار العربي بالبيع المتقاطع والتحالفات، وليس انخفاض تكاليف التمويل – ليس هناك أي نية لتغيير طريقة عمل الأشياء أو العلاقة بين البنوك التي تعمل معها شركات الخدمات المالية غير المصرفية.
- كانت الشراكة مع صندوق مصر السيادي بمثابة “تجربة رائعة”، وكان صانعو السياسات الرئيسيون داعمين لهذه الصفقة.
- كيف كانت ردة فعل المستثمرين؟
وفيما يلي النقاط الرئيسية في الجزء الثاني:
- هل ما زالت المجموعة المالية هيرميس تركز على الاستثمار؟
- هل سيأخذ عوض ذراع الخدمات المالية غير المصرفية إلى خارج مصر؟
- ما هي الخطوة التالية لبنك الاستثمار المجموعة المالية هيرميس؟
- ما الذي سيعيد المستثمرين الأجانب إلى السوق المحلية؟
- لماذا يشعر عوض بالحماس الشديد إزاء حالة سوق أدوات الدين المحلية؟
إنتربرايز: ما الذي قمتم به؟
كريم عوض: نحن بصدد إنشاء كيان شامل للخدمات المالية بكافة أنواعها لكل الفئات، سواء كنت عميلا من الشركات أو مستثمرا مؤسسيا أو مستثمرا فردا. لعلك تتذكر عندما كنا نتحدث في البودكاست (استمع 34:07 دقيقة)، وقلت إننا نريد تحويل الشركة من مجرد بنك استثمار إلى منصة يمكنها تقديم المزيد من الخدمات للعملاء. هذا ما كان يدور في ذهننا. من حلول التأجير وحتى الاكتتابات العامة أو القروض طويلة الأجل للشركات. ومن خدمات الوساطة من خلال تطبيقنا أو من خلال فروعنا، إلى القروض الشخصية أو التأمين أو الرهن العقاري أو التمويل الاستهلاكي.
إنتربرايز: ماذا سيحدث للعلامة التجارية لبنك الاستثمار العربي؟ هل سنرى بنك المجموعة المالية هيرميس؟
عوض: أعتقد أنه من المبكر نوعا ما أن نناقش أشياء مثل العلامة التجارية، ولكن ما هو واضح لنا هو أن هناك الكثير من الإمكانات لدى بنك الاستثمار العربي. إنه بنك جيد يتمتع بإمكانيات جيدة – كما أن به فريق إداري جيد قام ببناء بنية تحتية قوية تتضمن شبكة فروع جيدة ونظاما مصرفيا أساسيا مناسبا. ستؤدي قدرتنا على الدفع بعمليات البيع المتقاطع إلى إنشاء علامة تجارية أقوى في المستقبل، وهي علامة تجارية ستخلق لنفسها مكانة في السوق بغض النظر عن اسمها كما ستقدم لعملائها عرضا متميزا لمنتجاتها.
إنتربرايز: البيع المتقاطع أمر صعب، والمؤسسات تواجه صعوبات معه سواء كان ذلك نتيجة للنمو أو الاندماج والاستحواذ أو الدخول في مجال جديد. هل أنت سعيد بكيفية تعامل المجموعة المالية هيرميس مع هذا الأمر؟
عوض: أشعر بالرضا بشكل متزايد، نعم. لقد نجحنا بشكل خاص مع عملائنا من الشركات، حيث ترى فريق بنوك الاستثمار لدينا يناقشون الاستراتيجيات والحلول التي يمكن أن تشمل حلول بنوك الاستثمار التقليدية، ولكن أيضا، على سبيل المثال، التخصيم والتأجير. لقد قمنا بهذا في عدد من الصفقات الكبيرة، لا سيما في الربعين الماضيين.
نحن نود أن نرى المزيد من ذلك في جانب التجزئة. أنا لست على نفس القدر من الرضا عما وصلنا إليه في هذا الجانب، ولكن الأمر يستغرق وقتا حتى تتكامل الشركات وتبدأ في التحدث مع بعضها البعض. إن التأجير والتمويل هما السبيلان الذين نستكشفهما في هيرميس لحلول الشركات، فهما يعرضان ما هو ممكن، وسنصل إلى هناك في جانب الخدمات المالية غير المصرفية، وفي النهاية، في الجانب المصرفي.
إنتربرايز: ما الذي ينقص المنصات المصرفية أو منصات الخدمات المالية غير المصرفية؟
عوض: لدينا بالفعل كل شيء بدءا من الرهن العقاري والتأمين وحتى التأجير والتخصيم والتمويل الاستهلاكي والتمويل الأصغر والمدفوعات كل هذا تحت سقف واحد. الشيء الذي يمكن للبنك أن يقدمه هو تلقي الودائع، وكذلك الإقراض ببطاقات الائتمان وتقديم القروض الشخصية وقروض الشركات. وفي سوق سريعة النمو مثل مصر، ليس ثمة منافسة بين شركات الخدمات المالية غير المصرفية وشركات الخدمات المصرفية التجارية – فهناك مساحة كبيرة للنمو، وإذا ما تعاونت هذه الشركات معا، فسيكون هذا التآزر أمرا رائعا.
إنتربرايز: ما مدى أهمية هذه الخطوة في تقليل التكلفة الإجمالية للتمويل من خلال القدرة على تلقي الودائع؟
عوض: ليس هذا هو الهدف على الإطلاق. الأمر يتعلق بالبيع المتقاطع وتعزيز القدرات. فعلى سبيل المثال، يعد ذراع هيرميس للخدمات المالية غير المصرفية ممولا بشكل جيد للغاية من خلال البنوك، ولن تكون هناك أية تغييرات من أي نوع في هذا الجانب. إذا كان البنك يريد إقراض شركات التأجير أو التخصيم التابعة لنا، وإذا كان ذلك مسموحا به ضمن الإطار التنظيمي وأيضا ضمن قواعدنا الخاصة بالمعاملات مع الأطراف ذات الصلة، فليكن ذلك. المجالات التي نرى أنها يمكنها مساعدة البنك هو أنه يمكننا مساعدته في الوصول إلى المزيد من التمويل الأصغر، ومساعدته على تحقيق هدفه المتمثل في تخصيص 25% من القروض للشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة بموجب توجيهات البنك المركزي المصري.
إنتربرايز: كيف كانت ردة فعل المستثمرين تجاه الصفقة؟
عوض: المساهمون لدينا على ثقة بالمسار الذي تسير فيه مجموعتنا – نحن فريق إدارة يتسم بالصبر بمعنى أننا نحاول بناء أسس متينة. نحن نقوم بخلق القيمة لمساهمينا، ولكن بطريقة مستدامة. عندما بدأنا هذا المسار، كنا بنك الاستثمار رقم 1، وقمنا برسم سلسلة من الخطوات التي من شأنها أن تعزز أرباحنا وتيسرها. وهذا هو السبب الذي دفعنا أكثر نحو جانب الشراء، ولهذا السبب أطلقنا ذراع الخدمات المالية غير المصرفية وهذا هو السبب في أننا نمضي قدما الآن مع بنك الاستثمار العربي.
إنتربرايز: كيف تبدو تجربة الشراكة مع الصندوق السيادي؟
عوض: لقد كانت تجربة رائعة. نحن على توافق تام مع الفريق في صندوق مصر السيادي فيما يتعلق بكل شيء تقريبا – ما نريد القيام به مع البنك، ورؤيتنا للمستقبل. لقد كانوا مفيدين وداعمين حقا. أرى أيضا أنه من المهم لمجتمعنا أن يدرك مدى الجدية التي يتعامل بها صندوق مصر السيادي مع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وأن يدرك أيضا أننا حصلنا على الدعم الكامل من محافظ البنك المركزي طارق عامر ووزيرة التخطيط ورئيس صندوق مصر السيادي الدكتورة هالة السعيد، وأيضا من جانب رئيسة مجلس إدارة مجموعتنا الدكتورة منى ذو الفقار.
لا يفوتكم الجزء الثاني من المقابلة في نشرة إنتربرايز المسائية ظهر هذا اليوم. نستكشف معكم جهود المجموعة المالية هيرميس لدخول مجال الخدمات المصرفية التجارية والاستثمار المباشر، إضافة إلى التوسع في الخارج من خلال ذراعها للخدمات المالية غير المصرفية. يناقش عوض أيضا مستقبل سوق الدين، والعراقيل التي تواجهها المؤسسات الأجنبية عند الاستثمار في مصر.